انتشار 10 آلاف جندي في بانكوك عشية الانتخابات المثيرة للجدل

المعارضة اختارت مقاطعة الاقتراع والسعي لعرقلته.. وخبراء لا يرون نهاية قريبة للأزمة

زعيم المتظاهرين ثاوغسوبان (يمين) يجمع التبرعات أمام صورة انتخابية لرئيسة الوزراء شيناواترا في بانكوك أمس. وتستعد تايلاند لتنظيم الانتخابات بعد غد الأحد وسط توتر شديد (رويترز)
TT

قرر الجيش التايلاندي تعزيز قواته في العاصمة عشية الانتخابات التشريعية المرتقبة بعد غد الأحد، وذلك إثر تعهد المحتجين بعرقلة الاقتراع، في إطار سعيهم للإطاحة برئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا. وكان قرار الحكومة المضي قدما في إجراء الانتخابات في الثاني من فبراير (شباط) المقبل زاد من التوتر في بانكوك، إذ أغلق المتظاهرون تقاطعات رئيسة وأجبروا الكثير من الوزارات على إغلاق أبوابها خلال الشهر الحالي.

وقال المتحدث باسم الجيش وينتاي سوفاري، إن القوات المسلحة ستعزز الخمسة آلاف جندي المنتشرين في بانكوك وحولها بأعداد أخرى، «لأن هناك من يحاولون التحريض على العنف». وأضاف أن نحو عشرة آلاف شرطي سيتولون مسؤولية الأمن في بانكوك يوم الاقتراع وأن الجنود سيكونون في حالة تأهب.

وحذر خبراء من أن هذه الانتخابات لن تضع حدا للأزمة المتكررة في هذه الديمقراطية الهشة ولن تهدئ خصوم رئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا وشقيقها ثاكسين رئيس الحكومة السابق الذي أطاح به انقلاب في 2006. وفعلا، يخشى هؤلاء المعارضون الذين يتظاهرون في الشوارع منذ ثلاثة أشهر أن يمدد الاقتراع حكم أسرة شيناواترا التي يتهمونها بإقامة نظام فساد شامل لصالحها.

ويبدو فوز حزب «بويا ثاي» الحاكم بزعامة شيناواترا أكيدا، لا سيما أن أكبر أحزاب المعارضة، «الحزب الديمقراطي»، الذي لم يفز بأي انتخابات تشريعية منذ أكثر من عشرين سنة، يقاطع الانتخابات. وقال سوناي فاسوك، من منظمة «هيومان رايتس ووتش»: «يبدو أن تايلاند في حالة نزاع مستمر، ولا أرى لذلك أي نهاية في الأفق».

ويريد المتظاهرون الذين يحتلون مفترقات الطرق الاستراتيجية في العاصمة الإطاحة بالحكومة وتشكيل «مجلس من الشعب» غير منتخب ليحل محلها، ليشرف هذا المجلس على إصلاحات غير واضحة المعالم ضد الفساد وشراء الأصوات قبل انتخابات محتملة، لن تنظم قبل سنة على الأقل. وهم يتهمون ينغلوك أيضا بأنها دمية بين يدي شقيقها المنفي والفار من حكم بالسجن أدين به بتهمة احتيال مالي.

وأدى مشروع قانون عفو، يبدو أن الحكومة كانت تريد التصديق عليه وقد يسمح لثاكسين بالعودة، إلى تفجر المظاهرات في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي غياب «الحزب الديمقراطي»، يتنافس 53 حزبا في الانتخابات بعد حملة شبه غائبة بسبب الأزمة التي أسفرت عن سقوط عشرة قتلى على الأقل.

ورغم حالة الطوارئ السارية في بانكوك، دعا زعيم المتظاهرين سوثيب ثاوغسوبان أنصاره إلى بذل كل الجهود من أجل تعطيل الاقتراع كما حصل يوم الأحد الماضي بالنسبة للاقتراع المبكر.

وعلى أمل الحؤول دون هذا السيناريو الذي منع مئات آلاف الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، انتشر 129 ألف شرطي في مختلف أنحاء البلاد لحماية صناديق الاقتراع وحراسة 93500 مركز انتخابي. لكن، حتى إذا تمكن الناخبون من وضع البطاقة في الصندوق، فإن النتائج قد لا تعلن قبل أشهر.

وفي غياب مرشحين في عدة دوائر انتخابية، حيث منعهم الناشطون من التسجيل، لن يكون للبرلمان عدد كاف من النواب لعقد جمعية عامة. وسيتعين على ينغلوك أن تستمر في تصريف الأعمال بانتظار انتخابات جزئية. وقال سوناي إن تايلاند تواجه «غموضا قانونيا وسياسيا منقطع النظير، ومن دون برلمان لا يمكن قيام حكومة منتخبة».

وعلى خلفية المظاهرات، يرى الخبراء أنها معركة سياسية بين نخب النظام (المدعومين بالقضاء والجيش) وثاكسين. ويستند ثاكسين إلى الجماهير الفقيرة في الأرياف والمدن بشمال شرقي البلاد.

واندلعت هذه الأزمة بينما يخشى الكثير من التايلانديين على صحة الملك بوميبول أدولياديج، (86 سنة)، الذي يعتلي العرش منذ ستين سنة. كما أن هوية الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة لضمان مرحلة انتقالية أمر حاسم. وقال بول تشامبس، من «جامعة شيانغ ماي»، إن «في تايلاند معركة مصالح بين النخب». فمن جهة، هناك ثاكسين وحلفاؤه وما يتمتعون به من دعم جماهيري واسع، ومن جهة أخرى «يحظى الملكيون بدعم الجيش والقضاء، إنه صراع بلا نهاية»، على حد قوله.

يذكر أن أنصار ثاكسين فازوا بكل الانتخابات منذ 2001، لكن رجل الأعمال الثري وحلفاءه المستهدفين بمظاهرات «القمصان الصفراء» أطاح به الجيش في 2006 والقضاء في 2008. وتوعد أنصار ثاكسين «القمصان الحمر» بالخروج إلى الشوارع إذا حصل انقلاب، مما ينذر بأعمال عنف جديدة.

وانتهت مظاهراتهم التي شلت بانكوك طيلة شهرين في ربيع 2010 للمطالبة بسقوط حكومة «الحزب الديمقراطي» بهجوم الجيش، وأسفرت أخطر أزمة شهدتها تايلاند الحديثة حينها عن سقوط تسعين قتيلا و1900 جريح.