البرلمان الليبي المؤقت يمدد ولايته.. وتحالف جبريل ينسحب

الناطق باسم المؤتمر لـ («الشرق الأوسط»): لسنا متعجلين على الدستور.. ورحيلنا يعني الفوضى

TT

قبل ثلاثة أيام فقط من مظاهرات شعبية متوقعة لإجبار المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) في ليبيا على الالتزام بموعد نهاية فترة ولايته القانونية رسميا يوم الجمعة المقبل، وافق أعضاء المؤتمر على مد ولايته لإتاحة متسع من الوقت للجنة خاصة لكتابة دستور جديد بوصفة خطوة مهمة لتعزيز التحول السياسي للبلاد نحو الديمقراطية.

لكن تحالف القوى الوطنية، الذي كان يترأسه الدكتور محمود جبريل، أعلن أمس رفضه لهذا التمديد، وقال في بيان له أمس، إن المؤتمر الوطني لن يعني لنا شيئا بعد يوم 7 فبراير (شباط) الحالي، متهما جماعة الإخوان المسلمين وكتلة الوفاء بأنهم رفضوا التوافق وكانوا يتبادلون الأدوار داخل المؤتمر.

وعد التحالف أن أعضاءه في المؤتمر «متروكون لحال سبيلهم منذ فترة، ومن يرَ منهم الوطنية في نفسه عليه أن يتراجع عما قام به يوم أمس»، مضيفا: «حاولنا التوصل مع كل القوي السياسية في البلاد إلى توافق على خطة إنقاذ تخرج البلد مما هو فيه، إلا أننا قوبلنا بتعنت الطرف الآخر الذي اختار السير بالبلاد إلى ما تحمد عقباه».

وفى أعنف هجوم علني وصريح ضد جماعة الإخوان المسلمين، قال قادة ومسؤولون في التحالف في مؤتمر صحافي عقدوه أمس، إن «من يدعي أنه تيار إسلامي يتبنى الاغتيالات والأعمال الإرهابية التي تحصل، وبنغازي وحدها حصدت أرواح أكثر من مائة عسكري». وأضافوا: «بعد الوصول إلى توافق بين الجميع، تفاجئنا في الليلة السابقة ليوم أمس (أول من أمس) برفض الإخوان المسلمين وكتلة الوفاء.. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن لهذه التنظيمات والجماعات من يملي عليها ما تقوم به».

من جهته، أبلغ عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني، «الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة، أن تحالف القوى الوطنية لا يمتلك الآليات القانونية في يده لتنفيذ قراره بالانسحاب من المؤتمر. وقال عبر الهاتف من العاصمة طرابلس: «أعضاء المؤتمر بينهم مشكلات ضخمة، وإدارة التحالف لا تمتلك الأعضاء الذين يصدر بهم القرار السيادي. نحن كمؤتمر وطني أصدرنا قرارا يمنع هيمنة الكيانات والأحزاب السياسية على أعضاء المؤتمر، ويمنع أحزابهم من الولاية عليهم، والإعلان الدستوري ضمن لهم استقلاليتهم». وأضاف أنه «ليس هناك كتلة تسمى التحالف داخل المؤتمر الوطني. لدينا ثماني كتل سياسية. لا يوجد شيء اسمه التحالف. هناك تحالفات بين أعضاء المؤتمر وبعضهم البعض».

وخلص حميدان إلى أن التحالف يقف ضد تمديد المؤتمر والحكومة لأنه فقد أعضاءه داخل المؤتمر ووزراءه في الحكومة، لهذا هو يريد التغيير.

وتابع قائلا: «التحالف من أكبر الكيانات التي تتولى قيادة الحراك الشعبي ضد المؤتمر، لكن غالبية الثوار والمجالس المحلية أصدروا بيانات تؤكد دعمهم لقرار المؤتمر بتمديد فترة ولايته».

ورأى حميدان أن «عمل المؤتمر الوطني دستوريا وشرعيا لا ينتهي إلا في 24 ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي»، مؤكدا أن خارطة الطريق التي جرى إقرارها تستند إلى مبادرتين من المؤتمر والأمم المتحدة. وأضاف: «المؤتمر لا يعترف بأنه مرهون بمدد زمنية، وولايته هي الإيفاء بالاستحقاقات الدستورية المهمة». وقلل حميدان من أهمية المظاهرات الشعبية المتوقع خروجها يوم الجمعة المقبل في عدة مدن ليبية خاصة العاصمة طرابلس، وقال: «لسنا متخوفين، قد تخرج أعداد لا قيمة لها. وليس من مصلحة الوطن سياسيا ودستوريا ترك البلد في فراغ». وأضاف: «نتوقع أصوات ضعيفة وبعض الكيانات التي لا تريد مصلحة الوطن بالكامل»، لكنه أكد في المقابل أن هناك حالة من الاستنفار الأمني والعسكري في الدولة الليبية تحسبا لمظاهرات يوم الجمعة المقبل، وقال إن «هذا فقط من باب التحوط وليس خوفا من الشعب، ولكن من كيانات تحاول التعبئة لأهداف ليست في صالح الوطن».

ووافق أعضاء المؤتمر الوطني على «خارطة طريق» جديدة تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة إذا فشلت لجنة خاصة مؤلفة من 60 عضوا بحلول مايو (أيار) في تحقيق تقدم نحو إتمام كتابة الدستور الجديد. وصوت المؤتمر في جلسة مثيرة للجدل عقدها بمقره الرئيس في العاصمة مساء أول من أمس بأغلبية 146 صوتا، على إجراء تعديلات بالإعلان الدستوري.

ونص قرار المؤتمر على تشكيل لجنة خلال الشهر الحالي لإجراء تعديل دستوري يتضمن انتخابات برلمانية ورئاسية، على أن تنتهي من عملها وتعتمد خلال 30 يوما، على أن تنتهي الهيئة التأسيسية من صياغة مشروع الدستور الجديد للبلاد خلال 120 يوما بدءا من أول عمل لها في شهر مارس (آذار) المقبل.. وذلك شريطة أن تتقدم بتقرير إلى المؤتمر في شهر مايو المقبل فيه إمكانية استكمال مشروع الدستور في المدة المذكورة.

وطبقا لنص القرار، فإذا أجابت هيئة الدستور بإمكانية ذلك، يطرح مشروع الدستور للاستفتاء عليه بعد استكماله بنعم أو لا خلال 30 يوما من تاريخ اعتماده. فإذا وافق الشعب الليبي عليه بأغلبية ثلثي المقترعين تصادق الهيئة على اعتماده دستورا للبلاد، ويحال للمؤتمر الوطني لإصداره. وفي حال رفض الدستور المقترح تقوم الهيئة بإعادة صياغته وطرحه للاستفتاء مرة أخرى في مدة لا تتجاوز 30 يوما من إعلان نتائج الاستفتاء الأول، بينما سيصدر المؤتمر الوطني قانون الانتخابات العامة وفقا للدستور خلال 30 يوما.

وتضمن القرار أن تجري الانتخابات العامة خلال 120 يوما من تاريخ صدور القوانين المنظمة لذلك، حيث سيشرف المؤتمر الوطني والحكومة على إعداد كل متطلبات العملية الانتخابية. وطبقا لهذا السيناريو فإن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، والتي يعيد المؤتمر الوطني تشكيلها لإجراء الانتخابات العامة تحت إشراف القضاء الوطني، وبمراقبة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية، ستصادق على النتائج وتعلنها، وتدعى السلطة التشريعية للانعقاد في مدة لا تزيد على 30 يوما من مصادقة المؤتمر. وخلال أول جلسة سيجري حل المؤتمر، وتقوم السلطة التشريعية بأداء مهامها.

وقال أعضاء في المؤتمر الوطني، إن الخطة لا تتضمن أي إشارة رسمية إلى محاولة إجراء اقتراع على حجب الثقة عن رئيس الوزراء علي زيدان، وقالوا إن أي مواعيد محددة للانتخابات ستقررها اللجنة الانتخابية.

في غضون، ذلك شنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي حملة عنيفة على وزارة الدفاع والحكومة الانتقالية برئاسة زيدان وحملتهما المسؤولية في تأخر بناء الجيش الليبي ومؤسساته. وشكت رئاسة الأركان في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية «ما تتعرض له من تهميش وإقصاء وعرقلة في إعادة بناء الجيش، من خلال نزع الاختصاصات والصلاحيات التي كفلها القانون لرئيس الأركان العامة، وكذلك تعرضها لتجفيف مواردها المالية وذلك بتحكم وزارة الدفاع في الميزانية وامتناعها عن الصرف مباشرة لرئاسة الأركان العامة باعتبارها المسؤول الأول عن بناء الجيش وإدارة عملياته».

واتهم البيان وزارة الدفاع رسميا بالامتناع عن تفعيل عقود التسليح التي جرت دراستها من قبل الهيئات والإدارات العسكرية والمختصة، وقامت بإبرام عقود دون الرجوع لرئاسة الأركان العامة.

كما انتقد حكومة زيدان لإنشائها غرفا أمنية ووحدات قتالية وتعيين قيادات لها، ثم إلحاقها برئاسة الأركان العامة من دون استشارتها أو تخصيص ميزانيات لها، حيث إن رئاسة الأركان العامة هي صاحبة الاختصاص بذلك.

وطالب البيان المؤتمر الوطني تأكيد صلاحيات واختصاصات رئيس الأركان العامة. وأضاف أن «رئاسة الأركان العامة للجيش لا يمكنها في هذا الوقت وبهذا بهذه الكيفية أن تتحمل مسؤولية إعادة بناء الجيش أو قيادة العمليات الحالية حاليا، والتي ينفذها منتسبو الجيش الليبي والثوار المنظمون لرئاسة الأركان العامة دون تخصيص المصادر المالية اللازمة لذلك». وطالبوا بضرورة تخصيص ميزانية طوارئ التي تراها رئاسة الأركان العامة كافية وللحكومة والمؤتمر أن يمارسا كل الرقابة السابقة والمصاحبة واللاحقة.