تخوف من انفلات أمني في لبنان والتفجيرات تثير رعب الشارع

أنباء عن مهلة من عشائر الهرمل للسوريين في عرسال بالمغادرة خلال 24 ساعة

عناصر من الأمن يطوقون موقع انفجار منطقة الشويفات جنوب بيروت أمس (رويترز)
TT

تشير المعطيات الأمنية والسياسية إلى أن لبنان قادم على مرحلة خطرة، الأمر الذي يثير الرعب في نفوس اللبنانيين الذين باتوا على يقين أن خروجهم سالمين من بيوتهم لا يعني أنهم سيعودون إليها كذلك مساء، بعدما باتت العمليات الانتحارية متقاربة زمنيا ولا تميز بين مسؤول أو مواطن عادي أو حتى طفل.

وكان آخر هذه العمليات استهداف حافلة للركاب في منطقة الشويفات في جنوب بيروت أول من أمس، اقتصرت ضحاياه على مقتل الانتحاري وإصابة اثنين، وهو التفجير الخامس الذي يقع في لبنان منذ بداية العام الحالي، كما أتى بعد يومين فقط على التفجير الذي استهدف محطة للوقود في منطقة الهرمل في البقاع، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص. وكان لهذا التفجير انعكاسه الأمني على المنطقتين الجارتين الهرمل، ذات الغالبية الشيعية، وعرسال، ذات الغالبية السنية، وصلت أمس إلى «بيان تهديدي» نشر على مواقع التواصل الاجتماعي موقعا من «عشائر الهرمل»، انطلاقا من المعلومات التي قالت إن سيارة انتحاري الهرمل أتت من عرسال.

وعلى غرار التفجيرات التي وقعت في الضاحية الجنوبية لبيروت والهرمل، أعلنت جبهة النصرة في لبنان مسؤوليتها عن تفجير الشويفات، مشيرة إلى أن هذه التفجيرات هي رد على تورط حزب الله العسكري في سوريا إلى جانب قوات النظام.

وكان مروان شربل، وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، كشف عن معلومات حول تزايد عمليات سرقات السيارات خلال الأشهر الأخيرة في لبنان. وقال إن «عددا منها تخرج من لبنان إلى سوريا حيث تفخخ، ثم تعود إلى لبنان سالكة مناطق وعرة»، في إشارة إلى المعابر غير القانونية الموجودة بين البلدين.

وفي السياق عينه، أشارت صحيفة «وورلد تريبيون» الأميركية أمس إلى أن «لبنان يستعد لموجة تفجيرات انتحارية»، ونقلت عن مصادر أمنية لبنانية تأكيدها أن «الأجهزة الأمنية متأهبة تحسبا لأي تفجير انتحاري يمكن أن يحدث يوميا كما يحصل في سوريا والعراق».

وبينما لا تزال التحقيقات بشأن تفجير الشويفات مستمرة بعد إنهاء الأدلة الجنائية عملها في موقع التفجير، أشارت معلومات إلى أن سائق التاكسي الذي أوصل الانتحاري إلى المنطقة ليستقل السيارة «الفان» ومن ثم يفجر نفسه في داخله، هو من أنصار الشيخ السلفي أحمد الأسير.

لكن وزير الداخلية أكد أن «القوى الأمنية لا تزال تستمع إلى إفادة سائق التاكسي»، وأن «هوية انتحاريي الهرمل والشويفات لم تعرف بعد». وأعرب عن اعتقاده بأن الانتحاري كان يتوجه إلى الضاحية، ولفت إلى «وجود بعض الشكوك حول أشخاص غادروا منازلهم».

وبعد ساعات على وقوع انفجار الشويفات أول من أمس تجسد الانقسام اللبناني في بيان موقع من عشائر الهرمل تداوله لبنانيون بعد نشره على مواقع التواصل الاجتماعي. وتضمن البيان «تهديدا» لأهالي عرسال، ودعا «كل من لا ينتمي إلى التكفيريين في البلدة بالمغادرة خلال 48 ساعة حرصا على دمائه، وذلك بعد سلسلة العمليات الإرهابية التي استهدفت الهرمل والضاحية، وبعد أن نفد صبر الأهالي». وأضاف البيان: «بعد الذي رأيناه من أعداء الله والتكفيريين وهذا الحقد علينا والمساعدة من قبل السوريين في الهرمل وعدم اتخاذ إجراءات من قبل الدولة لحمايتنا، قررنا حماية أنفسنا والرد على طريقتنا، وسنقوم بإعطاء السوريين مهلة 24 ساعة للخروج من الهرمل، لأن بعد هذا الوقت بدقيقة سنهدر دمهم».

وتعليقا على هذا البيان، أوضح رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن البيان لم يوزع في البلدة وإنما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداول به الأهالي عبر رسائل قصيرة، مبديا تخوفه من أي استهداف قد يطال أبناء المنطقة، لا سيما أن هناك إشارات كثيرة بدأت تظهر منذ تفجير الهرمل الأول، وتفاقم الوضع مع الأخير الذي وقع السبت الماضي. وأكد الحجيري أن حزب الله يقيم حاجزا في آخر منطقة اللبوة قبل مدخل عرسال، وهو يبعد نحو 500 متر عن حاجز للجيش اللبناني، مشيرا إلى أن عناصر الحزب يفتشون المارة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى استياء أهالي عرسال الذين يطالبون بدورهم من القوى اللبنانية القيام بعملها. وأضاف: «إذا أردنا أن نمارس مهمة الأمن على غرار ما يفعلونه، نستطيع ذلك، لكننا نؤكد على حرصنا على دور الدولة اللبنانية التي يفترض أن تضطلع بهذا الدور». وأوضح الحجيري أن منطقة عرسال مطوقة بحواجز الجيش، إذ يتوزع في محيطها تسعة حواجز، «وهو أمر مرحب به من قبل أهالي المنطقة، لا سيما أنهم يشعرون أن بلدتهم مستهدفة». وطالب بأن تجد السلطات المعنية حلا لحاجز الحزب الذي يشكل وجوده استفزازا لهم.

من جهته، وضع نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي البيان «برسم الدولة اللبنانية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، معتبرا إياه تهديدا صريحا ومباشرا لأهالي عرسال، الذين يتخوفون من أن تكون نتيجة هذا البيان عمليات قصف للبلدة، أو اعتداء من نوع معين يطال البلدة وأبناءها». وأضاف الفليطي: «بلدية عرسال وأهاليها سيعقدون مؤتمرا صحافيا، أو قد يوجهون كتابا مفتوحا إلى رئيس الجمهورية مباشرة لحمايتهم من هذه الاعتداءات أو التهديدات».