تحذيرات من حرب أهلية في اليمن إذا حاول الحوثيون دخول صنعاء

أرحب كبرى قبائل بكيل أفشلت هجماتهم قرب العاصمة > متحدث باسم الحركة لـ «الشرق الأوسط»: نملأ فراغ الدولة

TT

اتهمت قبائل أرحب في شمال صنعاء جماعة الحوثي بخرق الهدنة بين الطرفين واستئناف إطلاق النار، في وقت تستمر فيه ما توصف بعمليات التوغل لجماعة الحوثي في مناطق كثيرة بشمال البلاد لفرض سيطرتها وهيمنتها على القبائل، بحسب ما يطرحه مراقبون.

وتفيد المعلومات الواردة من منطقة أرحب بشمال صنعاء بتجدد الاشتباكات بين مسلحي القبائل وميليشيا الحوثي التي تتهمها المصادر القبلية بخرق هدنة وقف إطلاق النار التي جرى التوصل إليها. وقال الناطق الرسمي باسم قبيلة أرحب، شمال العاصمة صنعاء، محمد مبخوت العرشاني، إن ميليشيات الحوثيين خرقت الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة الوساطة التي شكلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، بين الجانبين، واستمرت المواجهات المسلحة بين قبائل أرحب والحوثيين، منذ أكثر من شهر ونصف الشهر حصدت معها العشرات من القتلى والجرحى، وتمكنت وساطة رئاسية خلال اليومين الماضيين من إيقاف مؤقت لإطلاق النار، قبل أن تعود المواجهات من جديد مساء الأربعاء والخميس.

وأوضح العرشاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي القبيلة انسحبوا من المواقع التي كانوا يتمركزون فيها وتحت إشراف لجنة الوساطة، لكن الحوثيين رفضوا الانسحاب، وطلبوا من اللجنة العودة من حيث أتت، وأخبروا اللجنة بأنهم لن يخرجوا من أرحب، مشيرا إلى أن الحوثيين الذي ينتمي أغلبهم إلى مناطق في صعدة والجوف، وحرف سفيان في عمران، هاجموا مساء الأربعاء الماضي عددا من القرى في أرحب، في منطقة عيال عبد الله، وجبل الشبكة، وبني سليمان، لكن مسلحي القبائل صدوهم وأفشلوا هجماتهم. واستبعد العرشاني من تكرار ما حدث في عمران، وقال: «الحمد لله قبيلة أرحب موحدة، وعلى قلب رجل واحد، والجميع من مختلف الأحزاب والانتماءات، يقاتل من أجل أرضه، وإخراج الغازي الحوثي، ولا يوجد عندنا من يخون أو يغدر بنا».

وكان اتفاق هدنة وقعها طرفا الحرب في أرحب، نص على وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة العاشرة من مساء الثلاثاء، وإخلاء جميع النقاط المسلحة التابعة لطرفي الصراع، وإحلال جنود من قوات الجيش لتأمين الطرقات في المديرية، وأخرج جميع المسلحين من خارج المديرية.

وتقع قبيلة أرحب التي تعد أكبر قبائل قبيلة بكيل الشهيرة، شمال صنعاء، وتبعد عنها نحو 40 كلم، وخاضت قبيلة في 2011 مواجهات عنيفة مع الجيش في جبل الصمع المطل على مطار صنعاء الدولي، بسبب وقوفها مع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وحول ما يطرح من أن الحوثيين يعدون العدة لاقتحام العاصمة صنعاء، يقول المحلل العسكري العميد متقاعد محسن خصروف لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يطرح لا يعدو عن كونه «إشاعة يجري ترويجها بأن الحوثيين سوف يقتحمون صنعاء، لأن حركة الحوثي ليس من مصلحتها اجتياح صنعاء لأنه هذا أصلا مستحيل، لأن الحوثي لديه عقل ويعرف أن الطريق إلى صنعاء ليس مفروشا بالورود، فهو مفروش بخنادق من جهنم». ويضيف خصروف، أن حلف الظفر الذي جرى للحوثيين في حروب الجوف وصعدة وحاشد وغيرها من المناطق «لن يدوم لأنه تبادل كسر العظام بين حزب الإصلاح والحوثيين من جهة، وبين الأحمر والحوثيين من جهة أخرى، وبالأخص مع حزب الإصلاح والمعارك انتهت لصالح الحوثيين كما هو معروف وكل حلفاء الحوثيين في تلك الحروب لن يقفوا إلى جانبه في أي محاولة لاقتحام العاصمة صنعاء، سواء مشايخ حاشد أو مشايخ بكيل الجمهوريين الذين لهم تاريخ حافل مع النظام الجمهوري ولا يمكن أن يفرطوا فيه أو يسهموا بأي شكل من الأشكال في أي عمل يسيء للنظام أن يؤدي إلى إسقاطه».

ويردف المحلل العسكري اليمني، أن من حق حركة الحوثي تنظيم مظاهرات، كما دعت «ولكن ليس من مصلحة الحوثي أو حلفائه محاولة اقتحام صنعاء، وأي محاولة من هذا القبيل لن تكون الحرب فيها في صنعاء فقط، ولكن ستشتعل الحروب في كل مناطق اليمن وسنرى حربا أهلية ومذهبية في معبر، تعز، آب، الحديدة، تعز وباقي كل المحافظات اليمنية من دون استثناء وستفتح ملف حصار السبعين (نفذه الإماميون 1967) وسيجتمع الجمهوريون من كل أصقاع اليمن للدفاع مرة أخرى عن صنعاء، وأعتقد أن الحوثي لديه عقل يحسب حسابات المستقبل وإن حاول دخول صنعاء فلن يجني إلا الهزيمة النكراء».

وتقع خارطة المواجهات التي يقودها ويخوضها الحوثيون في شمال شرقي اليمن كالتالي: معارك مع القبائل وحزب الإصلاح في محافظة الجوف بشرق البلاد، معارك مع حزب الإصلاح والقبائل في منطقة أرحب بمحافظة صنعاء، شمال العاصمة، معارك طاحنة مع السلفيين في منطقة دماج بمحافظة صعدة، ومعارك أخرى في ذات المحافظة مع رجال القبائل، وتحديدا في منطقة كتاف، ومعارك أخرى مع قبائل حاشد في محافظة عمران وسبق لهم أن خاضوا عددا من الحروب في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، وترى بعض الأوساط أن جماعة الحوثي تحاول السيطرة على جبل الصمع في مديرية أرحب لأنه يطل على العاصمة صنعاء، وتحديدا على مطار صنعاء الدولي.

وينفي الحوثيون صحة الأنباء عن نيتهم للاستيلاء على العاصمة صنعاء، ويقول علي البخيتي، الناطق باسم الحوثيين لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين «موجودون في صنعاء بمئات الآلاف والجميع يعرف أننا نحشد مئات الآلاف في المناسبات وبالتالي نحن موجودون سياسيا وفكريا في صنعاء مثلنا مثل بقية القوى الأخرى»، وحول صدقية ما يطرح بأن الحوثيين يسعون إلى السيطرة على المناطق المحيطة بصنعاء وعلى منفذ على البحر في محافظة حجة، يرد القيادي الحوثي بأنه لا توجد لديهم «نية للحصول على جبال أو منافذ بحرية، ونحن موجودون في أرحب وفي حاشد، وعندما يحدث علينا اعتداء نقوم بالدفاع عن أنفسنا لأن الدولة غائبة، ولا بد من أن يملأ أحدهم فراغ غياب الدولة وعندما تتوفر دولة شراكة وطنية بما في ذلك في صعدة، نحن مستعدون أن نكون كبقية الأطراف السياسية في اليمن».