النيابة المصرية تحيل مرشد الإخوان وقياداتهم للمحاكمة بتهمة مقاومة فض «رابعة»

تأجيل محاكمة بديع في «أحداث قليوب» إلى 15 فبراير

أقارب المتهمين من قيادات الإخوان يتحدثون إلى ذويهم قبيل بدء جلسة محاكمتهم أمس جنوب القاهرة (أ.ف.ب)
TT

أمر النائب العام المصري بإحالة المرشد العام لجماعة الإخوان و50 من القيادات بالجماعة للمحاكمة الجنائية، لتكوينهم «غرفة عمليات» لمواجهة الدولة أثناء فض اعتصام ميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة) منتصف أغسطس (آب) الماضي.

يأتي هذا في وقت تفاعل فيه قادة جماعة الإخوان بإيجابية مع رئيس محكمة القضية المعروفة إعلاميا بـ«أحداث قليوب» أمس، وبدوا متماسكين، خاصة مع غياب القفص الزجاجي عن القاعة التي جرت فيها وقائع الجلسة، في وقت يشهد فيه الشارع المصري تراجعا ملحوظا لمظاهرات أنصار الجماعة. وبينما يرى مراقبون أنه من المبكر الحديث عن تهدئة بين فرقاء المشهد السياسي في البلاد، ينتظر قادة الإخوان شهرا حافلا بالمحاكمات.

وقالت النيابة العامة إن التحقيقات التي أجرتها في قضية «غرفة العمليات» أشارت إلى أنه في أثناء فض اعتصام رابعة العدوية الذي دعت إليه الجماعة، أعد المتهمان محمد بديع المرشد العام للجماعة ومساعده محمود غزلان وآخرون مخططا لإشاعة الفوضى بالبلاد واقتحام أقسام الشرطة ومؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة ودور عبادة المسيحيين وإشعال النيران فيها، ونسقوا مع اللجان الإلكترونية الخاصة بالجماعة (المسؤولون عن إدارة ومتابعة المواقع الإلكترونية) لإعداد مشاهد وصور غير حقيقية توحي بسقوط قتلى وجرحى بين المعتصمين على خلاف الحقيقة.

وقتل المئات خلال فض اعتصام رابعة العدوية معظمهم من أنصار جماعة الإخوان، كما سقط قتلى من الشرطة أيضا، وشهدت البلاد في أعقاب تلك الأحداث موجة من أعمال العنف طالت عددا من المحافظات.

وقررت محكمة جنايات شبرا الخيمة المنعقدة أمس بإحدى قاعات معهد أمناء الشرطة في منطقة سجون طرة (جنوب القاهرة) تأجيل محاكمة بديع و47 آخرين من قيادات الجماعة، المتهمين بالتحريض على قطع طريق قليوب الزراعي في يوليو (تموز) الماضي، لجلسة 15 فبراير (شباط) الحالي، وإخلاء سبيل المتهم الحدث (القاصر) في القضية.

وقبل بدء الجلسة وجه القيادي الإخواني محمد البلتاجي خطابا سياسيا متعلقا بقضية «اقتحام سجن وادي النطرون» وهي القضية التي يحاكم فيها أيضا قادة الإخوان. واتهم البلتاجي النيابة العامة بالتغاضي عما عده تقصير أجهزة الدولة وقادة الجيش عن التصدي لما ظهر في التحقيقات كـ«احتلال عناصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله للشريط الحدودي المصري مع رفح بالتخطيط مع الحرس الثوري الإيراني».

ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، منتصف العام الماضي، تنظم جماعة الإخوان المسلمين مظاهرات شبه يومية، تتفاوت خلالها حدة المواجهات مع قوات الأمن.

وسمح رئيس المحكمة المستشار حسن فريد، لأبناء القيادي الإخواني البلتاجي برؤيته عقب انتهاء الجلسة، الأمر الذي علق عليه البلتاجي قائلا لرئيس الجلسة «أشكرك يا فندم، هذه أول مرة نشعر أننا أمام محكمة». وعقب رفع الجلسة سمح بالفعل لأهالي المتهمين بالدخول إلى قاعة المحكمة، وتواصلوا من خلف قفص الاتهام الحديدي غير المجهز بالزجاج العازل للصوت.

ويحاكم مرسي ومرشد الإخوان وقياديون آخرون بتهم عديدة، بينها التحريض على القتل. ويرفض قادة الإخوان الاعتراف بشرعية تلك المحاكمات، ويديرون ظهورهم داخل قفص الاتهام إلى منصة القضاء، في إشارة لاستنكارهم المحاكمات، لكن بدا في جلسة يوم أمس أنهم أكثر إيجابية في التفاعل مع القاضي. وأنكر المتهمون ارتكابهم الاتهامات الموجهة إليهم من قبل النيابة.

ومع بدء النيابة العامة تلاوة أمر إحالة المتهمين، قاطعها القيادي الإسلامي صفوت حجازي، وهو أحد المتهمين في القضية، قائلا: «نائب عام باطل»، مشيرا إلى أن جميع المتهمين ما زالوا مقيدين، فأمر رئيس المحكمة بفك قيودهم.

وخلال الجلسة نفسها، طالب البلتاجي، النيابة العامة بفتح تحقيق في وفاة ابنته أسماء أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، والتحقيق أيضا في مزاعم التعدي عليه داخل السجن، قائلا إنه «يريد الحق ومعرفة الجاني وتقديمه للعدالة في الواقعتين».

من جانبه، قال مرشد جماعة الإخوان إن «النيابة العامة اتهمتني في 28 قضية ووصل الأمر بهم إلى اتهامي بالسرقة، فيما لم تحقق النيابة في أمر قتل نجلي عمار». وقتل عمار في مواجهات بين محتجين وقوات الأمن في ميدان رمسيس عقب فض اعتصام رابعة العدوية.

وأضاف بديع أن النيابة العامة لم تتحرك للتحقيق معه كمجني عليه، وأشار إلى أن ما حدث في ميدان رابعة العدوية «مجزرة لم تحدث في مصر من قبل على مر العصور».

وشهدت جلسة أمس إجراءات أمنية مشددة، وتحول معهد أمناء الشرطة إلى ثكنة عسكرية، وجرى تشديد الحراسة الأمنية حول المبنى وانتشر عدد من الكمائن الأمنية والمرورية.

وبدا لافتا تراجع المظاهرات التي تنظمها جماعة الإخوان خلال الأيام الماضية، خاصة في ظل دعوتهم في وقت سابق لاعتبار ذكرى الأيام الـ18 لثورة عام 2011، التي بدأت في 25 يناير (كانون الثاني) وانتهت في 11 فبراير (شباط)، بمثابة ثورة جديدة ضد ما يعدوه «انقلابا عسكريا».

وقتل العشرات في إحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير التي أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان تحتاج إلى بعض الوقت على الأرجح للاستشفاء وإعادة التنظيم عقب شهور من الاحتجاجات المستمرة.

ومن بين المتهمين في قضية «أحداث قليوب»، بالإضافة إلى بديع والبلتاجي وحجازي، تسع قيادات إخوانية أخرى، أبرزهم عصام العريان ومحسن راضي، وباسم عودة، وأسامة ياسين، وعبد الرحمن البر، وعبد الله بركات.

وفي غضون ذلك، حددت محكمة استئناف القاهرة جلسة 13 فبراير (شباط) الحالي، لبدء أولى جلسات محاكمة 17 من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، في قضية اتهامهم بالقتل العمد والتحريض عليه ضد المتظاهرين أمام مقر مكتب إرشاد الجماعة بضاحية المقطم إبان أحداث مظاهرات 30 يونيو (حزيران). ومن بين المتهمين في القضية بديع، والبلتاجي، والعريان، وياسين، بالإضافة لمرشد الجماعة السابق مهدي عاكف، ونائب المرشد خيرت الشاطر، وسعد الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة.

وفي السياق ذاته، تواصل محكمة الجنايات اليوم (الثلاثاء)، نظر قضية قتل متظاهرين أمام قصر الاتحادية الرئاسي والمتهم فيها مرسي و14 آخرون من قادة الجماعة، بينهم المرشد العام والعريان والبلتاجي. وكانت المحكمة قد تجاهلت في جلستها السابقة، يوم السبت الماضي، دفع محامي مرسي بانتفاء الاختصاص.

وتنظر المحكمة اليوم في تقرير لجنة شكلتها لفحص اسطوانات مدمجة ضمن أدلة الثبوت والتي حوت مقاطع مصورة لاعتداء أنصار الإخوان على محتجين أمام القصر الرئاسي نهاية العام قبل الماضي.