اجتماع طارئ لقيادة جبهة التحرير الجزائرية لبحث تهديدات محتملة ضد زعيمها

بعد هجومه الحاد على قائد جهاز المخابرات

TT

عقد حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري، صاحب الأغلبية البرلمانية أمس، اجتماعا طارئا عقب ردود الفعل التي أثارها هجوم أمينه العام عمار سعداني على قائد جهاز الاستخبارات العسكرية الجنرال محمد مدين (توفيق)، الذي دعاه إلى الاستقالة بذريعة أنه «فشل في مهمته».

وقال الصادق بوقطاية عضو المكتب السياسي في الحزب في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن «الاجتماع الذي جرى في جلسة مغلقة بحث الأوضاع السياسية في البلاد بعد التصريحات التي أطلقها الأمين العام»، في إشارة إلى كلام لسعداني كان له وقع القنبلة في البلاد، نشرته الصحيفة الإلكترونية «كل شيء عن الجزائر» أول من أمس، أهم ما جاء فيه أن الجنرال توفيق مسؤول عن ثغرة أمنية وقعت في خريف 2007 عندما نجا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من محاولة اغتيال بالمتفجرات، في مدينة باتنة (450 كلم شرق العاصمة).

ورفض بوقطاية إعطاء تفاصيل عن الوضع داخل الجبهة، بعد الاستهداف المركز ضد شخص الجنرال توفيق، الذي يعد الرجل القوي في منظومة الحكم بشقيها السياسي والعسكري. فيما قال قيادي من الحزب رفض نشر اسمه، إن سعداني «ليس قلقا أبدا من التصريحات النارية التي أطلقها ضد جهاز الأمن الداخلي، الذي يدفع ببعض القياديين إلى الإطاحة بالأمين العام، للسيطرة على الحزب».

وأضاف «لما تأكدنا من هذه المناورة، قرر سعداني التنديد بالمخابرات ورئيسها في العلن». وذكر قيادي آخر أن قيادة الحزب «تتخوف من رد فعل معاد أو تهديد ضدها بعد هجوم سعداني على المخابرات». يشار إلى أن سعداني قال إن الجنرال مدين «سيكون مسؤولا عن أي أذى قد يلحق بي».

وقال سعداني للصحيفة الإلكترونية إن «مديرية الأمن الداخلي التابعة لجهاز المخابرات نسجت علاقات قريبة جدا من الطبقة السياسية والصحافة والقضاء، وتدخلت بشكل سافر في عمل القضاة ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية، ولما تحدثت في وقت سابق عن ضرورة وضع حد لتدخل المخابرات في المجال السياسي، كنت أقصد مديرية الأمن الداخلي التي تجاوزت صلاحياتها»، مشيرا إلى أن ضباطا برتبة عقيد في المخابرات، اتصلوا بأعضاء في اللجنة المركزية للحزب «بهدف دفعهم إلى إبعادي من القيادة». وتساءل: «بأي حق يتدخل العقداء في شؤون حزبنا؟».

وقال سعداني، إن «وجود ضباط مديرية الأمن الداخلي على مستوى جميع الهيئات من البلديات وإلى غاية رئاسة الجمهورية، يوحي بأن النظام في الجزائر ليس مدنيا، والكثير من الأحزاب السياسية راحت ضحية تدخلات جهاز المخابرات على غرار ما يجري عندنا، وفي حزب عبد الله جاب الله وحزب جبهة القوى الاشتراكية»، في إشارة إلى مشكلات داخلية في أحزاب المعارضة، يشاع بأنها من «افتعال» قائد جهاز المخابرات الجنرال توفيق الذي لم يظهر أبدا في العلن منذ توليه تسيير المنظومة الأمنية عام 1992.

والغريب في كلام سعداني القوي أنه صدر باسم حزب معروف بارتباطه برجال النظام على أعلى مستوى. لذلك يعطي انطباعا بوجود صراعات قوية في هرم السلطة، مرتبط أساسا بوجود «مقاومة» من جانب جهاز المخابرات لقضية تثير اهتماما كبيرا محليا، تتعلق بترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المفترض لولاية رابعة بمناسبة انتخابات الرئاسة التي ستجري بعد شهرين ونصف الشهر تقريبا.

وقال المحلل السياسي رشيد قريم إن ما جاء على لسان سعداني «يؤكد تراجع نفوذ جهاز الاستخبارات لصالح جماعة الرئاسة». فقد أصبح بوتفليقة رئيسا بكامل الصلاحيات رغم حالته الصحية المتدهورة، بعد فترة صراع طويل مع المخابرات.

وأضاف «لا أعتقد أن سعداني يعبر عن رأي شخصي، فقد تحدث نيابة عن جماعة الرئيس والجميع يعرف الجهة التي تتبناه والتي وضعته على رأس حزب الأغلبية، بعد تنحية عبد العزيز بلخادم مطلع 2012».