وزيرة السياحة التونسية الجديدة تقدم استقالتها إثر اتهامها بالتطبيع مع إسرائيل

كيري يدعو إلى انتخابات سريعة في تونس

صورة تذكارية للرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي مع اعضاء حكومة مهدي جمعة امس (رويترز)
TT

أعلنت آمال كربول وزيرة السياحة في الحكومة التونسية الجديدة أنها قدمت أمس استقالتها إلى رئيس الحكومة مهدي جمعة، وتركت له حرية الاختيار بين قبولها أو رفضها، وذلك بعدما اتهمها نواب في المجلس التأسيسي بـ«التطبيع» مع إسرائيل على خلفية زيارة إلى تل أبيب سنة 2006.

وكان المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) منح الثقة الليلة قبل الماضية لحكومة جمعة التي حلّت محل حكومة كانت ترأسها حركة النهضة الإسلامية، التي تخلت عن الحكم طوعا لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة.

واتهم أعضاء في المجلس وزيرة السياحة (41 عاما) بـ«التطبيع مع الكيان الصهيوني» على خلفية زيارة قامت بها سنة 2006 إلى إسرائيل التي لا تقيم تونس معها علاقات دبلوماسية.

ورد جمعة على النواب بأن كربول أبلغته أنها سافرت سنة 2006 من مطار فرانكفورت الألماني إلى مطار تل أبيب في إسرائيل على أن تتوجه منه إلى الأراضي الفلسطينية، وذلك «في نطاق برنامج ممول من الأمم المتحدة لتدريب شبان فلسطينيين» في مجال ريادة الأعمال.

وأضاف أنها تعرضت في المطار الإسرائيلي إلى مضايقات استمرت ساعات «لأنها عربية مسلمة تونسية»، وأنها بقيت يوما واحدا في إسرائيل ثم غادرتها «ورفضت إكمال هذه المهمة، حتى ولو كان فيها تكوين لفلسطينيين».

وأدّت كربول أمس، مع أعضاء الحكومة الجديدة، اليمين الدستورية أمام الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي. وقالت للصحافيين بعد أدائها اليمين إنها قدمت استقالتها لرئيس الحكومة، وتركت له حرية الاختيار بين قبولها أو رفضها. وذكرت أنها عندما سافرت إلى إسرائيل في 2006 «لم تنظر إلى الموضوع من وجهة نظر سياسية ولم تتوقع أن يجري الحديث عن الموضوع اليوم». وأوردت أنها تعرضت لـ«مضايقات» عند حلولها سنة 2006 بمطار تل أبيب، إذ «تركوها أربع ساعات في الانتظار ولم يسمحوا لها بالعبور باعتبار أنها تونسية مسلمة».

وقالت كربول التي تعيش في أوروبا إنها جاءت إلى تونس من أجل «خدمة وطنها»، وإنها تركت وظيفتها «كمديرة عامة لمؤسسة عالمية كبرى» وابنتيها الصغيرتين (10 سنوات وخمس سنوات).

وأطلق بعض النشطاء عبر «فيس بوك» حملة «تضامن» مع كربول ودعوها إلى سحب استقالتها، واصفين إياها بأنها «مفخرة للمرأة التونسية».

وتحمل كربول التي درست في جامعات أوروبية عدة شهادات في تخصصات علمية مختلفة، أهمها التدريب على الريادة في مجال الأعمال.

وكان المجلس الوطني التأسيسي الذي صادق مساء الأحد على الدستور الجديد لتونس رفض مقترحات نواب بإضافة بند إلى الدستور ينص على «تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني».

على صعيد آخر، طالبت المركزية النقابية (اتحاد عمالي) القوية في تونس أمس رئيس الحكومة غير المتحزبة التي تسلمت مهامها رسميا أمس، بالالتزام بـ«خريطة طريق» طرحتها المركزية لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت في 2013 إثر اغتيال معارضَين بارزَين وقتل نحو 20 من عناصر الجيش والأمن في عمليات نسبتها وزارة الداخلية إلى «تكفيريين».

وقال الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان إنه «يعبّر عن مواصلة المطالبة بالالتزام بتنفيذ بنود خارطة الطريق». وأوضح أن من هذه المطالب بالخصوص «العمل على تنقية المناخ السياسي، والإعداد لانتخابات شفافة ونزيهة، وحلّ ما يسمّى بروابط حماية الثورة، واتخاذ إجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة، والكشف عن خبايا الاغتيالات السياسية والقضاء على الإرهاب، ومراجعة التعيينات الحزبية» في الإدارة التونسية.

وتلخص هذه المطالب بنود «خريطة الطريق» التي طرحتها المركزية النقابية (مع ثلاث منظمات أهلية أخرى) في 17 سبتمبر (أيلول) 2013 لإخراج البلاد من الأزمة السياسية.

والليلة قبل الماضية تعهد جمعة أمام المجلس التأسيسي الذي منح حكومته الثقة بالالتزام ببنود خريطة الطريق، لكنّ معارضين عدوا أن تعهده بحل «رابطات حماية الثورة» ومراجعة التعيينات الحزبية في الإدارة التونسية «لم يكن واضحا بالقدر الكافي».

وتقول المركزية النقابية والمعارضة إن رابطات حماية الثورة «ميليشات إجرامية مأجورة» تحركها حركة النهضة ضد معارضيها، في حين تنفي الحركة ذلك. وتتهم المعارضة حركة النهضة بإغراق الإدارة التونسية بآلاف من الموالين لها منذ وصولها إلى الحكم نهاية 2011.

وفي واشنطن، أشاد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس بتنصيب حكومة غير حزبية في تونس، لكنه دعا إلى تنظيم انتخابات سريعا في هذا البلد الذي يعد مهد الربيع العربي، وتتابع الولايات المتحدة التطورات السياسية فيه عن كثب.

وهو ثاني تصريح لوزير الخارجية الأميركي خلال يومين حول تونس، وذلك بعد توجيه تهانيه الاثنين لمناسبة صدور الدستور الثاني في تاريخ الجمهورية التونسية.

وأشاد كيري بالدستور الجديد «الديمقراطي الذي يكرس حقوق الإنسان الكونية للتونسيين كافة»، كما أشاد «بتشكيل حكومة مستقلة لقيادة البلاد إلى انتخابات جديدة». ورأى في ذلك «معالم تاريخية في عملية الانتقال الديمقراطي في تونس»، بيد أن كيري لاحظ أنه مع أن «هذه الإجراءات مهمة فإن العملية الانتقالية في تونس لم تنتهِ».

وامتدح كيري الشاب التونسي البائع المتجول محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في جسده في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 للتنديد بإهانته من قبل السلطات وللاحتجاج على وضعه الاجتماعي، ما أطلق شرارة «ثورة الحرية والكرامة» التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) 2011.

وأضاف كيري أن ذلك مثل ضربة البداية لثورات الربيع العربي ليصبح التونسيون «ملهمي العالم». وأضاف كيري أن الولايات المتحدة «تحث الحكومة الجديدة على تحديد موعد سريع لانتخابات مبكرة بهدف تمكين المواطنين من اختيار قادتهم الجدد وتحديد مستقبل بلادهم».