اجتماع سري في إسرائيل لبحث إطلاق حملة ضد مقاطعة المستوطنات

ترأسه نتنياهو بحضور وزراء اليمين.. واستبعد منه اليسار والوسط

جنود إسرائيليون خلال تدريبات في صحراء النقب أمس (إ.ب.أ)
TT

تبحث الحكومة الإسرائيلية إطلاق حملة لمواجهة ظاهرة المقاطعة الآخذة في الازدياد خصوصا من المؤسسات الأوروبية، ضد التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية. وعقد المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر اجتماعا استثنائيا في وقت متأخر من مساء أول من أمس (الأحد)، برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لدراسة سبل مواجهة المقاطعة التي تثير إشكاليات داخل إسرائيل نفسها.

وعقدت الجلسة وسط تكتم شديد ودون الإفصاح عن أي نتائج، بحضور وزراء اليمين وهم أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية ورئيس حزب إسرائيل بيتنا، ونفتالي بينيت وزير الاقتصاد ورئيس حزب البيت اليهودي، ويوفال شتايتنز وزير الشؤون الاستراتيجية عن الليكود، إضافة إلى منسقي العمليات في الضفة الغربية ورؤساء الشاباك والموساد، فيما استبعد عن عمد وزراء الوسط واليسار ومنهم وزيرة القضاء ورئيسة حزب الحركة تسيفي ليفني، ووزير المالية ورئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد، ووزراء آخرون. وامتنع الوزراء الإسرائيليون، الذين حضروا الاجتماع، عن إعطاء تفاصيل عن الجلسة والقرارات التي أخذت فيها، وكذلك الأسباب التي دعتهم إلى استثناء ليفني ولابيد وآخرين، رغم أنهم دعوا إلى جلسة سابقة قبل أكثر من أسبوع لبحث الموضوع نفسه لكنها لم تعقد بسبب خلافات. وقالت مصادر إن آراء ليفني ولابيد، التي تؤيد فكرة أن استمرار وتوسع المقاطعة ضد إسرائيل سيمس بشكل كبير بالاقتصاد، كانت وراء استبعادهم.

وطيلة الأسابيع الماضية، تفجر نقاش وجدل حاد في إسرائيل حول مدى تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بالمقاطعة التي بدأتها أوروبا وتطال مصانع وشركات وجامعات وبنوكا تعمل أو تساعد على العمل داخل المستوطنات في الضفة الغربية.

والأسبوع الماضي، ثار جنون الوزراء اليمينيين بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال فيها إنه لا يضمن توسع حملات المقاطعة ضد إسرائيل إذا فشلت عملية السلام، وردت الحكومة الإسرائيلية بوصف كيري «كمن يوجه بندقية إلى رأسها».

ووافقت ليفني ولابيد على تصريحات كيري. واعتبرت وزير القضاء الإسرائيلية أن مثل هذه المقاطعة ستكون لها آثار مدمرة على الاقتصاد، فرد بينت عليها بالقول إن «معاداة السامية تغير وجهها. سابقا كانت معاداة السامية دينية، واليوم عبر المقاطعة»، فأجابته ليفني «من يربط معاداة السامية بالنقد الموجه ضد إسرائيل حول سياستها تجاه المستوطنات، إنما يمس بالصراع ضد معاداة السامية ويبعد عنا دولا حليفة مهمة بسبب انتقادها للمستوطنات». وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن نتنياهو كان ممتعضا من تصريحات ليفني ولابيد حول تأثير المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي، وعد ذلك بمثابة ضغوط أميركية، ولكن بلسان إسرائيلي.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن من بين الاقتراحات، التي وضعت على الطاولة في اجتماع أول من أمس، فكرة رفع دعوى قضائية في أوروبا وأميركا الشمالية ضد تنظيم «حملة مقاطعة إسرائيل»، الذي يدير حملة المقاطعة ضد المستوطنات، وتفعيل ضغط اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة لتعزيز التشريعات في الكونغرس الأميركي ضد المقاطعة، إضافة إلى متابعة المنظمات المشجعة للمقاطعة استخباراتيا، وجمع معلومات عنها لاستخدامها ضدها.

واقترح شتايتنز مواجهة دعوات المقاطعة الأوروبية بإطلاق حملة إعلامية شديدة ضد الظاهرة، وطلب ميزانية إضافية بقيمة 100 مليون شيقل إسرائيلي، فيما طلب ليبرمان الاكتفاء بحملة دبلوماسية هادئة، حتى لا تأخذ حملات المقاطعة زخما أكبر. وكان هذا رأي وزارة العلوم التي طلبت من المجلس المصغر الفصل بين المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية، وقالت إنها ستواجه المقاطعة الأكاديمية بهدوء.

وفي تلك الأثناء، عرض مركز البحث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي، أمس، تقريرا قال فيه إن المبادرات المتعددة التي أطلقت بشأن المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل ليس لها أي تأثير كبير حاليا. وجاء في التقرير «لا يوجد لدعوات المقاطعة في هذه المرحلة أي تأثير عملي على البحث الأكاديمي في إسرائيل». لكن التقرير حذر من تداعيات متعلقة بالمس «بالصورة الأكاديمية وبدولة إسرائيل»، و«ازدياد الأصوات التي تدعم المقاطعة ونزع شرعية إسرائيل».

وكانت السياسة الهادئة نجحت مؤخرا في وقف قرار صندوق التقاعد النرويجي الذي يعد الأكبر بسحب استثماراته من إسرائيل، إذ استعانت إسرائيل بالولايات المتحدة لوقف قرار هذا الصندوق الذي كان سينضم إلى صندوق التقاعد الهولندي الذي يحتل المرتبة الثانية من ناحية الحجم، وسبق وقرر مقاطعة بعض البنوك الإسرائيلية كونها متورطة في عمليات البناء الاستيطاني في الضفة الغربية.