مصادر فرنسية: اجتماعات جنيف جرت بالتوازي مع أخرى في بيرن بحضور إيراني

ألمحت إلى اتصالات بين المعارضة ومنشقين وموالين لتحاشي السيناريو العراقي

TT

أفادت مصادر فرنسية رسمية أن المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا سيعمد في الساعات المقبلة إلى تسليم وفد نظام الرئيس السوري بشار الأسد ووفد ائتلاف المعارضة إلى مؤتمر «جنيف2» أجندة المناقشات التي ستدور حولها الجولة الثانية من المفاوضات المرتقبة في العاشر من الشهر الحالي. بيد أنها اعتبرت ما حصل في جنيف ليس سوى الشكل الخارجي، إذ جرت اتصالات موازية في بيرن، العاصمة السويسرية، وضمت أطرافا إيرانية وأميركية.

وبحسب المعلومات المتوافرة لديها، فإنها رجحت أن يعمد أحمد الجربا، رئيس الائتلاف، إلى توسيع الوفد التفاوضي للمعارضة بضم ممثل عن هيئة التنسيق التي رفضت بداية المشاركة في «جنيف2» لكنها أخذت تعدل موقفها منه، معتبرة أن «المشاركة أفضل من المقاطعة».

وقالت هذه المصادر إن التركيز في الجولة الثانية التي من المقدر لها أن تدوم أسبوعا، سيكون منذ البداية على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي مع احتفاظ الإبراهيمي بـ«المرونة اللازمة» لتطويع المفاوضات وفقا لمجرياتها.

وتعتبر باريس أن الجولة الأولى، رغم أنها لم تحقق نتائج ملموسة في الميدان الإنساني ولا على صعيد التقدم نحو إقامة الهيئة الانتقالية، كانت مفيدة لوفد المعارضة الذي «كسبها سياسيا» بمعنى أنه أثبت حضوره فيها وتعاطى مع المفاوضات بـ«جدية وحزم» وبين رغبته الالتزام بمضمون القرار الدولي رقم 2118 وببيان «جنيف1» ونص رسالة الدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. فضلا عن ذلك، فإن الائتلاف حافظ إلى حد كبير على «وحدة موقف المعارضة» التي تراجعت الانتقادات الموجهة لها بسبب مشاركتها حتى من القوى العسكرية المنتمية إليها. وبالمقابل، وبحسب المعلومات الفرنسية، فإن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عبر عن «امتعاضه» من مضمون خطاب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي اعتبره «فاقدا للصدقية»، من حيث المضمون و«عدائيا» من حيث اللهجة. وترجح أن يكون الامتعاض انعكس على صورة ومستوى الوفد الروسي الذي بقي في جنيف بعكس الوفد الأميركي (20 شخصا) أو الوفود الأخرى.

ويعود الحنق الروسي بالدرجة الأولى، بحسب باريس، لرفض النظام الالتزام بتنفيذ التدابير الإنسانية، خصوصا في حمص والتي أتفق بشأنها بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي لافروف خلال اجتماعهما في باريس منتصف الشهر الماضي حيث التزم كل طرف بالضغط على الجهة القريبة منه.

وتلاحظ المصادر المشار إليها وجود «بعض التغيير» في الخطاب واللهجة الروسيتين، لكنها لا تريد افتراض أن هذه المؤشرات تنبئ بتغير في المواقف الأساسية لروسيا، بل ربما في بعض المسائل الإنسانية مثل إيصال المساعدات للمناطق المحاصرة والمنكوبة. وترى مصادر أخرى أن «الاختبار الحقيقي» لموسكو سيكون في مجلس الأمن الدولي عندما سيطرح عليه مشروع قرار خاص بالجوانب الإنسانية.

وفي أي حال ورغم المآخذ والتحفظات واستمرار عمليات القصف وازدياد أعداد القتلى وانتشار الدمار وانعدام اليقين لجهة ما سيفضي إليه من نتائج، فإن باريس ترى أن جنيف2 «يشكل مرحلة مهمة» وأنه «أطلق مسارا دبلوماسيا سياسيا لم يكن موجودا». لكن الخطر، كما تقول المصادر الفرنسية، أن استمرار النظام بعمليات القصف على نطاق واسع خصوصا بالبراميل المتفجرة وتساقط الأعداد الكبيرة من القتلى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة سيضع الأخيرة في «موقف صعب» قد يدفعها للانسحاب من جنيف.

بيد أن ما حصل في جنيف ليس سوى الشكل الخارجي الذي طفا على السطح إذ جرت اتصالات موازية في بيرن، العاصمة السويسرية وضمت أطرافا سورية وروسية وإيرانية وأميركية. ورغم أن المصادر الفرنسية لم تؤكدها بالمطلق، إلا أنها نقلت عن السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد، المولج الملف السوري، تأكيده لحدوثها بشكل غير مباشر إذ قال إن واشنطن «لم تشارك فيها رسميا» ما يعني أنها حصلت بالفعل.

ولمحت المصادر الفرنسية إلى وجود اتصالات بين أطراف من المعارضة ومنشقين وآخرين ما زالوا تحت جناح النظام للنظر في كيفية المحافظة على المؤسسات وتلافي «السيناريو العراقي» في سوريا، أي تدمير المؤسسات وحل الجيش وخلاف ذلك من التدابير التي دمرت الدولة العراقية. وفي أي حال، فإنها ترى أن عمليات الانشقاق «متواصلة ولكن بوتيرة أضعف» بسبب عوامل الخوف وانعدام اليقين لجهة مصير النظام وما ستؤول إليه الحرب الدائرة في سوريا منذ ثلاث سنوات.

ويبدو النظام، منظورا إليه من العاصمة الفرنسية، مستمرا على مواقفه و«رافضا حتى الآن» التخلي عن أي شيء ومستمرا في الحل العسكري طالما يحظى بالدعم. لكن العارفين بخبايا الأمور في سوريا، يشيرون إلى وجود «مؤشرات تململ» داخل الطائفة العلوية التي هي العماد الأساسي للنظام وحصول انشقاقات ما يعكسه استمرار احتجاز أحد وجهاء هذه الطائفة وهو عبد العزيز الخير رغم أن الطرف الروسي هو من كان ضمن سلامة عودته إلى سوريا.

ومهما تكن التصورات، فإن مصادر وثيقة الصلة في باريس ترى أن الأمر المجمع عيله هو أن مفاوضات جنيف «لن تكون نزهة» وهي «مرشحة لكل الاحتمالات» مع ترجيح الفشل بسبب التشابكات الخارجية إقليميا ودوليا، وطالما أن الطرفين لم يقتنعا بعد بأن زمن تقديم التنازلات قد حان من أجل التوصل إلى تسوية.