إسلام آباد تباشر محادثات السلام مع طالبان «بذهنية منفتحة»

الحركة تشدد على فرض الشريعة كشرط لأي اتفاق.. ووقف هجمات «درون» أسهم في التهدئة

رئيس الوفد الحكومي عرفان صديقي (يسار) يصافح الشيخ سميع الحق أحد مفاوضي طالبان خلال بدء المحادثات في إسلام آباد أمس (رويترز)
TT

بدأت في إسلام آباد أمس المحادثات بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان المحلية، بهدف وقف سبع سنوات من التمرد المسلح. وبدا أن قرار الولايات المتحدة تعليق هجمات الطائرات من دون طيار (درون) في المناطق القبلية حيث ينتشر المتمردون أسهم في التهدئة وتعبيد الطريق نحو هذا الحوار.

ويعد لقاء أول من أمس بين وسطاء الحكومة ووفد من طالبان منذ أن قرر رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الأسبوع الماضي إعطاء «فرصة أخرى» للسلام، بعدما توقفت الاتصالات مع المتمردين الإسلاميين إثر مقتل زعيم حركة طالبان المحلية حكيم الله محسود بضربة من طائرة أميركية من دون طيار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبدد الإعلان المفاجئ من رئيس الوزراء الآمال بشن هجوم عسكري وشيك على معاقل طالبان في شمال غربي البلاد ردا على سلسلة اعتداءات وقعت في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال مسؤول قريب من الوفد الحكومي الذي يرأسه عرفان صديقي، إن الوفد الحكومي سيلتقي ممثلي طالبان «بذهنية منفتحة». وانطلقت المحادثات أمس بعد يومين على تعثرها، ذلك أنه كان مقررا التقاء وفدي الجانبين في العاصمة يوم الثلاثاء الماضي، إلا أن اللجنة الحكومية لم تحضر بحجة تساؤلات حول تشكيلة وسلطة فريق الطرف الآخر المؤلف من ثلاثة مفاوضين.

وتسعى حركة طالبان الباكستانية التي تضم فصائل مسلحة مسؤولة عن مئات الاعتداءات منذ تأسيسها في 2007، إلى فرض الشريعة في البلاد. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الملا عبد العزيز أحد الوسطاء الثلاثة في فريق طالبان قوله إنه «من دون فرض الشريعة، ليست هناك فرصة حتى واحد في المائة بأن تقبل حركة طالبان اتفاقا». وينتقد المتمردون أيضا الحكومة التي يعدونها تابعة بقراراتها الولايات المتحدة و«حربها ضد الإرهاب».

وهناك حديث عن وجود انقسام داخل حركة طالبان التي تضم عدة فصائل مسلحة، وتشير معلومات إلى أن بعضها يعارض فكرة المفاوضات من أساسها. وقال سيف الله خان محسود مدير مركز الأبحاث «فاتا» إن هذا الأمر يجعل من الصعب التوصل حتى إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كخطوة أولى. وأضاف: «لا أعلم ما إذا كانت حركة طالبان موحدة المواقف وأي مجموعات يمثلها هؤلاء المفاوضون، وبالتالي لا أعلم ما إذا بإمكانهم ضمان وقف لإطلاق النار على الإطلاق. إن مدى وحدة صف طالبان موضع تساؤلات».

ويعد الاستقرار في باكستان التي تملك السلاح النووي، مهما لأفغانستان المجاورة، حيث تعتزم القوات الدولية الانسحاب من هذا البلد بعد أكثر من عقد من الحرب. وقد يهدد إبقاء جنود أميركيين في أفغانستان المجاورة مع انتهاء مهمة قوات حلف شمال الأطلسي في 2014، نتيجة المحادثات بين طالبان الباكستانية وحكومة إسلام آباد، حسبما قال وسطاء المتمردين. وقال الملا سامي الحق كبير مفاوضي طالبان الباكستانية هذا الأسبوع: «إذا بقي الأميركيون في أفغانستان فلن يكون السلام ممكنا في المنطقة وسيستمر الوضع على حاله، أي غير مستقر».

ويطالب المتمردون أيضا بوقف ضربات الطائرات الأميركية من دون طيار التي تستهدفهم مع حلفائهم من تنظيم القاعدة في معاقلهم في المناطق القبلية الواقعة شمال غربي باكستان قرب الحدود الأفغانية. وخفضت الولايات المتحدة في الأشهر الماضية عدد هذه الضربات إلى حد كبير رغم أنها لم تتوقف بالكامل. وفي يناير الماضي، لم تشن واشنطن أي هجوم بهذه الطائرات في المناطق القبلية، وذلك للمرة الأولى لمدة شهر منذ أكثر من سنتين بحسب مكتب الصحافة الاستقصائية، هيئة الأبحاث البريطانية المستقلة.

ويمكن لهذا الأمر أن يشجع الحوار بين المتمردين والحكومة الباكستانية، إلا أن مصادر أميركية حذرت من أن ضبط النفس هذا لن يطبق حين يعد الهدف تهديدا مباشرا للولايات المتحدة كما كان عليه الأمر بالنسبة لحالة حكيم الله محسود.

من جانب آخر، فإن الجيش الباكستاني وحركة طالبان الباكستانية لم يعلنا بعد، في الوقت الراهن على الأقل، وقفا لإطلاق النار. وإذا كانت البلاد لا تزال تشهد اعتداءات بانتظام فإن القيادة المركزية لحركة طالبان نأت بنفسها هذا الأسبوع عن هجوم انتحاري أوقع ثمانية قتلى في بيشاور بشمال غربي البلاد.