منظمات دولية تدعو تونس إلى إصلاح يضمن الحقوق والحريات الأساسية

هيومان رايتس ووتش: أمر الدستور صار بيد المحاكم والمشرعين

TT

دعت منظمات حقوقية عالمية أمس إلى إصلاح واسع للقوانين والتشريعات في تونس لدى اعتمادها للدستور الجديد المصادق عليه حديثا، بشكل يضمن حماية الحقوق والحريات الأساسية.

وقالت منظمات العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش والبوصلة في بيان مشترك إن اعتماد الدستور الجديد في تونس يجب أن يكون متبوعا بإصلاح واسع للقوانين والمؤسسات العامة، ويجب تنفيذ الدستور الذي يضمن الحقوق والحريات الأساسية، بطريقة تكفل أعلى درجة من الحماية لحقوق التونسيين.

وقال إريك جولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة حقوق الإنسان: «صوت المجلس الوطني التأسيسي على دستور تضمن صياغة قوية لحقوق الإنسان. والآن صار الأمر بيد المحاكم والمشرعين والنيابة العمومية وغيرهم من المسؤولين لضمان امتثال سياساتهم وإجراءاتهم وقوانينهم للحقوق المنصوص عليها في الدستور».

وكان نواب المجلس الوطني التأسيسي من الإسلاميين والليبراليين وباقي السياسيين صوتوا بأغلبية ساحقة في 26 يناير (كانون الثاني) المنصرم، على الدستور الجديد ليمهد الطريق لتسريع الانتقال الديمقراطي في الدولة التي قادت الربيع العربي منذ ثلاث سنوات.

ولقي دستور الجمهورية الثانية إشادة دولية واسعة لتكريسه الدولة المدنية والنظام الديمقراطي وحقوق المرأة وباقي الحقوق الكونية، كما يمنع التعذيب وإسقاط جرائم التعذيب بالتقادم، ويضمن الحق في اللجوء السياسي.

ويضمن الدستور الجديد التفريق بين السلطات، غير أن منظمة العفو الدولية شددت على ضرورة أن تعمل السلطة القضائية بشكل مستقل بمنأى عن تدخل السلطة عبر تعزيز استقلالية المجلس الأعلى للقضاء الذي يدير دواليب القطاع.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية قولها: «يجب أن يقترن تبني الدستور الجديد بالكف عن تدخل السلطات في السلطة القضائية، ويتعين على تونس إنشاء مجلس أعلى للقضاء قادر على العمل باستقلالية تامة عن السلطات الأخرى، ويتكون من أعضاء منتخبين بشكل شفاف، سيساعد ذلك على ضمان مصداقية المجلس، بما في ذلك اتخاذ تدابير تأديبية ضد القضاة».

وتنتقد المنظمات الحقوقية في بيانها الصياغة الغامضة لعدد من الفصول في الدستور ما يفتح الباب أمام إمكانية توظيفها لانتهاك حقوق الإنسان.

وأوضحت أن الفصل السادس مثلا الذي يضمن حرية الضمير والمعتقد، أضيف إليه منع «الاعتداء على المقدسات»، إضافة إلى أحكام تتعلق بمنع التكفير والتحريض على العنف والكراهية.

وقالت المنظمات إن هذا المنع يثير مخاوف من أن يقوم المشرعون أو المحاكم بتأويله بطريقة قد تفرض عقوبة على انتقاد الأديان أو المعتقدات والأفكار الأخرى، وهو مكون أساسي للحق في حرية التعبير.

كما طالبت باتخاذ خطوات عملية لإلغاء عقوبة الإعدام التي أبقى عليها الدستور بما يسمح بحماية الحق في الحياة.

وقالت المنظمات إن التحدي المقبل في تونس سيرتبط بضمان تأويل وتنفيذ حقوق الإنسان الواردة في الدستور، من قبل السلطة والمحاكم، بطريقة تتماشى مع معاني هذه الحقوق، كما هي مضمنة في الاتفاقيات التي انضمت إليها تونس، والشروع في إصلاح القوانين التي تتعارض مع الدستور الجديد.