قمة لدول أميركا اللاتينية تتطلع إلى الابتعاد عن هيمنة الولايات المتحدة

تكتل «سيلاك» يؤكد تضامنه مع كوبا أمام الحظر الأميركي ويناقش السلم والتنمية ومحاربة الفقر

قادة مجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي في صورة جماعية بهافانا مساء أول من أمس (رويترز)
TT

اختتمت مجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي «سيلاك»، التي تعد أحدث منظمة إقليمية، مساء أمس، قمتها التي دامت يومين في هافانا وخصصت لوحدة الدول الأعضاء. وطغى على الاجتماع الذي دام يومين تطلع الدول الأعضاء الـ33 إلى الابتعاد عن الهيمنة الأميركية. وكان مفترضا أن يدعو «بيان هافانا» الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياستها حيال كوبا، ويتضمن ثمانين نقطة بينها إعلان «منطقة سلام» في أميركا اللاتينية ومكافحة الفقر والأمية وضمان الأمن الغذائي والتنمية الزراعية والتعاون التقني والعلمي والتكامل الاقتصادي والمالي لمنطقة يبلغ عدد سكانها 600 مليون نسمة.

وكان الرئيس الكوبي راؤول كاسترو افتتح مساء أول من أمس القمة التي جمعت كل دول القارة الأميركية باستثناء الولايات المتحدة وكندا، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال راؤول كاسترو الذي ما زال يجسد المقاومة التقدمية الأميركية اللاتينية لهيمنة الولايات المتحدة التي تشهد تراجعا في القارة، إن «إنشاء مجلس سياسي مشترك أساسي للتقدم باتجاه هدفنا المتمثل بالسلام والاحترام بين أممنا من أجل تجاوز العقبات الطبيعية وتلك التي تفرض علينا». وأضاف كاسترو (82 سنة) الذي ارتدى بزة كحلية اللون بدلا من بزته العسكرية المعتادة، بارتياح: «واجهنا تحديات كثيرة ومخاطر كثيرة للسلام، لكننا كنا قادرين على السير قدما في بناء مجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي». وتابع الرئيس الكوبي البالغ من العمر 82 سنة أن «كوبا لم تحصل يوما منذ الثورة في 1959 على دعم إقليمي واضح إلى هذا الحد». وقال أيضا إن «الوجود الكبير لرؤساء الدول والحكومات يؤكد مجددا رسالة القارة رفضها سياسة العزل التي تنتهجها الولايات المتحدة حيال كوبا». والغائب الأكبر عن هذه القمة هو الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز الذي توفي في مارس (آذار) 2013 وكان مؤسس المنظمة في ديسمبر (كانون الأول) 2011 باسم البطل التاريخي لاستقلال أميركا اللاتينية سيمون بوليفار.

وخلال حفل الافتتاح، وقف المشاركون دقيقة صمت بطلب من الرئيس الكوبي تكريما للرجل الذي يعد «الابن السياسي» لفيدل كاسترو. وبحسب تسريبات مسبقة، كان مفترضا أيضا أن تؤكد المنظمة التي باتت تقودها أغلبية من الحكومات التقدمية وحتى الاشتراكية (لم يعد المحافظون يحكمون سوى في كولومبيا وباراغواي وبعض البلدات الصغيرة في أميركا الوسطى) في بيانها الختامي على «تنوعها واتحادها في وقت واحد».

وعقدت القمة وسط تباعد مع الولايات المتحدة التي تراجع تأثيرها في أميركا اللاتينية في السنوات الأخيرة. ويعتقد أن عقد القمة في هافانا عد بمثابة دعم قوي لكوبا التي تخضع منذ أكثر من نصف قرن لحظر اقتصادي وتجاري قاس تفرضه واشنطن. وقال مايكل شيفتر رئيس مركز الأبحاث (إنتر أميركان دايلوغ) إن «رسالة المنظمة واضحة وتنطوي على انتقادات بالتأكيد، لكن لن يكون لها تأثير كبير على الإدارة الأميركية التي ما زالت تديرها مصالح داخلية مع الأسف». كما ذكر باتريسيو نافيا من جامعة نيويورك أن «دول أميركا اللاتينية تطالب منذ سنوات برفع الحظر والولايات المتحدة لا تستجيب».

أما سفير بريطانيا السابق في هافانا بول ويبستر هير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسطن (الولايات المتحدة)، فقال إن المنظمة «أنشئت بهدف التصدي للولايات المتحدة، لكن المنظمات الإقليمية كثيرة في أميركا اللاتينية»، موضحا أن «الواقع هو أن معظم الدول لديها طموحات اقتصادية مختلفة عن تطلعات كوبا». وأضاف أن «الأهمية تأتي من اعتدال خطاب الكوبيين ضد الولايات المتحدة، مما يمكن أن يعني اهتماما من قبل هافانا بتوسيع الحوار مع واشنطن».

وهذه القمة التي انتقلت في ختامها الرئاسة السنوية للمنظمة إلى كوستاريكا، هي الأولى بهذا الحجم التي ينظمها راؤول كاسترو الذي لم يفوت فرصة خطابه ليدين الحظر الأميركي وإدراج كوبا على لائحة الدول المتهمة بالإرهاب من قبل وزارة الخارجية الأميركية. ولم يقرر أي مسؤول من دول المنطقة لقاء منشقين كوبيين رغم دعوات هؤلاء. وقالت المعارضة إن مائة منشق اعتقلوا أو أبعدوا عن هافانا لمنعهم من المشاركة في القمة على طريقتهم. ولم يغب ظل فيدل كاسترو (87 سنة) عن هذه القمة. وانتهز فرصة انعقادها ليلتقي بعض أصدقائه من القادة مثل رئيستي الأرجنتين كريستينا كيرشنر والبرازيل ديلما روسيف.