تساؤلات حول سياسة أوباما في سوريا والسفيرفورد يغادر نهاية الشهر

جمهوريون يؤكدون استياء كيري من موقف البيت الأبيض.. والخارجية تنفي

TT

منذ اندلاع الثورة السورية في مارس (آذار) 2011، وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تواجه أسئلة محرجة حول سياستها في واشنطن. وزادت تلك الأسئلة خلال اليومين الماضيين عندما نشرت 3 وسائل إعلام أميركية تقارير تفيد بأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أقر بفشل السياسة الأميركية تجاه سوريا في لقاء مع مجموعة من أعضاء الكونغرس الأميركي، وبينهم أعضاء جمهوريون. وأثارت هذه التقارير غضب الإدارة الأميركية، وسارعت الخارجية الأميركية لنفي التقارير حول استياء كيري وحيرته من السياسة المتعبة في سوريا تزامنا مع تأكيد قرب مغادرة السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد منصبه بعد أن أصبح المنسق الرئيس لتلك السياسة.

ويزيد الغموض حول السياسة الأميركي تجاه سوريا بعد تأكيد قرار السفير الأميركي روبرت فورد ترك منصبه «سفيرا لسوريا» والذي أصبح المنسق الرئيسي مع المعارضة السورية منذ مغادرته دمشق في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. وعلمت «الشرق الأوسط» أن فورد عازم على ترك منصبه نهاية الشهر الحالي، وذلك ما كان يخطط له منذ أشهر عدة. وكان فورد عبر عن رغبته في ترك منصبه بعد فترة من العمل الشاق والسفر المتواصل بين تركيا ودول المنطقة وعواصم أوروبية وواشنطن بحثا عن مخرج للأزمة السورية، لكنه أجل هذا القرار إلى حين بدء المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف الشهر الماضي. ومن غير الواضح من المرشح لتولي منصبه، لكن هناك مشاورات داخل وزارة الخارجية الأميركية لإعادة هيكلة الفريق الخاص بالعمل على الملف السوري، ومن المقرر أن يتضح الأمر خلال الأيام المقبلة.

وكان كيري اجتمع بمجموعة من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على هامش مؤتمر أمني في ميونيخ قبل أيام، ومن بين المجموعة المشرعان الجمهوريان جون ماكين ولينزي غراهام المعروفان بانتقادهما لسياسة أوباما في سوريا والمطالبان بموقف أكثر حزما من واشنطن، بما في ذلك بحث خيارات الدعم العسكري للمعارضة السورية.

وأفاد موقع «ديلي بيست» الإخباري الإلكتروني بأن ماكين وغراهام قالا للصحافيين إن الرئيس السوري بشار الأسد لم يف بوعده بالتخلي عن الأسلحة الكيماوية، وأن محادثات السلام في جنيف التي تهدف إلى تشكيل حكومة انتقالية سورية ليست ناجحة. وأضاف الموقع عن رواية غراهام أن كيري أقر بأن الاستراتيجية الأميركية يجب أن تتغير. وشارك السيناتوران الديمقراطيان كريس ميرفي وشيلدون وايتهاوس في اللقاء، لكن لم يصرحا بأن كيري يعتبر السياسة فاشلة، بل وقالا في بيان مشترك إنهما فوجئا برواية الجمهوريين لتقييم كيري. وأوضحا «لا تعكس الروايات التي نقلت اليوم المحادثة التي سمعناها.. لا يتذكر أحد منا أن الوزير قال إن سياسة الإدارة في سوريا فاشلة، ولا اقتراح مساعدات فتاكة جديدة لجماعات المعارضة السوري».

ونفت الناطقة باسم وزارة الخارجية جين بساكي التي كانت حاضرة في الاجتماع مع أعضاء مجلس الشيوخ أن يكون كيري يرى السياسة الأميركية «فاشلة». وقالت بساكي في مؤتمرها الصحافي اليومي «لم يحدث في أي وقت خلال اللقاء أن أثار الوزير كيري مسألة تقديم مساعدات فتاكة للمعارضة. ولم يحدث أنه صرح بما نسب إليه في اعتقادي من أن العملية فشلت». وأضافت بساكي «الوزير قال في الاجتماع كما صرح علانية وكما قلنا جميعا علانية إننا يجب أن نستمر في دراسة ما يمكننا بذله من جهود أخرى، وما الذي يمكننا القيام به للضغط، وما الذي يمكننا القيام به على الصعيد الإنساني»، موضحة أنه «لا أحد في الإدارة الأميركية يرى أننا نبذل ما فيه الكفاية إلى أن يتم حل الأزمة الإنسانية وحتى تنتهي الحرب الأهلية. وكما تعلمون جميعا ستجري مناقشات داخل الإدارة بشأن الخطوات التي ينبغي اتخاذها وما ينبغي أن نفعله».

لكن صحيفة «واشنطن بوست» ومجلة «ذا أتلانتك» نقلتا الموقف نفسه عن ماكين وغراهام، مما زاد من وقع التصريحات في واشنطن. وكانت «واشنطن بوست» نقلت عن ماكين الذي يعتبر من أشد المؤيدين لتسليح المعارضة السورية أن كيري أقر بأنه «وصلنا الآن إلى نقطة حيث سيترتب علينا تغيير استراتيجيتنا»، مشيرا إلى إمكانية أن يشمل ذلك التغيير تسليح المعارضة السورية مباشرة. لكن الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني قال إن تصريحات ماكين وغراهام هي «مسألة أعضاء يتصورون ما يريدون سماعه ولا يؤكدون الوقائع التي نوقشت». وبسؤاله عما إذا كان أوباما يعتقد أن السياسة الأميركية الحالية في سوريا على صواب أجاب كارني «بالتأكيد»، موضحا «لا يوجد طريق آخر لسوريا لا يتضمن في نهاية المطاف تسوية سياسية تفاوضية».

وكان من اللافت أن المقالات الثلاثة نشرت عشية احتفال كيري بمرور عام على توليه منصب وزير الخارجية الأميركي. وأفادت مصادر دبلوماسية في واشنطن بأن كيري يشعر بضرورة العمل من أجل إحراز تقدم سياسي في سوريا، ولذا يعمل عن كثب مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. ولكن يبقى دور البيت الأبيض هو الأكبر في تحديد السياسة الأميركي في سوريا، إذ يحرص أوباما على عدم السماح بموقف يفرض تحركا عسكريا، بعد أن بات ذلك وشيكا في سبتمبر (أيلول) الماضي، قبل أن يعلن الأسد استعداده للتخلي عن السلاح الكيماوي.

ومنذ مقال رأي نشرته وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون في يونيو (حزيران) 2011 في صحيفة «الشرق الأوسط»، بعنوان «لا عودة إلى الوضع السابق في سوريا»، لم توضح إدارة أوباما كيف ترى المستقبل في سوريا إذا كانت العودة إلى الوضع السابق مستحيلة. وبينما تلتزم واشنطن بما قالته كلينتون آنذاك، وهو أن «الأسد يجب أن يرحل»، فإنها لم تستطع أن تقدم حلا ملموسا لتطبيق تلك السياسة.