أوكرانيا: تهديد بـ «حالة الطوارئ» بعد احتلال المتظاهرين وزارة العدل

الإدارة الإقليمية مشلولة في 14 من المناطق الـ25 بسبب المتظاهرين

محتج أوكراني أمام أحد المتاريس وسط العاصمة كييف (أ.ب)
TT

هددت السلطات الأوكرانية، أمس، بفرض حالة الطوارئ، بعد أن احتل متظاهرون في كييف ليلا مقر وزارة العدل, فيما توسعت حركة الاحتجاج إلى المناطق الأخرى على الرغم من عرض الرئيس على المعارضة قيادة الحكومة. ويأتي اختبار القوة الجديد عشية افتتاح جلسة استثنائية للبرلمان الأوكراني مخصصة لبحث الوضع السياسي واجتماع قمة يبدو أنه سيكون صعبا بين الاتحاد الأوروبي وروسيا لتوتر العلاقات بينهما بسبب أزمة أوكرانيا وتبادل الاتهامات بالتدخل فيها.

وأعلنت وزيرة العدل الأوكرانية أولينا لوكاش المشاركة في المفاوضات بين المعارضة والرئيس فيكتور يانوكوفيتش, أمس، للتلفزيون أنها ستطالب بوقف هذه المحادثات إن بقي المحتلون داخل مبنى الوزارة الواقع في وسط المدينة.

وقالت لوكاش محذرة: «سأضطر للطلب من الرئيس الأوكراني وقف المحادثات إن لم يجرِ إخلاء (مقر الوزارة) على الفور، وإن لم تُعط فرصة للمفاوضين لإيجاد حل سلمي للنزاع», كما حذرت من أنها ستطلب من مجلس الأمن القومي الأوكراني «مناقشة فرض حالة الطوارئ».

وبعد أن أخرجوا ليل السبت الأحد مئات العناصر من قوات الأمن المنتشرين في متحف قريب من المكان, اجتاح عشرات المعارضين المتطرفين مساء أول من أمس وزارة العدل، واحتلوها من دون أن يواجهوا أي مقاومة.

ثم أقاموا حواجز حول المبنى بأكياس من الثلج والنفايات, ليوسعوا بذلك المنطقة التي يحتلونها حول ساحة الاستقلال مركز الحركة الاحتجاجية التي اندلعت قبل أكثر من شهرين، على أثر رفض رئيس الدولة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) التوقيع على اتفاق لحرية التبادل مع الاتحاد الأوروبي، مفضلا التقرب من روسيا.

وقد أسمع الاتحاد الأوروبي صوته من جديد، أمس، ودعا في بيان لوفده الموجود في كييف السلطات الأوكرانية إلى «تنفيذ الوعود» التي قطعتها للمعارضة, كما دعا المعارضة إلى «التنصل بوضوح من جميع الذين لجأوا إلى العنف».

كذلك من المقرر أن تزور وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين أشتون كييف، الخميس والجمعة. وفي هذا الخصوص توجه الملاكم السابق وزعيم المعارضة فيتالي كليتشكو الذي يشارك في المحادثات مع يانوكوفيتش إلى وزارة العدل ليلا، ودعا عبثا المحتجين لمغادرة المكان بحسب وكالة الأنباء «إنترفاكس - أوكرانيا». وقد اشتد الحراك الاحتجاجي، وتكثف فجأة الأسبوع الماضي، ليصبح أشبه بحرب شوارع، مما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى في كييف، وامتد عمليا إلى سائر المناطق الأوكرانية. وأول من أمس قدم يانوكوفيتش سلسلة تنازلات، فاقترح إجراء مراجعة للدستور، وعرض أرفع المناصب في الحكومة على المعارضة, لكن قادتها عبروا عن ريبتهم، وأكدوا تصميمهم على مواصلة المعركة بغية الحصول خصوصا على انتخابات رئاسية مبكرة.

وتفاقم الوضع، أول من أمس، مع اشتداد التوتر في المناطق، حيث كثف المحتجون تحركاتهم ضد المباني العامة التي تخللتها صدامات في بعض الأحيان. وباتت مقار الإدارات العامة في معظم المناطق الغربية المعروفة بقوميتها، التي تميل إلى الاتحاد الأوروبي وتعارض بشدة الرئيس منذ أيام عدة في أيدي المتظاهرين الذين يطالبون برحيل الحكام المعينين من قبل رئيس الدولة.

وأصبحت الإدارة الإقليمية مشلولة في 14 من المناطق الـ25 بسبب المتظاهرين. ويحتل المتظاهرون المباني التي تضم مكاتب الحكام في عشر مدن من هذه الجمهورية السوفياتية السابقة, غالبا على أثر مواجهات مع قوات مكافحة الشغب, كما يحاصرون أربعة مقار أخرى. لكن مع أن هذه التحركات تجري عموما في المناطق الغربية لأوكرانيا، فإن المناطق الأخرى، بما فيها تلك الناطقة بالروسية، لم تبقَ في منأى. ففي زابوريجيا في الجنوب هاجم ثلاثة آلاف متظاهر مقر إدارة الحاكم، قبل أن تفرقهم الشرطة.

وأشار شهود عيان لوسائل الإعلام إلى سقوط جرحى وإلى استخدام الشرطة الهراوات والقنابل الصوتية.

كذلك جرت مظاهرات في سائر المراكز الإقليمية الكبرى تقريبا. في لفيف معقل القوميين في غرب البلاد، ولم يعد بإمكان الحاكم الوصول إلى مكتبه، والمجلس المحلي المؤيد للمعارضة بات عمليا مكلفا إدارة شؤون المنطقة. وفي الجزء الغربي أيضا أعلنت المجالس المحلية في ايفانو - فرنكيفس وترنوبيل، أول من أمس، أنها صوتت لمنع حزب المناطق بزعامة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش.

وفي كييف، احتشد آلاف الأشخاص بين متظاهرين ومارة في ساحة الاستقلال، المعقل الرمزي للحراك الاحتجاجي. لكن التعبئة لم تكن بحجم تلك التي سجلت أثناء التجمعات الحاشدة الكبرى أيام الأحد في الأسابيع السابقة، وضمت مئات آلاف الأشخاص.