تفجير انتحاري يستهدف «الخارجية» العراقية ومحيط المنطقة الخضراء

معلومات استخباراتية: البحث عن أربع سيارات مفخخة تجوب بغداد

دخان انفجار في ساحة الخلاني بجانب الرصافة من بغداد تزامن مع تفجير وزارة الخارجية بجانب الكرخ (رويترز)
TT

ثانية تصبح وزارة الخارجية العراقية التي تقع على بعد عشرات الأمتار من المدخل الرئيس للمنطقة الخضراء هدفا لتفجير انتحاري. ففي أغسطس (آب) 2009 وقع أكبر تفجير انتحاري في العاصمة العراقية بغداد بسبع سيارات مفخخة كان النصيب الأكبر منها من حصة وزارتي الخارجية والمالية حيث أوقعت تلك الانفجارات نحو 100 قتيل وأكثر من 500 جريح. في تلك التفجيرات تناقضت تصريحات كل من رئيس الوزراء نوري المالكي الذي اتهم البعث و«القاعدة» مع اتهام صريح لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بالضلوع في ذلك، ووزير خارجيته هوشيار زيباري الذي اتهم في وقتها الأجهزة الأمنية بالتواطؤ مع مدبري تلك التفجيرات لأنهم أزالوا الحواجز من أمام مبنى الوزارة مما سهل على المنفذين الاختراق.

وبعد خمس سنوات، ولكن من خلال صورة أخرى مختلفة سواء على صعيد المواقف السياسية أو مستوى الجهود التي تقوم بها الحكومة العراقية في التعامل مع الإرهاب، هز أمس تفجيران انتحاريان بحزامين ناسفين مبنى الخارجية وأحد المطاعم الشعبية الذي ليس بعيدا عنها ولكنه يقع هو الآخر في مدخل المنطقة الخضراء وغالبا ما يؤمه رجال الأمن والسيطرات والأجهزة المكثفة التي تسور المكان مما يجعله الأكثر أمنا في بغداد.

المصادر الأمنية تقول إن هناك أربع سيارات أخرى تجوب المنطقة نفسها التي تتكدس فيها السيطرات الثابتة والراجلة ويمنع حتى على السابلة الوقوف لدقائق معدودات بحثا عن سيارة أجرة يمكن أن تمر بالصدفة في هذا الطريق المؤمن تماما. مع ذلك، فقد جرى قطع هذا الطريق والطرق الأخرى المؤدية إليه والنافذة منه إلى مناطق أخرى نظرا لأن هناك أربع سيارات أخرى مفخخة تتنقل هنا وهناك وذلك استنادا إلى معلومات استخباراتية دقيقة.

لكن عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية مظهر الجنابي تساءل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ردا على سؤال بشأن السيارات الأربع المفخخة: «لماذا تبدو المعلومات الاستخبارية دقيقة في عملية الكشف عن وجود سيارات مفخخة بينما لم تتمكن الأجهزة الاستخبارية ذاتها من إبطال عمليتي التفجير اللتين طالتا الخارجية والمطعم الشعبي؟». ويضيف الجنابي قائلا: «الأمر هنا إما أن هذه المعلومات غير صحيحة حيث لا توجد سيارات مفخخة بل هي تبرير لقطع الطرق وفرض مزيد من الإجراءات، أو أن الأجهزة الأمنية مخترقة». وأوضح الجنابي: «إننا مللنا من الكلام عن الخروقات والاختراقات وعدم الكفاءة والمهنية، ولكن لا أحد يستمع، وهو ما يجعل الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، بينما يتوجب على الحكومة معالجة نقاط الخلل حتى لا يتكرر الخطأ نفسه في كل مرة».

من جانبها، أعلنت وزارة الداخلية الحصيلة النهائية للقتلى والجرحى. ففي بيان لها قالت الوزارة إن «عدد ضحايا تفجيري اليوم (أمس) اللذين وقعا بالقرب من وزارة الخارجية بحزامين ناسفين بلغ 20 قتيلا و28 جريحا».

وفي سياق تفسيرها لما حصل، أكدت العضو المستقل في البرلمان العراقي وعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان صفية السهيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما حصل في الواقع يعد رسالة قوية من قبل التنظيمات الإرهابية لا سيما أنها استهدفت منطقة سياسية بامتياز حيث وزارة الخارجية ومدخل المنطقة الخضراء، وهي منطقة مغلقة أمنيا بالكامل مما يجعلنا نضع العديد من علامات الاستفهام بشأن ذلك». وأضافت السهيل أن «هذا المبنى (الخارجية) جرى استهدافه قبل سنوات ومن المدخل نفسه، وهو ما يعني أن الخلل لم يعالج على الرغم من مرور هذه السنوات، لا سيما أن القوى الإرهابية تريد الآن الإعلان عن نفسها بطريقة مختلفة خاصة بعد أن تلقت ضربات في بعض مناطق البلاد مثل الأنبار». وأوضحت أن «الهدف سياسي وإعلامي، ولكن نتجت عنه خسائر بالأرواح وهو ما يتطلب اتخاذ مزيد من الإجراءات الحازمة لمواجهة مثل هذه الخروقات، حيث إن تنظيمات (داعش) و(القاعدة) تريد أن تبين للعالم أنها حاضرة وقادرة على الضرب في أي وقت وكل مكان».