قتيل وجريحان في تفجير انتحاري داخل حافلة لنقل الركاب بالضاحية الجنوبية لبيروت

الانفجار الخامس بمناطق حزب الله خلال شهر.. وتطور في أسلوب الاستهداف

مواطنون ورجال أمن لبنانيون يعاينون السيارة التي فجرها الانتحاري أمس (رويترز)
TT

اتسعت دائرة التفجيرات التي تطال الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، من عمق المنطقة إلى تخومها، حيث فجر انتحاري نفسه، أمس، بحافلة ركاب صغيرة في منطقة الشويفات (شرق الضاحية)، ما أسفر عن وقوع قتيل وجريحين، في حادثة هي الأولى من نوعها تؤشر إلى تطور في أساليب التفجير.

وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أن انتحاريا استقل حافلة نقل ركاب صغيرة على طريق الشويفات، وفجر نفسه بداخلها، ما أسفر عن وقوع قتيل، هو الانتحاري، بينما نقل جريحان إلى المستشفى هما سائق الحافلة حسين مشيك، واللبنانية أمل الأحمدية التي نقلت إلى مستشفى كمال جنبلاط في الشويفات. وأظهرت لقطات تلفزيونية هيكل سيارة دون سقف، وتصاعد الدخان في الهواء وتناثر الحطام في الشارع. وتناثرت أيضا أشلاء جثة وبينها الرأس في عرض الطريق.

ووقع الانفجار في حافلة من نوع «هيونداي» تحمل لوحة حمراء ورقم تسجيلها صحيح مسجلة باسم ديب عيسى مشيك، وعثر على أشلاء بداخلها وقربها. وذكرت معلومات أن الانتحاري صعد في الحافلة بعد سؤال سائقها عن وجهته، وفجر نفسه لعلمه أنها تتجه إلى الضاحية الجنوبية. وبينما حضرت فرق من الأدلة الجنائية إلى موقع التفجير، حيث عملت على جمع الأدلة، ذكرت معلومات أولية أن الحزام الناسف للانتحاري في الشويفات تتراوح زنته بين ثلاثة وخمسة كيلوغرامات. وطلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر من الأجهزة المختصة مباشرة التحقيقات في انفجار الشويفات، كما كلف طبيبا بإجراء فحوص الحمض النووي لمعرفة هوية الانتحاري.

وفي سياق متصل، طلب الرئيس اللبناني ميشال سليمان من الأجهزة العسكرية والأمنية والقضائية «التشدد في تعقب محرضي ومرتكبي التفجيرات التي تحصل على الأراضي اللبنانية وملاحقتهم وتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختص».

وانطلقت الحافلة الصغيرة التي فجر فيها الانتحاري نفسه، من محطتها في منطقة مار مخايل، على مدخل الضاحية الشمالي، وعبرت شوارع شرق الضاحية، باتجاه مناطق تسكنها أغلبية مسيحية ودرزية في الحدث والشويفات، وتصل إلى منطقة خلدة، مدخل الضاحية الجنوبي، من غير أن تعبر الشوارع الخاضعة لسيطرة حزب الله وتدابيره الأمنية. وقال وزير الداخلية، عقب وقوع الإنفجار، إن الاحتياطات الأمنية أصبحت مشددة في الضاحية وليس من السهل تجاوزها، مشيرا إلى أن الانتحاريين «استخدموا هذه الطريقة للوصول إلى الهدف»، مؤكدا أن الانتحاريين «هم أخطر أنواع الإرهاب».

ويعد هذا الأسلوب بالتفجير تطورا نوعيا في استهداف المناطق الخاضعة لنفوذ حزب الله، كونه التفجير الأول الذي يقع في حافلة نقل ركاب، بعدما درجت العادة على استخدام سيارات مفخخة، بعضها يقودها انتحاريون، وكان آخرها السبت الماضي في الهرمل (شرق لبنان)، حيث انفجرت سيارة يقودها انتحاري في محطة وقود، أسفر عن وقوع ثلاثة قتلى و28 جريحا.

وضرب هذا التفجير قرب محطة الريشاني في الشويفات، لأول مرة، منطقة سكنية خارج عمق الضاحية، بعدما وقعت أربع تفجيرات داخلها. وتقع الشويفات، شرق الضاحية الجنوبية، ولا تخضع للإجراءات الأمنية التي يتخذها حزب الله في مناطقه، كما تعد مختلطة بين سنة وشيعة ودروز ومسيحيين. ويفصل الشارع الذي وقع فيه التفجير بين منطقتين، الأولى شيعية غرب الشارع، والثانية مختلطة شرقه.

ويعد هذا التفجير الخامس منذ بداية العام الحالي، والثامن في مناطق خاضعة لنفوذ حزب الله خلال سبعة أشهر. ويأتي بعد ساعات من تهديد كتائب «عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم القاعدة، أمس، أن عملياتها ستستمر من الأراضي السورية، وستتبعها عمليات من الأراضي اللبنانية، ردا على قتال حزب الله في سوريا. وكان تفجير انتحاري ضرب منطقة الشارع العريض في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، أدى إلى وقوع أربعة قتلى و46 جريحا، كما ضرب تفجير مماثل وقع في الشارع العريض بحارة حريك في الثاني من الشهر الماضي، أيضا، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح أكثر من 75 آخرين.

وفي الـ19 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تعرضت السفارة الإيرانية في بيروت لتفجيرين انتحاريين أسفرا عن 23 قتيلا، بينهم المستشار الثقافي بالسفارة، وأحد قادة حزب الله الأمنيين، إضافة إلى 150 جريحا. وأدى تفجير سيارة مفخخة في منطقة الرويس في 15 أغسطس (آب) الماضي إلى مقتل نحو 30 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين، في حين انفجرت سيارة مفخخة داخل مرأب للسيارة في منطقة بئر العبد، في يوليو (تموز) الماضي، وأسفرت عن إصابة أكثر من 50 جريحا. سياسيا، حمل عضو كتلة حزب الله في البرلمان النائب علي عمار المجتمع الدولي «مسؤولية دخول الإرهابيين إلى لبنان»، داعيا إلى «الإسراع في إنتاج حكومة جامعة والالتفاف حول الجيش اللبناني»، وقال: «نواجه الإرهابيين بتعزيز المؤسسات الأمنية، والضغط على الدول الداعمة لهم تحت تسمية دعم معارضة من هنا وهناك».

ورأى عمار أن «هدف الإرهابيين القتل لمجرد القتل، فهم يتعرضون لغسل الدماغ ويدعمون ويغذون بفكر الضغينة والقتل»، داعيا إلى «تجنب السقوط في وهم أن لهؤلاء الإرهابيين مشروعا سياسيا، فهؤلاء لا يعترفون بأديان وبتنوع وبتعدد وبتوازنات محلية أو إقليمية».

وأدانت السفارة الأميركية في بيروت الاعتداء. وجاء على حسابها على موقع «تويتر» أن «أفكارنا هي مع الضحايا وعائلاتهم. إننا ندين هذا العمل الإرهابي». وفي وقت لاحق، رمى مجهولون قنبلة يدوية على شارع مؤدٍّ إلى منطقة الطريق الجديدة ذات الغالبية السنية في بيروت، وتبين أن القنبلة رميت من سيارة كانت تمر فوق الجسر، في سيناريو مشابه لحادثة رمي قنبلة نحو باحة قريبة من مسجد الخاشقجي على مدخل ثانٍ لمنطقة الطريق الجديدة بعد ساعات على تفجير سيارة مفخخة في مدينة الهرمل السبت الماضي. ولم يؤدِّ التفجير إلى وقوع إصابات بعد أن أصابت القنبلة سيارة لجمع النفايات.