بدء محاكمة شرطيين أتراك غدا وقد يسجنون مدى الحياة

بتهمة القتل العمد لطالب جامعي شارك في مظاهرات في يونيو

صورة أرشيفية من مواجهات الشرطة التركية مع المتظاهرين في إسطنبول خلال يونيو (حزيران) الماضي (أ.ب)
TT

يحاكم أربعة شرطيين أتراك اعتبارا من الغد أمام إحدى محاكم قيصري (وسط) لضربهم متظاهرا في التاسعة عشرة من عمره، في ملف يرمز إلى القمع العنيف الذي استهدف الحراك المناهض للحكومة في يونيو (حزيران) الماضي.

وقبل شهرين فقط من موعد الانتخابات البلدية تفتتح هذه المحاكمة في أجواء من التوتر الشديد، فيما تلطخ قضية فساد غير مسبوقة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان وفريقه الحكومي. ومن المرتقب أن يحتشد مئات المتظاهرين صباح الغد أمام قصر العدل في مدينة قيصري عند بدء الجلسة الأولى لـ«المطالبة بالعدالة» وبـ«محاسبة» السلطة، كما أعلن منظمو هذا التجمع.

ففي الثاني من يونيو من العام الماضي تعرض الضحية علي إسماعيل قرقماز (19 سنة) للضرب المبرح على يد مجموعة من عدة أشخاص فيما كان يسعى للهرب من هجوم للشرطة أثناء مظاهرة تطالب باستقالة إردوغان في مدينة إسكيشهير الجامعية الكبرى في غرب تركيا.

وأصيب هذا الطالب بجروح خطرة ونزف في الدماغ فارق على أثره الحياة في العاشر من يوليو (تموز) بعد دخوله في غيبوبة لمدة 38 يوما.

والمتهمون الثمانية الذين سيمثلون أمام القضاء اعتبارا من الغد وبينهم أربعة شرطيين باللباس المدني، صوروا بكاميرات مراقبة وهم يضربون الشاب أرضا بعصي بيسبول وهراوات.

وهم يلاحقون بتهمة «القتل العمد» ويواجهون عقوبة السجن مدى الحياة. وخمسة منهم مسجونون منذ الصيف الماضي فيما الآخرون سيمثلون أحرارا.

وأعلنت عائلة الضحية ومناصروه نيتهم جعل هذه القضية محاكمة لعنف الشرطة.

وقالت أمل قرقماز والدة الضحية للصحافة التركية: «سأذهب إلى قضية ابني الذي اغتيل في كمين»، عازمة على «النظر مباشرة في أعين» المتهمين بقتل ابنها الذي كان يرتدي عندما قتل قميصا كتب عليه شعار «السلام في العالم». وأضافت: «إن ابني لن يعود لكنني أريد أن يعاقب القتلة».

ولتوفير أمن المداولات نقلت السلطات مكان المحاكمة إلى قيصري تخوفا من حصول صدامات في إسكيشهير. وندد محامو عائلة قرقماز بهذا الموقف وعدوه مناورة جديدة من قبل السلطات. وقال المحامي هيفال يلديز كراسو لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن الوقائع جرت في إسكيشهير والمحاكمة يفترض أن تفتتح في هذه المدينة».

وقضية قرقماز تعد من الإجراءات القضائية النادرة التي تفتح ضد قوات الأمن التركية بعد موجة مظاهرات منقطعة النظير هزت تركيا خلال الأسابيع الأولى من شهر يونيو من العام الماضي.

وقد افتتحت قضية شرطي متهم بقتل متظاهر بالرصاص في أنقرة في الخريف الماضي في العاصمة التركية. ويلاحق هذا الشرطي بتهمة «استخدام مفرط للقوة»، وهو يواجه عقوبة قصوى وهي السجن لخمس سنوات.

وبحسب رابطة أطباء تركيا فإن الحراك الاحتجاجي الذي انطلق من ساحة تقسيم في إسطنبول وامتد إلى سائر أرجاء البلاد أوقع ستة قتلى وأكثر من ثمانية آلاف جريح. كما اعتقل آلاف الأشخاص.

ونددت منظمات غير حكومية كثيرة بقمع الشرطة الذي تنتهجه الحكومة التركية الإسلامية المحافظة التي تحكم منذ 2002.

كما نددت منظمة العفو الدولية في تقرير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بانتهاكات «على نطاق واسع جدا» لحقوق المتظاهرين الذين كانوا ينددون بالانحراف الاستبدادي لإردوغان ورغبته بـ«أسلمة» المجتمع التركي.

ومساء أول من أمس أيضا فرقت الشرطة التركية بعنف عشرات الأشخاص الذين تجمعوا في إسطنبول تكريما لشاب أصيب بجروح في يونيو الماضي وما زال في غيبوبة. واعتقل نحو عشرة منهم بحسب وسائل الإعلام التركية. ومن المقرر إجراء أول محاكمة لمتظاهرين في الربيع المقبل في إسطنبول وتشمل 255 متهما.