زيدان: لا وجود لقوات أميركية في الجنوب الليبي

تقارير غربية تؤكد تدمير ترسانة القذافي الكيماوية بالكامل

علي زيدان يتحدث في مؤتمر صحافي أمس (رويترز)
TT

بالتزامن مع فشل المؤتمر الوطني الليبي العام (البرلمان) مجددا في التصويت على إقالة رئيس الحكومة علي زيدان من منصبه، وكذلك تقارير غربية تؤكد أن الأسلحة الكيماوية الليبية دمرت بالكامل نهاية الشهر الماضي، نفى زيدان أمس ما أورده تقرير صحافي فرنسي حول وجود قوات أميركية في جنوب ليبيا، فيما قررت الحكومة إنشاء غرفة للعمليات الأمنية المشتركة بمنطقة الجنوب الليبي تتبع رئاسة الأركان العامة للجيش للحفاظ على الأمن بمناطق الجنوب.

وعقد المؤتمر الوطني جلسة جديدة أمس بمقره في طرابلس، حيث قالت مصادر فيه لـ«الشرق الأوسط» إن الانقسام بين أعضاء المؤتمر لم يمكن خصوم زيدان من توفير 120 صوتا، هي النصاب القانوني اللازم للتصويت على الإطاحة به من منصبه الذي تولاه للمرة الأولى في شهر نوفمبر (تشرين ثاني) عام 2012.

وخلال الجلسة استقال خمسة أعضاء دفعة واحدة، لكن جرى إقناع ثلاثة منهم بالعدول عن الاستقالة، حيث أعلن عمر حميدان الناطق الرسمي باسم البرلمان أن العضوين إبراهيم الغرياني وفريحة البركاوي، وهما مرشحان عن كتلة التحالف الوطنية، قدما استقالتيهما، وقبلتا من دون أي مبررات وأصبحتا نافذتين حسب اللائحة الداخلية للمؤتمر. ولفت إلى أن هناك ثلاثة أعضاء آخرين قدموا استقالاتهم، لكن جرى إقناعهم بالعدول عنها لأن الوقت الآن يحتاج إلى الوقفة الجادة والوطنية من كل أعضاء المؤتمر، على حد قوله.

واتهم حميدان جهات سياسية وجهات لم يحددها بأنها تسعى إلى إسقاط المؤتمر وإسقاط الشرعية وإحداث فراغ سياسي وفوضى أمنية، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني يتطلع إلى تضامن الشارع الليبي معه في الأمر الوطني، لأن مصلحة البلاد أكبر من كل أمر.

كما استبق زيدان مظاهرات شعبية متوقعة في السابع من الشهر الحالي، وهو الموعد الذي كان محددا سلفا للانتهاء الولاية القانونية للمؤتمر الوطني العام، بقوله إن «الأمور لو احتدمت في أي اتجاه فلن تكون (الحكومة) إلا للوطن وصالحه، ولكل حادث حديث. وأما من يشيعون أن الحكومة تجهز في قوات من خارج طرابلس لتوطنها في طرابلس، فهو كلام مكذوب».

كما أكد زيدان، في مؤتمر صحافي عقده أمس، أنه لا توجد أي قوة أجنبية في أي منطقة من ليبيا مكلفة من الحكومة، نافيا أن تكون الحكومة اتفقت مع أي أحد لقصف أي جهة في البلاد، وذلك ردا على ما نشرته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية بشأن وجود قوات أميركية تدرب في الصحراء الليبية.

وأضاف زيدان أن الحكومة أرسلت قوة للجنوب «قضت على الجيوب المارقة» هناك. وأشار إلى أن حكومته تحاول معالجة موضوع الكفرة بإرسال بعض القوات، وبالحوار مع مختلف الأطراف لإثنائها عما وصفه بـ«الغلو الذي لن يتحقق منه إلا الدمار للوطن»، موضحا أن «الحكومة جاءت لتنفيذ إرادة الشعب لحماية الوطن وحريته وسيادته، ولم تأت لتكلف أجانب أو دولا لقصف مواطنين.. وإن اضطررنا لمثل هذا الأمر فسيكون بالعلم وأمام الشعب، وسيكون من خلال مجلس الوزراء ومن خلال المؤتمر الوطني، وسيكون معلنا للجميع، وبالتالي هذه الإشاعات مردودة على أصحابها».

كما عدت السفارة الفرنسية لدى طرابلس أن ما نشرته صحيفة «لوفيغارو» لا أساس له من الصحة، مشيرة إلى أن هذه المعلومات لم تصدر عن أي مصدر عسكري فرنسي. ونقل بيان وزعته السفارة عن الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية تأكيده أنه ليست هناك نية للقيام بأي عملية عسكرية أجنبية في ليبيا، وأن ليبيا دولة مستقلة وذات سيادة.

وكان العقيد محمد البوسيفي، آمر منطقة سبها العسكرية، نفى وجود عناصر من القوات الخاصة الأميركية تنتشر حاليا في جنوب ليبيا لمواجهة المجموعات المتطرفة، لافتا إلى أن الوضع في الجنوب لا يتطلب أي مساعدة أجنبية.

من جهة أخرى، أكد زيدان أن الحكومة مستعدة للوفاء بمرتبات الجنود الذين شاركوا في إغلاق الموانئ النفطية، والإيفاء بأي تعاهدات أخرى التزمت بها مقابل فتح تلك الموانئ من دون أي شروط مسبقة، وتمكين مؤسسة النفط من تصدير النفط.

وكشف زيدان النقاب عن أن الحكومة وجهت أمرا إلى رئاسة الأركان بالتحرك نحو الموانئ النفطية، والآن رئاسة الأركان مفوضة بالتحرك وفي انتظار تنفيذها لهذه المهام. ولفت إلى أنه التقى خلال مشاركته في مؤتمر القمة الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بما يزيد على 35 من رؤساء الدول الأفريقية وشخصيات دولية من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معربا عن أمله في أن تؤدي جولاته الخارجية إلى تجاوب الدول المعنية مع طلب ليبيا تسليم رموز النظام السابق. وبعدما أشار إلى أن «الاتصالات جارية مع النيجر في هذا الشأن، ونأمل أن تأتي بنتائج»، لفت إلى أن «هناك إجراءات جدية حول الموضوع، وفي مصر تحدثنا مع الإخوة المصريين.. والحكومة المصرية أبدت استعدادها وفق القانون، ومن خلال البوليس الدولي، ومن تثبت عليه ممارسات ضد الدولة الليبية سيسلم وفق القانون».

وتعليقا على توصية مجلس مفوضية الدولة المصري برفض تسليم أحمد قذاف الدم ابن عم العقيد الراحل معمر القذافي إلى ليبيا لقلة وجود ضمانات للمحاكمة العادلة، قال زيدان إن «هذا لا يعني أن الدولة المصرية قالت هذا الأمر، وأنا أكد لي رئيس الجمهورية (المستشار عدلي منصور) ورئيس الوزراء (الدكتور حازم الببلاوي) إذا توافرت الظروف القانونية، أن مصر دولة قانون وستلتزم باتفاقيتها القانونية».

على صعيد ذي صلة، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير لها أمس أنه جرى الانتهاء من تدمير الأسلحة الكيماوية الليبية بالكامل. وجاء في التقرير أن خبراء أميركيين وليبيين دمروا آخر مخزون من غاز الخردل منذ عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال مستشار وزارة الدفاع الأميركية، أندريو سي ويبر، في تصريحات للصحيفة، إنه جرى بذلك ضمان تجنب وقوع أسلحة دمار شامل في أيدي «إرهابيين».

يذكر أن ليبيا انضمت عام 2004 لاتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وأبلغت عن امتلاكها 25 طنا من غاز الخردل وبدأت في تدميرها. وعقب سقوط القذافي، اكتشفت الحكومة الليبية الجديدة نحو طنين آخرين من غاز الخردل، كانا معدين للاستخدام في مئات القنابل والقذائف المدفعية. وجرى تدمير تلك الأسلحة في أفران متخصصة في الصحراء.

ووفقا لتقرير الصحيفة، جرى تدمير تلك الأسلحة بتقنية إحدى الشركات السويدية، كما ساعدت ألمانيا في تدريب خبراء ليبيين للمشاركة في تلك المهمة.