«الهدنة الإنسانية» في حمص بدأت بإجلاء المدنيين.. والمساعدات الغذائية تصلها اليوم

المعارضة تشكك في نية النظام.. وتطالب بدخول منظمات إنسانية دولية وصحافيين

TT

بدأ صباح أمس تنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الإنسانية في حمص المحاصرة منذ أكثر من 600 يوم، والمعروفة بـ«عاصمة الثورة»، وذلك بإجلاء المدنيين، على دفعات، على أن يجري اليوم (السبت) العمل على إدخال المساعدات الغذائية للراغبين بالبقاء في المنطقة.

وبهذه الخطوة يكون النظام السوري قد نفذ أول بنود مؤتمر «جنيف1»، وذلك بعد أيام على انتهاء الجولة الأولى لمباحثات «جنيف2»، والتي لم يستطع خلالها فريقا النزاع التوصل إلى أي اتفاق. لكن في حين رأت المعارضة السورية أن الإيجابية الوحيدة في هذه الهدنة هي إيصال بعض المساعدات إلى المدنيين وإخراج من يريد أن يخرج، عبرت في الوقت عينه عن تخوفها من عدم التزام النظام بها بشكل كامل على غرار ما حصل في اتفاقات أخرى في وقت سابق، ولا سيما في ظل الإصرار على منع دخول المنظمات الإنسانية العالمية والإعلام. وهذا ما لفت إليه مدير المنظمة السورية لحقوق الإنسان، عمار القربي، معربا عن خشيته من أن يكون هذا الاتفاق مقدمة وتمهيدا للقضاء على حمص ومن بقي فيها من أهلها إضافة إلى المجموعات العسكرية المعارضة التي لا تزال موجودة حيث هي، في المرحلة المقبلة، على غرار ما حصل في بابا عمرو، وكي ينفذ كذلك، خطته القديمة الجديدة، بتأسيس الدولة العلوية التي تشكل حمص جزءا أساسيا منها. وأكد القربي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق الذي توصل إليه النظام مع الأمم المتحدة، بعد الضغوط التي تعرض لها من قبل روسيا، لم يجر إطلاع المعارضة عليه». وعد القربي أن هذا الاتفاق الذي أتى بعد فشل المرحلة الأولى من مباحثات «جنيف2»، يعكس بشكل واضح أن النظام هو من كان يحاصر حمص، كما أنه يقول للمجتمع الدولي، إنه لا قيمة للمؤتمرات الدولية و«جنيف2»، ونحن نستطيع تنفيذ ما نريده في الوقت الذي نريده. وسأل القربي عن سبب عدم السماح للمنظمات الدولية والصحافيين بالدخول إلى حمص، قائلا إن «هذا الأمر يزيد الشكوك بالنسبة إلينا حيال نية النظام السوري».

وكان الاتفاق الذي توصلت إليه الأمم المتحدة مع النظام السوري، وأعلن عنه أول من أمس، قد نص على أن تكون الهدنة لمدة أربعة أيام، يجري خلالها إجلاء أكبر عدد ممكن من المحاصرين ولا سيما النساء والأطفال وكبار السن، وهو الأمر الذي لقي ترحيبا من جهات دولية وإنسانية.

وقد توقعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تشمل الدفعة الأولى إجلاء 200 شخص، من أصل نحو ثلاثة آلاف من المحاصرين، مشيرة إلى أن الهلال الأحمر العربي السوري قد نشر سيارات إسعاف عند نقاط وصول الخارجين من مدينة حمص القديمة لتقديم الرعاية الصحية لمن يحتاجونها وأنه نقل بالفعل أحد المرضى لتلقي العلاج. وأكد المتحدث باسمها إيوان واطسون لوكالة «رويترز» أن متطوعي الهلال الأحمر لم يدخلوا المدينة وأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر غير مشاركة في العملية.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أنه حتى ظهر أمس، كانت قد خرجت حافلتان من حمص فيها عدد من المواطنين، بمرافقة عناصر من القوات السورية الذين منعوا اقتراب الصحافيين منهم.

وهذا ما أظهرته أيضا مشاهد بثتها قنوات تلفزيونية من حمص، تظهر خروج المدنيين على متن الحافلتين، وسط وجود كبير لجنود سوريين وعناصر من الهلال الأحمر وأفراد من الأمم المتحدة.

وأظهرت الصور عمال إغاثة يساعدون مسنين واضعين على أكتافهم أغطية من الصوف، وقد بدا عليهم التعب.

وقد ذكر التلفزيون الرسمي السوري أن عدد الذين أخرجوا أمس 35 مدنيا أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، مشيرا إلى أن هؤلاء «كان يستخدمهم الإرهابيون (في إشارة إلى مقاتلي المعارضة) دروعا بشرية». وقد نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا)، أمس، عن محافظ حمص طلال البرازي، أن المحافظة أنجزت جميع الترتيبات اللازمة لخروج المدنيين المحاصرين في أحياء المدينة القديمة من أطفال ونساء ومصابين وكبار السن، متوقعا خروج 200 مدني كدفعة أولى من حي جورة الشياح باتجاه منطقة الميماس سيرا على الأقدام. وقال البرازي لوكالة الصحافة الفرنسية «نقل لنا أن بعض المدنيين يحتاجون إلى حزم أمتعتهم.. تهيئة ظروفهم.. الانتقال من حي إلى حي، وبعض التأخير بسبب أعمال فنية لوجيستية على الأرض»، تشمل تأمين ممرات للحافلات التي ستقوم بنقل المدنيين.

وأوضح البرازي أن أول دفعة من المساعدات الإغاثية والغذائية ستدخل إلى المحتاجين إليها السبت في بعض أحياء المدينة القديمة.

ولاقى تنفيذ الهدنة دعما من قبل جهات دولية عدة، ورحبت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي بهذا الاتفاق، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة القيام بأكثر من ذلك بكثير. وشددت بساكي على وجوب ألا يستخدم نظام الرئيس بشار الأسد هذا الاتفاق «كأداة مساومة»، مؤكدة أن إخلاء المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية ليسا أبدا «بديلا عن توفير المساعدة الإنسانية لمحتاجيها بشكل آمن كليا ومنتظم».

وعدت المسؤولة الأميركية أن اضطرار المدنيين السوريين لمغادرة منازلهم في حمص بحثا عن الغذاء هو «مأساة»، مؤكدة أنه يتعين على نظام الأسد «إتاحة الوصول بحرية كاملة لموظفي الإغاثة الإنسانية» إلى حمص. وقالت: «علينا ألا نعطي مصداقية لنظام فقط لمجرد أنه وفر الغذاء لبضعة أيام إلى أناس يموتون من الجوع، هذا أمر كان ينبغي عليه فعله منذ البدء».