الببلاوي: التوافق بين مصر والسعودية ركيزة العمل العربي المشترك

رئيس الوزراء المصري أكد أن التعديل الوزاري سيكون محدودا والتجاوزات القطرية «غير مقبولة»

رئيس الوزراء المصري خلال المؤتمر الصحافي في الرياض، أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

وصف الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء المصري، مصر والسعودية بأنهما «رمانة الميزان» للمنطقة العربية بأسرها، وأنهما ركيزة العمل العربي المشترك، وقال إن «البلدين إذا توافقا نجح كل شيء، وإذا فشلا فشل كل شيء»، منوها إلى أن زيارته للسعودية تعد استكمالا للقاءات والاتصالات المستمرة بين المسؤولين والشعبين، ووصف التعاون الثنائي حاليا بأنه على أعلى مستوى في المجالات كافة ليست اقتصادية فقط؛ بل مواقف السعودية في كل لحظة هي إعطاء الدعم الكامل لمصر على المستوى الثنائي والدولي.

كما أكد الببلاوي أن من حق حكومة بلاده أن تطلب من دولة قطر المتهمين بارتكاب جرائم لها مساس بالمجتمع، لكي يقدموا إلى المحاكمة في القاهرة، واصفا الممارسات التي بدرت من الدوحة بأنها «ليست صديقة»، مبديا أمله ألا تتطور تلك الأحداث.

وذكر رئيس الوزراء المصري، بمؤتمر صحافي عقده في ختام زيارته للرياض أمس، أنه وجه الدعوة خلال لقائه الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير سلمان لزيارة القاهرة، لكي يعبر الشعب المصري عن تقديره للموقف السعودي المساند والمؤيد والمساعد لمصر.

وأوضح أنه نقل للأمير سلمان رسالة من الرئيس عدلي منصور تعبر عن شكر وامتنان وتقدير مصر للسعودية، ملكا وحكومة وشعبا، على كل ما قدمته لمصر، قائلا إن «هذا ليس بجديد على السعودية أو الأشقاء في الخليج، وهو ما كان له أكبر الأثر لدى الشعب المصري».

كما أشار إلى أنه أطلع الأمير سلمان على مجريات الأمور في مصر بعد ثورة 30 يونيو (حزيران)، وما حققته مصر من إنجازات زادت من حالة الاستقرار والثقة، بعد أن وجدت الدولة بشكل واضح وقوي في الشارع لمواجهة الإرهاب، مما أضعف القوى التي حاولت استخدام العنف، يعزز ذلك حالة التأييد الشعبي لتلك الإجراءات التي أدت إلى فاعلية الناحية الأمنية.

وحول التغيير المرتقب في الحكومة المصرية، قال الببلاوي إن هناك حاجة لتعديل محدود في الحكومة ولن يكون كبيرا، مشيرا إلى أن هناك منصبين شاغرين حاليا بالوزارة، وهناك احتمال أن يشغر منصب ثالث وهو منصب النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وذلك إذا قرر المشير عبد الفتاح السيسي دخول الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتابع الببلاوي أن «الأمر يتطلب وضوح الرؤية بالنسبة للمنصب الثالث»، موضحا أن الحكومة الحالية أسست لأهداف المرحلة الانتقالية في معالمها الأساسية، وأن الفترة الباقية لها لا تتطلب وجود وزراء جدد يفكرون في الفترة المقبلة. واستطرد رئيس الوزراء قائلا: «حتى الآن، ليس عندي أي وضوح عما ينبغي أن يكون في هذه اللحظة».

وحول التجاوزات القطرية في حق مصر، أكد الببلاوي رفض مصر الممارسات والتجاوزات القطرية ضدها، موضحا أن «قطر شقيقة من أشقائنا من الدول العربية، التي مهما حدثت اختلافات، فإنها تربطنا معها روابط عربية. لكننا نرى أن هناك بعض الممارسات التي يقال عنها إنها غير صديقة وبها قدر كبير من الافتقار إلى الإنصاف، ونرفض أن تقوم قطر بممارسات ضد مصر لا تتفق مع الروابط العربية». وأشار إلى أن مصر تأسف خلال الفترة الأخيرة لكثير من الأعمال التي تقوم بها قطر بأسلوب لا يتفق مع دول الجوار، مشددا في الوقت نفسه على أن مصر عليها مسؤولية في حماية الوطن العربي بصفتها الشقيقة الكبرى، وأن «هناك خلافات تحدث بين الأسرة الواحدة، ونحن حريصون على بقاء الروابط بين الدول العربية، ولا نريد أن تتحول إلى شيء نأسف عليه». وقال إنه «لا بد من الحوار داخل الأسرة العربية وأن ننظر إلى المستقبل».

وأكد رئيس الوزراء المصري «ضرورة الانتماء الوطني والحكمة، وأن هناك مسؤولية على الأخ الأكبر فيها بعض التساهل مع بعض التجاوزات؛ إلا أن هناك تجاوزات غير مقبولة وأحيانا غير لائقة.. لا أريد أن أستخدم تعبيرا أكثر من ذلك». ولفت إلى حق الحكومة المصرية في أن تطلب من أي دولة تسليمها أي شخص ارتكب جرائم فيها مساس بالمجتمع أو اقتصادية أو جنائية لكي يقدم للمحاكمة.

وفيما يتعلق بالموضوع الأمني، قال رئيس الوزراء المصري إن تقدما ملموسا تحقق في هذا المجال، يؤكد استقرار الدولة وجهودها في مكافحة الإرهاب الذي سوف يأخذ بعض الوقت، موضحا أن الجماعات التي تقوم بالعنف تفقد تأثيرها الشعبي يوما بعد يوم. وأضاف أن ما يجري من إجراءات على الصعيد الأمني يجري وفقا للقانون واحترامه، لافتا إلى أن الحكومة لم تلجأ إلى إجراءات استثنائية خلال حالة الطوارئ وحظر التجوال، وأن أحدا لم يتعرض للسجن إلا بأمر النيابة وبعد التحقيق معه.

وقال الدكتور الببلاوي إنه فيما يتعلق بالجانب السياسي، فإن «هناك تقدما في تنفيذ خريطة المستقبل، ونحرص على تنفيذها بكل دقة، حيث جرى الانتهاء من إحدى مراحلها، وهي إعداد الدستور والاستفتاء عليه بأغلبية كبيرة».

وفيما يتعلق بالمستوى الاقتصادي، أوضح رئيس الوزراء المصري أنه «رغم الصعوبات التي مرت، هناك درجة معقولة من الاستقرار شهدها الاقتصاد المصري، رغم بعض الأزمات البسيطة التي حدثت مثل موضوع البوتاجاز الذي تدخلت الحكومة لحله بسرعة، وذلك مقارنة بما كان يحدث قبل ذلك»، مشيرا إلى أن الوقود والمواد التموينية متوافرة والأوضاع الاقتصادية تزداد استقرارا.

وأشار إلى أن الحكومة قررت حزمتين استثماريتين خارج الموازنة بهدف ضخ المزيد من فرص العمل واستكمال المشروعات التي لم تستكمل لتعظيم العائد والاهتمام بالجوانب الاجتماعية، حيث إن هذه المشروعات تخدم السواد الأعظم من الشعب وتركز على المناطق الأكثر فقرا.

وقال إن الاحتياطي النقدي في استقرار منذ ثلاث سنوات، وللمرة الأولى ترفع المؤسسات الدولية الجدارة الائتمانية بعد أن كانت سالبة، وأكد: «إننا مقبلون على مرحلة ثانية من خريطة المستقبل تفتح صفحة جديدة للمستقبل، ومصر أمامها فرص واعدة في كثير من الأمور»، موضحا أن إحدى العقبات الأساسية التي تحول دون الانطلاق الاقتصادي ليس الموارد المالية، بل المناخ الاستثماري والتشريعات، التي سوف تقوم الحكومة بإعادة النظر فيها لجذب الاستثمارات والمستثمرين.

وأشار الببلاوي إلى أن الوفد الوزاري المرافق له أجرى مباحثات مع نظرائه من الجانب السعودي حول سبل تعزيز التعاون والشراكة بين الجانبين في مجالات النقل والبترول والإسكان والاستثمار. وجدد الببلاوي تأكيد أن تحقيق الاستقرار في مصر سينعكس على تحقيق الاستقرار في المنطقة.

وكشف عن طرح فرص استثمارية أمام رجال الأعمال الخليجيين، مؤكدا أن الجانب المصري سيبذل مزيدا من المرونة على الإجراءات وتوفير الضمانات التي من شأنها رفع الإقبال على الاستثمار، وأضاف أن زيارته للسعودية لم ينجم عنها اتفاق محدد حول مشروعات بعينها.

من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة المصرية السفير هاني صلاح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» مساء أمس إن «زيارة الوفد الوزاري المصري برئاسة الدكتور الببلاوي، للمملكة العربية السعودية والتي اختتمت أمس، كانت زيارة سياسية في الأساس»، مؤكدا أن الرسالة التي بعث بها الرئيس المصري المستشار عدلي منصور لخادم الحرمين الشريفين تضمنت تطلع القاهرة لتطوير علاقاتها بالمملكة في كل المجالات خلال الفترة المقبلة.

وغادر الدكتور الببلاوي والوفد المرافق له مساء أمس جدة عائدا إلى القاهرة بعد أداء مناسك العمرة في ختام زيارته. وبحث الوفد الوزاري الذي ضم وزراء النقل والتخطيط والاستثمار والإسكان والبترول مع نظرائهم السعوديين سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين وزيادة حجم الاستثمارات المشتركة وموضوع إنشاء جسر برى يربط بين مصر والسعودية لزيادة حجم التجارة البينية.

وقال السفير هاني صلاح ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» إن «الزيارة تضمنت أيضا توصيل أكثر من رسالة، منها تقدير وشكر وعرفان وامتنان من مصر لخادم الحرمين الشريفين والحكومة والشعب السعودي الشقيق، وإعادة التأكيد على عمق وتميز العلاقات المصرية السعودية باعتبارهما أكبر دولتين عربيتين ويمثلان العمل العربي المشترك، بالإضافة إلى فتح ملفات التعاون الاقتصادي والتجاري، وخصوصا الملفات الاستثمارية وجذب مزيد من الاستثمارات السعودية إلى مصر وحل وتذليل كل المعوقات التي يعاني منها بعض المستثمرين السعوديين حاليا في مصر».

وعما إذا كان جرى التطرق خلال الزيارة إلى العلاقات المصرية القطرية والشأن السوري، قال إنه جرى مناقشة مجموعة من القضايا خلال الزيارة سواء على المستوى الثنائي أو القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

وقال السفير صلاح إن «الزيارة كانت أساسا لشرح التغير الذي يطرأ على المناخ الاستثماري في مصر وحزمة التشريعات المزمع إصدارها قريبا لتحسين المناخ الاستثماري ووضع ضمانات لأي مستثمر عربي أو أجنبي يأتي إلى مصر»، مشيرا إلى أن هذا الأمر بالنسبة لبلاده أهم بكثير من موضوع المساعدات.

وعن فحوى الرسالة التي نقلها لخادم الحرمين الشريفين، الدكتور الببلاوي من الرئيس المصري، قال السفير صلاح، إنها «رسالة تقدير من السيد الرئيس منصور للقيادة السعودية بشكل عام وتؤكد على تطلع مصر لتطوير علاقاتها مع السعودية في كل المجالات خلال الفترة المقبلة والتطلع أيضا إلى أن يستمر التنسيق في كل القضايا محل الاهتمام المشترك».