المعارضة تسيطر على سجن حلب المركزي والنظام يوافق على إدخال مساعدات إلى حمص

جبهة ثوار سوريا تستهدف مطار المزة العسكري بدمشق

مدنيون سوريون ينزحون من حماه على متن قارب أول من أمس (رويترز)
TT

تمكنت كتائب المعارضة السورية في حلب، أمس، من السيطرة على سجن حلب المركزي بعد أشهر طويلة على حصاره، حسبما أعلنت حركة «أحرار الشام» الإسلامية، في حين توصلت الحكومة السورية والأمم المتحدة إلى اتفاق حول خروج المدنيين في وقت «قريب جدا» من أحياء حمص القديمة، وفق ما أشارت إليه وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، أمس.

وأكدت حركة «أحرار الشام» المعارضة سيطرتها على سجن حلب المركزي بشكل كامل، بمساعدة جبهة النصرة، بعد معارك عنيفة بالأسلحة والرشاشات الثقيلة. وأذاعت جبهة النصرة مقتل سيف الله الشيشاني قائد العملية العسكرية في السجن، مشيرة إلى أن المعارضة «بدأت ظهر أمس معركة (وامعتصماه)، وفجروا سيارة محملة بـ20 طنا من مادة (تي إن تي) شديدة الانفجار في بناء العضم، الذي تتحصن به قوات النظام» على حد قولها، كما أشار ناشطون إلى «تحرير 3000 سجين و800 سجينة كان النظام يعتقلهم في السجن».

ويتكون بناء العضم من ستة طوابق، مشكّلة من أعمدة ضخمة من مادة الباتون المسلح، حيث استهدفته جبهة النصرة قبل شهرين بسيارة مفخخة، مما أدى إلى إلحاق دمار جزئي به.

من جهته، نفى التلفزيون السوري سقوط السجن بيد المعارضة، مؤكدا أن «القوات النظامية أحبطت الهجوم وقامت بقتل زعيم جبهة النصرة في المنطقة سيف الله الشيشاني».

ويأتي ذلك بعد تهديدات أطلقتها كتائب إسلامية مقاتلة بشن حملة عسكرية ضد القوات النظامية في حلب، مع تجاوز عدد القتلى فيها 250 شخصا، منذ السبت، جراء القصف الجوي بالبراميل المتفجرة.

وأعلنت «الجبهة الإسلامية» التي تعد من أبرز التشكيلات المقاتلة على الأرض وتضم آلاف المقاتلين، وكذلك جبهة النصرة (الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في سوريا)، إطلاق معركة «واقترب الوعد الحق» في حلب.

ودعت هذه التنظيمات في بيان «كافة المتواجدين في المقرات بالتوجه إلى جبهات القتال وإلا سيتعرضون للمساءلة والمحاسبة»، كما طلبت من «أهلنا في المناطق المحتلة (في إشارة إلى الأحياء التي يسيطر عليها نظام الرئيس بشار الأسد)، الابتعاد عن الحواجز والمقرات العسكرية التابعة للميليشيات الرافضية خلال 24 ساعة، لأنها ستكون هدفا لنا».

ويؤكد القيادي الميداني في المعارضة السورية منذر صلال لـ«الشرق الأوسط» أن «هدف هذه المعركة إيقاف تقدم النظام في حلب وتوجيه رسالة إليه أن المعركة ليس فقط مع (داعش) وإنما في أساسها هي ضده».

وكانت القوات النظامية قد حققت تقدما على أطراف الأحياء الشرقية من حلب، التي تسيطر عليها المعارضة منذ أكثر من عام. كما تقدمت من جهة الريف الشرقي، ومطار حلب الدولي.

ويوضح صلال أن «معركة تحرير المطار تزامنت مع هجوم على أسوار مطار كويرس الذي لا يزال خاضعا لسيطرة النظام، هذا بالإضافة إلى معارك في قرية الراعي الحدودية ضد تنظيم (داعش)».

يقع سجن حلب المركزي في مكان استراتيجي مهم، إذ يشرف على طريقين يصلان حلب بريفها الشمالي، ويعد الطريقان خط إمداد مهما لمقاتلي المعارضة المتمركزين في مدينة حلب، الأمر الذي دفعهم إلى فرض حصار كامل على السجن منذ شهر مايو (أيار) الماضي، حين أعلنت فصائل أحرار الشام ولواء التوحيد وجبهة النصرة عن عملية سمتها «عملية فك الأسرى» تهدف إلى تحرير السجن من خلال فرض حصار كامل عليه، ومحاولة اقتحامه عدة مرات باءت بالفشل جميعها بسبب تحصن القوات النظامية بالسجناء الموجودين بالسجن، واستخدامهم كدروع بشرية. وتردت الأوضاع الإنسانية للسجناء بسبب الحصار المفروض فتوفي المئات منهم بسبب الجوع والبرد والمرض.

وفي موازاة التطورات الميدانية في حلب، أفاد ناشطون عن دوي تفجير داخل مطار المزة العسكري في العاصمة دمشق، حيث أعلنت جبهة ثوار سوريا المعارضة في دمشق عن استهدافها مرأب المطار، مشيرة إلى أنه «أثناء تواجد الضباط النظامين على المدخل الشمالي الشرقي تمكن مقاتلو المعارضة من استهداف المدخل وقتل العشرات منهم».

ويعتبر مطار المزة العسكري أحد أهم المراكز النظامية، منه تقلع الطائرات المروحية المحملة بالبراميل المتفجرة لتلقيها على المدنيين في غوطتي دمشق، كما يعد مطار المزة خط الدفاع الأول للنظام في منقطة الغوطة الغربية.

وعلى الصعيد الإنساني، اتفقت الحكومة السورية والأمم المتحدة على خروج المدنيين في وقت «قريب جدا» من أحياء حمص القديمة المحاصرة منذ أكثر من 600 يوم، حسبما أعلن محافظ المدينة طلال البرازي لوكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا).

وسارعت وزارة الخارجية الروسية إلى عدّ الاتفاق «دلالة جيدة»، حسبما نقلت وكالات الأنباء الروسية عن ألكسندر لوكاشيفيتش، المتحدث باسم الوزارة للصحافيين.

وجاء تعليق لوكاشيفيتش عقب إعلان الوفد الروسي في الأمم المتحدة معارضته صدور قرار في مجلس الأمن بشأن الموقف الإنساني في سوريا، إذ أشار فيتالى شوركين، مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة أول من أمس إلى أن روسيا ترى أن مثل هذه الخطوة غير مفيدة، موضحا أنه «لأجل حل المشكلات الإنسانية في سوريا، هناك حاجة لتبني اتجاه قوي للغاية وواقعي ومحدد». وأضاف: «أي قرار للأمم المتحدة يهدف فقط لتسييس هذه القضية».

ويشار إلى أن هناك نحو 3000 مواطن محاصرين في حمص، ويعانون من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية. ويأتي الاتفاق بين الحكومة السورية والأمم المتحدة بعد أيام من انتهاء الجولة الأولى من مفاوضات «جنيف 2» التي عقدت بين وفدي النظام والمعارضة بإشراف الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، سعيا للتوصل إلى حل للأزمة المستمرة منذ نحو ثلاثة أعوام. إذ شكّل موضوع حمص القديمة التي تسيطر عليها المعارضة، بندا رئيسا في المباحثات بين نظام الرئيس بشار الأسد ووفد المعارضة.