الدبلوماسيون الأميركيون يستخدمون «تويتر» بشكل متزايد لتوصيل رسائل سريعة

كيري احتفى بعامه الأول كوزير بتغريدة.. ومسؤولو الخارجية يراجعون ما يكتبه قبل نشره

الصفحة الخاصة بوزير الخارجية الأميركي على موقع «تويتر»
TT

احتفل جون كيري وزير الخارجية الأميركي يوم الثلاثاء بمرور عام على توليه منصب وزير الخارجية بإعادة تنشيط حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وقال كيري «لقد استغرق الأمر عاما كاملا، لكن حساب وزارة الخارجية على موقع (تويتر) سمح لي أخيرا باستخدام حسابي الشخصي على (تويتر)» وقد نشر كيري تلك التغريدة على هاشتاغ «#JKTweetsAgain» كما لو كان يريد القول بأنه حرم من استخدام هاتف «بلاك بيري» الخاص به طوال العام الماضي.

ولم يهدر كيري المزيد من الوقت حيث سارع إلى تنشيط حسابه على «تويتر» من خلال نشر تغريدة صريحة تتألف من 106 أحرف تدين قصف الحكومة السورية لبعض المنازل وأحد المساجد في حلب بالبراميل المتفجرة. وبعد تلك التغريدة بساعات قليلة، أصدر كيري بيانا بنفس المضمون، لكن البيان ظهر في ثلاث فقرات بدلا من 106 أحرف.

لقد دخلنا عصرا جديدا من دبلوماسية «تويتر»، ذلك النوع من الدبلوماسية الذي يتضمن في ثناياه تعزيز – وفي بعض الأحيان استبدال – اللغة النصية المعدة بحرص، التي تميز بيانات وزارة الخارجية والبيت الأبيض، باللهجة العامية المستخدمة على «تويتر».

وتقوم مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية للأمم المتحدة، سامنتا باور، بنشر تغريدات بشكل منتظم على حسابهما على «تويتر» للرد على القضايا المهمة والمثارة على الساحة السياسية العالمية، من سجن الباحث القانوني الصيني إلى الانتهاكات التي تقع في جمهورية أفريقيا الوسطى.

أما مايكل ماكفول - أحد المساعدين السابقين في البيت الأبيض ورائد استخدام موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» كأداة دبلوماسية عندما تولى منصب سفير الولايات المتحدة إلى روسيا عام 2011 – فقد أعلن مغادرته لمنصبه كسفير لبلاده في موسكو يوم الثلاثاء عبر تغريدة، ثم قضى باقي يومه يتلقى تعليقات الأمنيات الطيبة على «تويتر».

وعلى حسابه على «تويتر»، علق كيري على تغريدة ماكفول بقوله «لا تعتقد أن العودة إلى كاليفورنيا ستمنعني من طلب النصيحة منك». ويعود ماكفول، الذي كان أستاذا للعلوم السياسية في جامعة ستانفورد، للعيش مجددا مع أسرته في كاليفورنيا.

وكانت تغريدات ماكفول على «تويتر» قد عرضته للدخول في متاعب مع حكومة روسيا في بداية فترة عمله كسفير في موسكو، عندما دافع عن المحتجين وعبر عن شكوكه في أن السلطات الروسية تضعه تحت المراقبة. غير أن ماكفول واصل نشر تغريداته باللغتين الإنجليزية والروسية. وقد صرح ماكفول بأن «تويتر» سمح له بالتفاعل الآني واللحظي مع طلاب المدارس الثانوية في مدينة فلاديفوستوك أو مع وزير في الحكومة الروسية، من دون الحاجة إلى اللجوء لعمل بيانات تنشرها وسائل الإعلام الإخبارية الروسية.

وقد حذا الكثير من السفراء حذو ماكفول، لا سيما كارولين كينيدي، سفيرة أميركا في اليابان، التي أثارت موجة من الغضب بين الشعب الياباني عندما نشرت تغريدة تنتقد الممارسات الدموية – التقليدية - لصيد الدلافين هناك.

وفي الوقت الذي صار لجوء السفراء لبث آرائهم من خلال حساباتهم على «تويتر» شيئا تقليديا – حتى أن وزارة الخارجية الأميركية صارت تتوقع من مبعوثيها نشاطا دبلوماسيا على شبكة الإنترنت – تعطي ظاهرة نشر المسؤولين الكبار لآرائهم في السياسة الأميركية، فيما يخص القضايا الحساسة، زخما جديدا للدبلوماسية الرقمية وترفع من مستوى وأهمية ذلك المنفذ الدبلوماسي الجديد. لكن ذلك يزيد من مخاطر المجال الدبلوماسي، فقد تسبب تغريدة لكيري عن شؤون الشرق الأوسط صداعا أكبر بكثير من تغريدة كينيدي عن آرائها في قضية صيد الدلافين في اليابان.

يقول دوغلاس فرانتز، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون العامة، «لن تكون تغريدات (تويتر) بديلا عن عقد الاجتماعات أو اتصال هاتفي. دبلوماسية أميركا الخارجية شديدة التعقيد ولا يمكن شرح قضية بعينها في جملة تتألف من 140 حرفا. غير أنه يمكن اللجوء لتغريدات (تويتر) لإيصال رسائل سريعة وشرح وتعليق على رسائل أخرى موجودة بالفعل».

ويشير بي. جاي. كروالي، أحد المسؤولين الذين سبق لهم تولي منصب فرانتز، إلى أن الدبلوماسيين، الذين يستخدمون موقع «تويتر»، لن يفقدوا مكانتهم على المستوى الخارجي، مضيفا «(لا شك أن) هناك قيمة محتملة في قيام جون كيري وسوزان رايس بنشر تغريدات على موقع (تويتر) باستخدام أسمائهم الحقيقة. وربما لا تكون لكلماتهم نفس القدر من الأهمية التي تتوفر عندما يتعاملون شخصيا مع قضية محددة».

ويوضح كراولي أن التحدي الأكبر الذي يواجه الدبلوماسية الرقمية هو محاولة اكتشاف غرض استراتيجي لتلك التغريدات، مضيفا «أنه سيكون من المهم أن نعرف ما هي الدروس التي تعلمتها كارولين كينيدي من تغريداتها حول صيد الدلافين، والتي تعكس بدقة الموقف الدبلوماسي الأميركي، كما أنها أثارت بالتأكيد حوارا جادا بين الطرفين عن تلك القضايا، مما أثار، في الوقت نفسه، الكثير من المتاعب».

ويقول مسؤولون إنه «رغم أن كيري يكتب تغريداته بنفسه، فإنه لا ينشرها من دون مراجعة رأي مسؤولي وزارة الخارجية فيها. وهناك بروتوكول مماثل لتغريدات سوزان رايس في البيت الأبيض، على الرغم من عدم حاجتها لنشر توضيحات عن بعض ملاحظاتها الشخصية، مثل تغريدتها مثلا عن سوبر بول (المباراة النهائية في دوري كرة القدم الأميركية) والتي قالت فيها الجميع يبحثون عن (فريق سياتل) سي هوكس في منزلي».

وكانت رايس، التي شرعت في نشر تغريداتها الدبلوماسية عندما تولت منصب سفيرة بلدها في الأمم المتحدة، قد أبدت قلقها في بادئ الأمر حول ممارسة السياسة الخارجية من خلال نشر رسائل قصيرة. لكنها اكتشفت فيما بعد أن الطبيعة المختصرة، التي تتمتع بها تغريدات «تويتر»، أجبرتها على إيجاز رسالة الحكومة الأميركية في جمل قصيرة مكثفة المعنى. كما أن تغريدات «تويتر» عملت أداة دبلوماسية مكافئة للردود الدبلوماسية الرسمية السريعة.

يقول باتريك فنتريل، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، «عندما يواجه المرء قضية جديدة، يجد أنه من الأفضل أن يتعامل بشكل مباشر مع تلك القضية. فتغريدات (تويتر) ليست مجرد رسائل يجري إطلاقها في لحظة انفعال عابرة».

وكان قد أثير الكثير من الجدل يوم الاثنين مساء عندما أطلقت رايس سلسة من التغريدات المدافعة عن كيري، الذي تعرض لهجوم من المسؤولين الإسرائيليين عندما لمح إلى أن فشل مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية من الممكن أن يؤدي إلى تفاقم الاتجاه المتزايد نحو مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ونزع الشرعية عنها.

وقالت رايس في إحدى تغريداتها «الهجوم الشخصي في إسرائيل ضد وزير الخارجية كيري غير مبرر وغير مقبول».

كما أضافت رايس في تغريدة أخرى «سجل كيري فيما يخص دعم أمن وازدهار إسرائيل ثابت وراسخ».

ويقول أليك جاي. روس، الذي ساعد في وضع مبادرات دبلوماسية رقمية لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، إن «قيمة (تويتر) الحقيقية بالنسبة لكبار المسؤولين تكمن في الحصول على معلومات استخباراتية وليس بعث رسائل».

مهما كانت المخاطر، قد يشعر المسؤولون الأميركيون بأنهم ليس لديهم خيار في قضية نشر تغريدات على موقع «تويتر»، حيث يقوم الكثير من نظرائهم الأجانب باستخدام تلك الوسيلة. فقد سبق الرئيس الإيراني حسن روحاني البيت الأبيض عندما نشر تغريدة عن المكالمة الهاتفية التاريخية مع الرئيس أوباما في الخريف الماضي. وكان كيري، الذي يمتلك حسابا على «تويتر» تحت اسم «سيناتور»، يود لو كان باستطاعته مواصلة استخدام ذلك الحساب. غير أن مساعديه أقنعوه باستخدام حساب وزارة الخارجية الرسمي خلال السنة الأولى من تولي منصبه، مع توقيع التغريدات بالأحرف الأولى، حسبما قال فرانتز.

والسؤال الآن: ما الخطورة التي قد تنجم عن إطلاق العنان لكيري لاستخدام حسابه الشخصي على «تويتر»؟ يجيب فرانتز بقوله «الكثير من وزراء الخارجية سيعرفون الكثير عن فريق بوسطن بروينز لهوكي الجليد أكثر مما كانوا يتخيلون أنهم سيعرفونه في يوم من الأيام».

* خدمة «نيويروك تايمز»