أبو سهمين يتعهد بنقل السلطة في ليبيا «سلميا» استباقا لمظاهرات رفض تمديد ولاية البرلمان

استنفار أمني في طرابلس.. وبعثة الأمم المتحدة تحذر من استمرار العنف

TT

استبق نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، مظاهرات شعبية متوقعة اليوم (الجمعة) لرفض تمديد «المؤتمر الوطني» فترة ولايته القانونية حتى نهاية العام الحالي، بإعلان أن «الانتقال السلمي للسلطة مكسب من مكاسب ثورة 17 فبراير (شباط) عام 2011، يجب المحافظة عليه».

وقال أبو سهمين، في تصريح صحافي مساء أول من أمس، إن «(المؤتمر) الذي تسلم السلطة من المجلس الوطني الانتقالي بشكل سلمي، سيسلمها بشكل سلمي»، وعد «ممارسة العمل السياسي وفق آليات الديمقراطية والابتعاد عن الفوضى، هو خيار الشعب الليبي بعد الثورة المباركة». وأضاف أن «(المؤتمر) استشعارا منه لهذه المسؤولية العظيمة، بصفته السلطة العليا في البلاد، سيسلم السلطة بشكل سلمي عبر عملية انتخابية نزيهة وشفافة إلى السلطة القادمة».

وعقدت الحكومة الانتقالية، برئاسة علي زيدان، اجتماعا مساء أول من أمس، تجاهلت فيه مظاهرات اليوم المنتظرة، لكنها قالت في المقابل إنها ناقشت آخر المستجدات على الصعيد الأمني في مختلف ربوع ليبيا، وتحديدا بالمنطقة الجنوبية والشرقية. وعبرت الحكومة، في بيان أصدرته عقب الاجتماع، عن ارتياحها لما وصفته بالتحسن الملحوظ للأوضاع الأمنية بمدينة سبها بصفة خاصة، ومنطقة الجنوب بصفة عامة، مرحبة بعودة الحياة إلى طبيعتها.

وقالت الحكومة إنها تدارست ما وصل إليه برنامج دمج الثوار، وطالبت اللجنة المشرفة على هذا البرنامج بالإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنجاح هذا المشروع وإحالة المعوقات التي تحول دون تحقيق أهدافه إلى المجلس لاتخاذ ما يلزم حيالها. ولم تعلن السلطات الليبية، بشكل رسمي، أي إجراءات استثنائية أو احترازية تحسبا لمظاهرات اليوم التي دعا إلى تنظيمها ما يسمى حراك «لا للتمديد» في عدة مدن ليبية؛ لكن مسؤولين حكوميين أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن تعليمات صدرت بالفعل لمختلف أجهزة الأمن برفع استعداداتها كافة لتأمين المنشآت العامة والحيوية ومقر «المؤتمر» والحكومة الانتقالية في العاصمة طرابلس.

وانتقدت هيئة دعم وتشجيع الصحافة الاعتداء الذي شنه مسلحون مجهولون، مساء أول من أمس، على مقري قناتي «ليبيا لكل الأحرار» و«ليبيا أولا» في بنغازي، ومقر صحيفة «ليبيا الجديدة» في طرابلس.

ووصف محمود شمام، وهو أول وزير للإعلام بعد ثورة 17 فبراير، الهجوم الذي استهدف قناة «ليبيا لكل الأحرار» التي يتولى رئاسة مجلس إدارتها وتبث من العاصمة القطرية الدوحة، بأنه «عمل جبان ويقع في إطار الاستهداف المستمر لمدينة الثورة»، لافتا إلى أن «محاولة إيقاف صوت الثورة تقع في إطار حملة قوى الشر على الإعلام الحر».

كما أعلن مسؤولون في قناة «ليبيا أولا»، التي تبث من القاهرة، أن مقر القناة السابق في مدينة بنغازي تعرض هو الآخر للهجوم والتخريب من قبل مجموعات مسلحة. وكان مجهولون قد اختطفوا الصحافي محمد الصريط، مدير مكتب «قناة العاصمة» التي تبث من طرابلس، لمدة ساعات في مدينة بنغازي. وتعد هذه القنوات الثلاث أكثر ليبرالية من غيرها، وتواجه عادة انتقادات لاذعة حيال نهجها في البرامج والأخبار من قبل شريحة واسعة من أنصار التيار الإسلامي.

من جهتها، دعت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط المواطنين إلى تجنب الازدحام أمام محطات التزود بالوقود، مؤكدة أنه متوافر بمستودعات الشركة وبكميات كبيرة ويغطي احتياجات السوق لفترات طويلة. ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن محمد الحراري، المتحدث الرسمي باسم المؤسسة، قوله إنه «لا توجد أي إشكاليات أو نقص في إمدادات الوقود، سواء في مدينة طرابلس أو في بقية المدن الليبية الأخرى»، لافتا إلى أن برنامج استيراد وتوفير الوقود من الخارج يسير بصورة طبيعية ووفق الجدول الزمني المحدد لذلك.

وفى مدينة بنغازي بشرق البلاد، فجر مجهولون أمس سيارة أحد الناشطين السياسيين بعبوة ناسفة أدت إلى إصابته بجروح خطيرة، بينما جرى تفكيك سيارة مفخخة بالقرب من مقر الكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة للجيش الليبي، وأوضح مصدر إعلامي أن عناصر التحريات وقسم إبطال المتفجرات وجدوا بالسيارة التي قاموا بتفكيكها ثماني حقائب متفجرة، تزن كل حقيبة ستة كيلوغرامات، وأربع قذائف من نوع هاون وكمية كبيرة من مادة «تي إن تي» شديدة الانفجار.

وتحسبا لمظاهرات اليوم، أعلن وزير الصحة، نور الدين دغمان، رفع حالة الطوارئ بالمستشفيات والمرافق الصحية كافة بمدينة بنغازي.

من جهتها، أدانت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا استمرار العنف بأشكاله كافة، وأعربت عن بالغ قلقها مما تلحقه هذه الممارسات من ضرر لأمن ليبيا واستقرارها. ودعت البعثة في بيان لها أمس، الدولة والأطراف المعنية جميعها إلى تحمل مسؤولياتها لجهة السعي الجاد لوقف أعمال العنف ومنع انزلاق البلاد نحو المزيد من الفوضى. وعدت «الحفاظ على الشرعية وتجنب تعطيل المؤسسات مسؤولية وطنية تقع على كاهل الجميع»، لكنها أضافت أن «هذا لا يعني في أي حال، مصادرة حق أي فئة من المواطنين في التعبير بحرية عن اعتراضاتها ومطالبها، التي يستدعي الكثير منها اهتماما، بل استجابة، من قبل المؤسسات الشرعية».

وأهابت البعثة بالمسؤولين والقادة السياسيين والثوار وغيرهم من الشخصيات العامة وقوى المجتمع الليبي الحية، أن يبذلوا جهودا موصولة للحيلولة دون الجنوح إلى توسل العنف المسلح في الضغط السياسي أو حسم الخلافات، لافتة إلى أنها ترى أن المنافسة السياسية والتباين في وجهات النظر لا يبرران بأي صورة من الصور اللجوء إلى العنف أو التهديد به.

وحثت البعثة جميع القوى على الالتئام في حوار وطني شامل، لا يستثني أحدا، لجمع كلمة الليبيين حول الأولويات الوطنية وسبل معالجة المشكلات الفعلية التي يواجهونها، مؤكدة استعدادها الدائم لتقديم المشورة والخبرة الفنية في تيسير الحوار ومواكبة العملية السياسية ومحاذرة تعثرها وتوفير الشروط اللازمة لصياغة دستور جديد يرتضيه الليبيون.