«طالبان» الباكستانية تفرض شروطا صعبة في المفاوضات مع الحكومة

متشددون انفصاليون يفجرون ثلاثة خطوط لنقل الغاز في البنجاب

مولانا سميع الحق والبرفيسور إبراهيم خان عضوا مجلس شورى حركة طالبان خلال مؤتمر صحافي عقداه في الشريط القبلي أمس (أ.ف.ب)
TT

طالبت حركة طالبان الباكستانية أمس بالإفراج عن معتقليها وسحب القوات المسلحة من معاقلها في المناطق القبلية من أجل المضي قدما في محادثات السلام مع حكومة إسلام أباد. وهذه الشروط تبدو غير واقعية بالنسبة للسلطات الباكستانية التي سبق أن رفضت السنة الماضية الرضوخ لمثل هذه المطالب من المتمردين الإسلاميين. وتأتي هذه المطالب فيما أدى هجوم انتحاري إلى مقتل أربع نساء قرب بيشاور (شمال - غرب) وبعد لقاء عقد في نهاية الأسبوع بين فريق مفاوضي طالبان، والقيادة المركزية لحركة طالبان الباكستانية، التجمع الذي يضم فصائل إسلامية مسلحة في وزيرستان الشمالية، المنطقة القبلية الواقعة قرب الحدود الأفغانية. وعاد المفاوضون قبل ظهر أمس إلى العاصمة إسلام أباد على متن مروحية تابعة للسلطات الباكستانية التي أثارت مفاجأة كبرى في نهاية يناير (كانون الثاني) بإعلانها إطلاق عملية السلام مع طالبان بعد سلسلة هجمات دامية. وخلال هذا اللقاء أبلغ المتمردون مفاوضيهم بأن انسحاب القوات المسلحة من المناطق القبلية والإفراج عن آلاف السجناء يشكل «اختبارا» للمضي قدما في محادثات السلام التي بدأت الخميس الماضي كما قال قيادي من طالبان لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم الكشف عن اسمه. وأكد هذا المسؤول «أنها الجولة الأولى من المحادثات حاليا، وسيلتقي فريقنا المفاوض نظراءه من الحكومة لكي يبلغهم بمطالبنا، ثم سيعودون إلينا مع رد من السلطات». وقام مفاوضو طالبان أيضا بنقل المطالب التي عبرت عنها الحكومة الأسبوع الماضي إلى المتمردين، وبينها وقف العنف خلال فترة المفاوضات وإدراج المفاوضات ضمن إطار الدستور.

من جهته قال الملا سامي الحق، كبير مفاوضي المتمردين أمس «أخذنا ردا إيجابيا من طالبان (بخصوص المطالب)». وقال: «لا يمكنني أن أكشف التفاصيل. هذا الأمر يصب في المصلحة الوطنية وأدعو بالتالي الناس إلى التحلي بالصبر، لدينا فرصة لوقف حمام الدم هذا»، موضحا أن لقاء مع وسطاء الحكومة من المرتقب أن يعقد في الأيام المقبلة. وعبر المتمردون أيضا عن مطالب أخرى بهدف الوصول إلى اتفاق سلام في ختام المفاوضات مع السلطات. ويطالب المتمردون أيضا بفرض الشريعة الإسلامية ووقف ضربات الطائرات الأميركية دون طيار في معاقلهم في المناطق القبلية التي تستخدم قاعدة خلفية لحركة طالبان الأفغانية لشن عمليات ضد قوات حلف شمال الأطلسي والقوات المحلية في أفغانستان المجاورة. ورغم أن الولايات المتحدة لم توقف هذه الضربات المثيرة للجدل، إلا أن وتيرتها تراجعت إلى حد كبير في الأشهر الماضية.

وفي يناير لم تشن واشنطن أية غارات في المناطق القبلية، للمرة الأولى منذ أكثر من سنتين بحسب مكتب الصحافة الاستقصائية، هيئة الأبحاث البريطانية المستقلة، ما يمكن أن يشجع الحوار بين المتمردين والحكومة الباكستانية.

ومنذ تأسيس حركة طالبان الباكستانية في 2007 قتل أكثر من 6600 شخص في اعتداءات في باكستان. وأسفر هجوم انتحاري جديد عن مقتل أربع نساء الاثنين بالقرب من بيشاور، كبرى مدن شمال غربي البلاد، القريبة من أفغانستان مما يثير المخاوف مجددا حول نتيجة المحادثات بين الحكومة والمتمردين.

وقال نجيب الرحمن، المسؤول الكبير في الشرطة المحلية إن أشخاصا نازحين من جراء المعارك بين الجيش والمتمردين في المناطق القبلية كانوا يشاركون في جنازة حين شاهدوا ثلاثة أشخاص يشتبه في أنهم انتحاريون يقتربون من المكان.

وأضاف أن المهاجمين لاذوا بالفرار «لكن أحدهم دخل إلى منزل وفجر نفسه» مما أدى إلى مقتل أربع نساء وإصابة ستة أشخاص بجروح. ولم تتبن أي جهة الهجوم.

من جهة أخرى قال مسؤول في شركة للغاز مملوكة للدولة في باكستان أمس إن متمردين انفصاليين من إقليم بلوشستان، الغني بالموارد الطبيعية فجروا ثلاثة خطوط لنقل الغاز مما أدى إلى وقف الإمدادات إلى البنجاب، أهم أقاليم باكستان من الناحية الاقتصادية.

وقال أيوب باجوا، مدير الطوارئ، الذي كان موجودا في الخدمة في شركة سوي نورذرن ليمتد لخطوط أنابيب الغاز في العاصمة إسلام أباد، إن المتمردين فجروا خطوط الأنابيب الممتدة إلى إقليم البنجاب خلال الليل.

والبنجاب أكثر أقاليم باكستان سكانا وثراء ويمثل قاعدة نفوذ رئيس الوزراء نواز شريف. ومعظم الإقليم بلا غاز الآن.

وقال باجوا: «هذه أول مرة يفجرون فيها كل الخطوط الثلاثة في آن واحد. لقد اعتادوا تفجير واحد هنا أو هناك. وقال متحدث باسم الجيش الجمهوري البلوخستاني المحظور إن جماعته فجرت خطوط الأنابيب القريبة من بلدة رحيم يار خان في إقليم البنجاب الواقعة على بعد نحو 600 كيلومتر جنوبي إسلام أباد.

ويقاتل الجيش الجمهوري البلوشستاني من أجل استقلال بلوشستان أفقر وأكبر أقاليم باكستان وهو يتهم الحكومة الاتحادية بسرقة الثروات المعدنية في الإقليم وترك أهله يعيشون في فقر. وتتهم جماعات حقوق الإنسان كلا من المتمردين البلوشستانيين وقوات الأمن الحكومية بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بما في ذلك خطف وتعذيب وقتل المدنيين.