سنوات أحمد الـ15 لم تشفع له في الاعتقال والتعذيب في سجون النظام السوري

مركز توثيق الانتهاكات المعارض رصد احتجاز 1200 طفل بينهم 48 فتاة

TT

حين اتصل أحمد (15 سنة) بأحد أصدقائه ليتبادلوا الأحاديث، متلفظا لسبب لم يعد يذكره باسم «الجيش السوري الحر»، لم يكن يدري أن مكالمته الهاتفية هذه مراقبة من قبل الأمن السوري. ولم يدرك أن صغر سنه لن يشفع له من الاعتقال عند حاجز لعناصر اللجان الشعبية في قرية بريف اللاذقية، سلموه إلى فرع الأمن العسكري في المدينة، وفق ما يؤكد أحمد، الشاب الذي يجاهر اليوم بتأييده للمعارضة.

يقول أحمد، وهو بات لاجئا اليوم في لبنان، لـ«الشرق الأوسط»، عن معاناته بعد اعتقاله، إنه «تعرض لضرب مبرح بالعصي والهراوات من قبل عناصر اللجان الشعبية، قبل أن ينقل إلى فرع الأمن العسكري».

يعد أحمد واحدا من مئات الأطفال الذين يعتقلهم نظام الرئيس السوري بشار الأسد على خلفية مشاركتهم أو مشاركة ذويهم في نشاطات الحراك الشعبي المعارض. وبحسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا التابع للمعارضة، فإن عدد الأطفال المحتجزين في سجون النظام السوري قارب 1200 طفل بينهم 48 طفلة.

يروي أحمد، الذي أمضى نحو ستة أشهر في سجون النظام السوري، تفاصيل التعذيب الذي تعرض له، مشيرا إلى أن «الأيام الخمسة الأولى كانت الأصعب، إذ ضغطوا علي للاعتراف بأنني أوصلت سلاحا إلى المعارضة». ويضيف: «عذبوني باستخدام أساليب قاسية جدا، مثل الضرب بالكابلات والصعق بالكهرباء».

ويؤكد أحمد، الذي قصد بيروت بعد إطلاق سراحه، أنه حين جرى نقله إلى سجن الفرع 215 التابع للأمن العسكري في منطقة كفرسوسة في دمشق، شاهد «عددا كبيرا من الأطفال المحتجزين بالزنازين في ظروف إنسانية سيئة، بينهم طفلان، يبلغ أحدهما 11 سنة والثاني ثماني سنوات»، مشيرا إلى أن «هذين الطفلين اعتقلا على خلفية نشاط شقيقهما البكر في الجيش الحر، وتعرضا لتعذيب شديد لدرجة أن الصغير كان صامتا طوال الوقت بسبب التعذيب الذي تعرض له».

ووفق تقرير أصدرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية في وقت سابق، فإن «النظام السوري يحتجز الأطفال في نفس الظروف وأماكن الاحتجاز المخصصة للكبار، ما يعرضهم لضرب وحشي ولمختلف أشكال الإساءة التي يتعرض لها الكبار».

بدورها، اتهمت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، السلطات السورية بممارسة عمليات تعذيب بحق كثير من الأطفال بشكل ممنهج، مشيرة إلى أن «الرئيس السوري بشار الأسد بإمكانه إنهاء حالات قتل المدنيين واحتجاز الأطفال بسهولة عن طريق إصدار أمر رئاسي بهذا الخصوص». ووصفت بيلاي المعاملة التي تعرض لها الأطفال أثناء الأزمة السورية بـ«المريعة».

وفي إطار الضغط للإفراج عن الأطفال والنساء المعتقلات، قدم وفد «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوري»، خلال المفاوضات التي جرت في مؤتمر «جنيف2»، قائمة بأسماء عدد من الأطفال والنساء المعتقلين في سجون النظام السوري، مطالبا بالإفراج عنهم، لكن عضو الوفد السوري الرسمي نائب وزير الخارجية فيصل المقداد نفى وجود أي طفل في السجون النظامية.

وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» إلى أن أكثر من 400 طفل قتلوا، وأصيب مئات آخرين بجروح بسبب أعمال «العنف» منذ بدء الأحداث في سوريا.

وكان الحراك الشعبي السوري ضد النظام الحاكم انطلق في شهر مارس (آذار) 2011 على خلفية اعتقال عدد من الأطفال في درعا بعد كتابتهم شعارات مناهضة للسلطة على جدران مدرستهم، وتعرضوا لتعذيب شديد من قبل الأمن السوري. ويعد الطفل حمزة الخطيب الذي قتل جراء التعذيب في السجون السورية واحدا من أهم رموز الحراك الشعبي في سوريا.