النظام يدير حملة «شعبية» في مناطقه لتأييد بقاء الأسد في السلطة

طلاء المحلات بألوان العلم السوري.. ومحاضرات لـ«ترجي الرئيس» خوض الانتخابات

TT

عند كل زاوية وفي كل زقاق في المناطق التي يسيطر عليها النظام لا يوجد سوى أعلام النظام السوري التي طلت ألوانها أبواب المحلات والدشم الإسمنتية الضخمة التي تغلق الشوارع، وحتى السواتر الرملية وأسوار الحدائق العامة.

وهذا جزء من حملة انطلقت منذ نحو شهر بالتزامن مع مساعي عقد مؤتمر جنيف للسلام، وتصاعدت مع انعقاد الجولة الأولى منه، في رسالة للتأكيد على أن الرئيس بشار الأسد ونظامه لن يرحلا، وترجمة عملية لتصريح وزير الإعلام السوري عمران الزعبي الشهر الماضي أن هناك «قرارا شعبيا سوريا بترشيح الرئيس بشار الأسد لفترة رئاسة أخرى، وسيضغط عليه الشعب كي يخوض الانتخابات».

وبدأت ملامح «الضغط الشعبي» تتمثل في حملة طلاء «إلزامي» واسعة ترافقت مع إطلاق أغاني لمطربين شعبيين باللهجة العلوية الساحلية جميعها تؤكد أن «غير الأسد ما نريد»، وأخرى تهلل لانتصار وفد النظام في «جنيف2». والنصر في مفهومهم يعني أن المؤتمر لم يفضِ إلى شيء، وأن الأسد سيترشح للانتخابات الرئاسية القادمة وسيفوز بفعل الضغط الشعبي. ولم تقتصر الحملة على الإعلام، بل شملت تنظيم سلسلة محاضرات في المراكز الثقافية يقدمها مسؤولون حزبيون في مختلف المناطق، يتحدثون فيها عن عزمهم «ترجي الأسد كي يترشح».

ونقل ناشط في مدينة اللاذقية أن «مسؤولا حزبيا قال خلال محاضرة إنهم سيقبلون بترشح الأسد للرئاسة وسينتخبونه، ما أثار غضب زميل له كان ضمن الحضور ونهض يؤنبه على الملأ لقوله (سنقبل) بينما عليه القول (سنترجى) سيادة الرئيس كي يقبل أن يترشح».

وتواكبت المحاضرات «التعبوية» مع مسيرات تأييد عاد النظام ليحشد لها في المناطق الخاضعة له، تحت التهديد، آخرها في ساحة المخرج بمدينة النبك، شارك فيها العشرات من الأهالي من أصحاب المحال التجارية في الساحة، وذلك بعد نحو شهر من وقوع مجازر مروعة في المدينة ارتكبتها قوات النظام. ونقلت وسائل الإعلام الرسمي ما وصفته بـ«العرس الجماهيري» في النبك، كما نقلته قناة «المنار» التابعة لحزب الله، والتقت بمشاركين قالت إنهم من سكان المدينة، تحدثوا عن «سعادتهم» بعودة الأمن والأمان للنبك بعد تمكن قوات النظام من دحر «الإرهابيين».

وفي دمشق، عادت سيارتا الهامر الشهيرتان والمطليتان بألوان علم النظام لتجوبا شوارع العاصمة متقدمين عددا من السيارات تحمل صور الأسد وعلى متنها شبان وشابات يطلقون أغانيهم الشعبية الممجدة لرئيس النظام وشقيقه ماهر، في مظاهر يصفها السوريون بـ«الوقحة» و«المستفزة».

ويقول رامي (اسم مستعار) بعد أن اضطر إلى طلاء محله بألوان العلم: «ليس هناك ما هو أكثر وقاحة من هذه التصرفات، فبينما نموت بنيران الحرب وبلادنا تدمر بالبراميل وشعبنا يثير الشفقة ويعيش على المساعدات، يحتفل هؤلاء بالنصر في جنيف ويروجون لبقاء النظام».

ويضيف: «أجبرت على دفع سبعة آلاف ليرة، أي أن المحافظة سرقت مني سبعة آلاف ليرة، لقاء طلاء باب المحل دون أن أستشار في ذلك، وحتى لو استشرت فلن أجرؤ على الرفض، وهناك كثيرون مثلي. إنهم يتبعون سياسة فرض الأمر الواقع وما علينا سوى القبول».

بينما يشير مازن، صاحب محل بقالة، إلى أنه ليس بالإمكان الرفض أو إبداء الامتعاض. ويقول: «عندما جاءني شاب قال إنه موظف في المحافظة وسيطلون واجهة محلي بألوان العلم السوري لأن هناك أوامر من فوق بتوحيد ألوان واجهات المحال التجارية، لتحسين مظهر المدينة وإظهار الولاء للوطن ضد أعداء سوريا، لم أعترض عليه، لكنني قلت له إنني سأنفذ المهمة بنفسي، إلا أنه هددني بشكل غير مباشر، وراح يتحدث عن فرض غرامة مالية تقدر بمائة ألف ليرة سورية على من لا يطلي واجهة محله، وقد يغضب عليه ويستدعى للأمن، عندها علمت أنهم يريدون سرقتي». ويوضح: «الطلاء لا يكلف أكثر من ثلاثة آلاف ليرة وهم يريدون سبعة آلاف (50 دولارا تقريبا)».

قصي، وهو موالٍ للنظام، عبر عن إعجابه بفكرة طلاء المحلات وقال إنها تجعل دمشق «أجمل» وكأنها «قلب واحد خلف نظام واحد»، وهذا أفضل من الفوضى التي جلبها «الإرهابيون». إلا أنه لم يستبعد ساخرا أن «محافظة دمشق تحتاج إلى المال ووجدت في هذه الحملة لترشيح سيادة الرئيس فرصة لجباية الأموال من التجار».