موقف جنبلاط يحدد مصير «حكومة الأمر الواقع» اللبنانية

توقع إعلانها اليوم.. واستقالة أكثر من ثلث الوزراء يحولها إلى «تصريف أعمال»

وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو تستعرض قوات إيطالية مشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) جنوب لبنان (رويترز)
TT

وصلت التشكيلة الحكومية ذات صيغة «الأمر الواقع السياسية» في لبنان إلى مرحلتها النهائية، بينما يعمل رئيس الحكومة المكلف، تمام سلام، في الساعات الأخيرة، على إسقاط الأسماء على الحقائب الوزارية ليقدمها اليوم إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان، قبل مغادرته الجمعة إلى تونس للمشاركة في الاحتفال الذي تقيمه تونس بإقرار الدستور الجديد، وفق ما توقعت مصادر متابعة للمباحثات في تصريحها لـ«الشرق الأوسط».

الأنظار تبقى موجهة إلى موقف النائب وليد جنبلاط وعما إذا كان سيقبل المشاركة في الحكومة أم سيقدم وزراؤه استقالتهم، بعدما بات مؤكدا أن فريق «8 آذار» سيقف إلى جانب حليفه المسيحي النائب ميشال عون، الذي أعلن رفضه، وبشكل قاطع، القبول بأي حكومة تخضع لمبدأ المداورة في الحقائب، متمسكا بحقيبة وزارة الطاقة. وهذا الأمر يتوقع أن يؤدي إلى استقالة 8 وزراء من أصل 24 وزيرا، هم الوزراء المسيحيون الأربعة، بمن فيهم المؤيدون لعون وتيار «المردة» وحزب «الطاشناق»، والأربعة المحسوبون على حزب الله و«حركة أمل»، في حين يبقى موقف جنبلاط هو الحاسم، فإما أن يمنح وزيراه الحياة لهذه الحكومة، أو تتحول إلى «تصريف أعمال» تتولى مهمة من سبقها، إذا ما قرر السير على خطى قوى «8 آذار»، بحيث يصبح أكثر من ثلث وزرائها مستقلين. وفي هذه الحالة، تعود الكرة مجددا إلى الرئيس سليمان ليحدد بذلك موعدا للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد.

وفي هذا الإطار، أكد مصدر متابع للاتصالات أن رئيس الحكومة المكلف سلام أبلغ الوسطاء أنه سيستقيل بدوره، إذا ما استقال الوزراء الشيعة.

وكان موقف رئيس مجلس النواب، نبيه بري، أمس، واضحا لجهة المقاطعة، إذ أكد خلال استقباله النواب أمس، في «لقاء الأربعاء الأسبوعي» أنه ينتظر ويترقب ما يجري في شأن تشكيل الحكومة، مؤكدا أن الميثاقية عنده معيار أساسي للحكم على مجريات الأمور. وشدد بري على تحاشي التسرع، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «ما يجري تداوله ويكتب عن فقدان مجلس النواب صلاحياته التشريعية بعد 25 مارس (آذار) المقبل غير صحيح، إذ إن المجلس يفقد صلاحياته التشريعية فقط في الأيام العشرة الأخيرة التي تسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية».

وكلام بري يدل، وفق ما قال النائب في كتلة «التنمية والتحرير»، ميشال موسى لـ«الشرق الأوسط»، على أن موقف فريق «8 آذار»، سيكون موحدا لجهة رفض المشاركة في الحكومة، لا سيما أنها تعد غير ميثاقية في غياب الأفرقاء المسيحيين، وذلك بعدما كان حزب «القوات اللبنانية»، أيضا، قد سبق له أن أعلن عزوفه عن المشاركة، احتجاجا منه على مشاركة حزب الله في القتال بسوريا، ومطالبا بحصول ضمانات على تضمين البيان الوزاري «إعلان بعبدا» عوضا عن «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة»، بينما ربط حزب الله مشاركته في الحكومة، بموقف»«التيار الوطني الحر»، مؤكدا أن العلاقة بينهما مبنية على تفاهم ورؤية استراتيجية ودستورية وميثاقية، ولا يمكن إلا أن يكونا معا.

وفي حين لفت النائب موسى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه، ووفق بعض المعلومات، يبدو أن قرار جنبلاط لن يكون مغايرا لقرار قوى «8 آذار»، عد النائب في كتلة «المستقبل» هادي حبيش، أن الأمر قد لا يكون على هذه الصورة، وعلى العكس من ذلك، هناك معلومات تشير إلى استمرار جنبلاط في الحكومة. وأوضح حبيش في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا استقالت الحكومة أو استقال أكثر من ثلث وزرائها، حتى قبل جلسة الثقة في مجلس النواب، تتحول إلى حكومة تصريف أعمال».

وتعليقا على مواقف فريق «8 آذار»، وعدهم «حكومة الأمر الواقع» غير ميثاقية، تساءل النائب في كتلة «المستقبل»، عمار حوري، هل الميثاقية تقتصر على الإبقاء على جبران باسيل في وزارة الاتصالات؟ عادا أنه لم يعد مهما لمن تعطى الحقائب، «فنحن في مرحلة دقيقة جدا، وما نراه اليوم أكثر من خطير».

وأضاف حوري: «للأسف، جزء من الفريق الآخر احترف الإخلال بالعهود والاتفاقات، بدءا من اتفاق الطائف مرورا باتفاق الدوحة، وصولا إلى إعلان بعبدا. وأنا أرى في الأفق إصرارا على المؤتمر التأسيسي وإصرارا على إسقاط النظام اللبناني بالصيغة الميثاقية التي نعرفها». وأردف أن «المشكلة ليست معنا، بل هي داخل الفريق الآخر، فالرئيس نبيه بري مصر أيضا على المداورة، ولكن المستغرب أن ينسحب بعض وزراء الفريق الآخر تضامنا مع من يرفض المداورة».