الرباط تدرب 200 من نشطاء حقوق الإنسان الليبيين على تطوير مهاراتهم

الصبار: 20 سنة من «ثقافة الاحتجاجات» جعلت ربيع المغرب يمر «ناعما»

TT

قال محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي، إن الرباط سوف تستقبل مائتين من نشطاء حقوق الإنسان الليبيين، من أجل تدريبهم على مهارات العمل الحقوقي وكيفية التعامل مع الملفات العالقة في ليبيا التي يضعف فيها حضور الدولة، ويتفاقم الصراع فيها بين الميليشيات المسلحة.

وأشار الصبار، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس (الخميس) في ندوة في مدينة سلا، المجاورة للرباط إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سوف يشرف على تدريب الناشطين الليبيين، على دفعات، لمدة خمسة عشر يوما لكل دفعة.

واستضافت «جمعية أبي رقراق» الصبار في ندوة حول «التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية على ضوء التجارب الوطنية في العالم»، أبرز فيها خصوصية التجربة المغربية في مجال تسوية ملفات حقوق الإنسان، وقال إن الوضع في ليبيا يدعو للقلق.

ونبه الصبار إلى أن الليبيين قد يصطدمون بعراقيل ليست في الحسبان، فبعض الأفعال التي ارتكبها بعض قادة النظام السابق، ربما لم تكن مجرمة ساعة ارتكابها، كما أن مشكلة «التقادم» لأكثر من عشرين سنة، تبقى مطروحة. منوها بتجربة جنوب أفريقيا التي اعتمدت على «الاعتراف والاعتذار والعفو اللامشروط».

وحول التجربة المغربية في مجال المصالحة والعدالة الانتقالية، قال الصبار إن المغرب «فتح ملفات الماضي الأليم، بجرأة وشجاعة»، لتسوية ملفات كبيرة مابين 1956 و1999، تتعلق بحالات الاختفاء القسري، والإعدام، والموت تحت التعذيب، والمحاكمات التي لا تتوفر فيها شروط العدالة، وانتشار المعتقلات السرية، وإقصاء المناطق التي أقيمت فيها تلك المعتقلات من برامج التنمية.

وأضاف أن تجارب دول أميركا اللاتينية وجنوب أفريقيا، قامت في ظل فترات انتقالية ضمن سياقات سياسية مختلفة عما كانت عليه، في حين أن من ميزات التجربة المغربية، أنها قامت في ظل السياق السياسي نفسه.

وقال الصبار إن «هيئة الإنصاف والمصالحة» في المغرب، قدمت تقريرها النهائي في خمسة مجلدات، وتضمن معلومات حول 767 من مجهولي المصير، وكشف عن وجود مقبرتين جماعيتين في مدينتي الدار البيضاء والناظور، مشيرا إلى أن التعويضات التي قدمها المغرب للضحايا كانت الأكبر في العالم، حيث بلغت 200 مليار سنتيم (الدولار يساوي 8.2 درهم)، وفي الأرجنتين، لم يكشف عن مصير أي من المختفين.

وأضاف الصبار: «في كل تجارب المصالحة التي عرفها العالم، لم تنجح أي دولة في عقاب الأفراد المتورطين في الانتهاكات..وهنا في المغرب لم يسمح لهيئة الإنصاف بتحديد الأسماء والمسؤوليات الفردية».

وأشار إلى أن التقرير النهائي للهيئة أوصى بتحقيق حول الأحداث التي جرت في الفترة ما بين 1957 و1958 في الريف المغربي، كما طالب بإنشاء «المعهد الوطني لتاريخ المغرب»، وذلك من أجل إنصاف كافة مكونات الشعب والمناطق، في رواية التاريخ.

وكشف الصبار لأول مرة، عن تسلم «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» للمعتقل المعروف باسم «دار بريشه» قرب مدينة تطوان (شمال البلاد)، وقال إنه قد يتحول إلى متحف، أو فضاء مفتوح.

وأكد الصبار أن بعض الدول لم تطبق نتائج المصالحة، كما هو حال الأرجنتين التي هدد جيشها بالتدخل، وإسبانيا التي تغاضت عن ماضي الانتهاكات، في مقابل «ربح الشعب لنظام ديمقراطي». في حين أن «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» في المغرب، أنشئ بهدف تطبيق توصيات «هيئة الإنصاف والمصالحة»، وتجسيدا لروح دستور 2011، وهو مؤسسة دستورية تعمل بسلطة معنوية مستقلة عن باقي السلطات في البلاد.

ونوه الصبار بالمواد المتعلقة بحقوق الإنسان في الدستور الجديد، وقال إن مجلس حقوق الإنسان رفع مذكرات لاقت تنويها من الملك محمد السادس، وتتعلق بإنشاء محكمة دستورية، وإحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والدفع بعدم قانونية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.

وعن حالة حقوق الإنسان في المغرب اليوم، تحدث الصبار عن «ظاهرة تضخم المطالبة بالحقوق وعدم القيام بالواجبات»، وندد بما تعرفه مدينة الرباط من مظاهرات تعطل السير، وتحرم المئات من حقوقهم، وبعضهم طلاب وأطباء وأساتذة وخادمات بيوت. وقال إن العاصمة الرباط، شهدت في العام الماضي خمسة آلاف مظاهرة، ضمنها 0.3 في المائة مرخصة من السلطات، في حين أن الغالبية العظمى منها لم يتقدم منظموها بطلب ترخيص. ولكنه أشار إلى أن عشرين سنة من «ثقافة الاحتجاجات»، هي التي حصنت المغرب، وجعلت ربيعه العربي يمر «ناعما».