الاتحاد الأوروبي يهدد بإعادة تقييم العلاقة مع سويسرا بعد موافقة شعبها على تقييد الهجرة

ميركل تتوقع مشكلات كبيرة عقب الاستفتاء على الحد منها

سيارات تمر عبر نقطة الحدود الفرنسية إلى داخل الأراضي السويسرية (رويترز)
TT

هددت مؤسسات الاتحاد الأوروبي بإعادة تقييم علاقتها مع سويسرا على خلفية نتائج التصويت على استفتاء بشأن تأييد فرض حصص صارمة على المهاجرين القادمين من دول الاتحاد.

وجاءت المواقف الأوروبية سواء من خلال تصريحات لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا أمس في بروكسل، أو من خلال بيانات رسمية صدرت عن المؤسسات الاتحادية ومنها المفوضية الأوروبية التي قالت إن «نتائج هذا التصويت تأتي بعكس أهم المبادئ الأوروبية وهي ضمان حرية حركة المواطنين بين دول الاتحاد وسويسرا». وهددت المفوضية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي في بيان، بإمكانية مراجعة علاقاتها مع سويسرا بعد هذا التصويت.

ومن جانبهم، عبر البعض من وزراء خارجية الدول الأعضاء في التكتل الموحد، عن شعورهم بالأسف، على الرغم من قبولهم نتائج التصويت. وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، وصف وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن بـ«المؤسف» التصويت السويسري بتحديد حصص للمهاجرين الأوروبيين نحو سويسرا «لكن علينا احترام خيار السويسريين». وعبر عن إدانته للتيار اليميني السويسري الذي أخذ زمام هذه المبادرة، مشددا على عدم إمكانية أن تستمر سويسرا في التمتع بتعرفة تجارية تفضيلية مع دول الاتحاد في حين تعمل على نسف مبدأ أوروبي مهم وهو حرية تحرك المواطنين. وعلى الرغم من أن سويسرا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، فإنها ترتبط معه باتفاقيات عديدة مثل شنغن التي تنص على حرية تحرك الأفراد والبضائع والخدمات بين الدول الموقعة. وكان الناخبون السويسريون قد صوتوا أول من أمس بفارق ضئيل تأييدا لمقترحات تقضي بإعادة نظام تحديد حصص للمهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي إلى سويسرا. وقالت نتيجة التصويت في الاستفتاء على المقترحات إن 50.3 في المائة من السويسريين أيدوها. ومن شأن القرار الأوروبي تهديد قدرة سويسرا على التعامل مع منطقة العملة الأوروبية الموحدة. وتقول الإحصاءات إن الدول المشاركة في هذه المنطقة تستقبل أكثر من نصف صادرات سويسرا.

ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية السويسري عواصم الدول الأوروبية لشرح نتائج الاستفتاء وللسعي إلى حل للمشكلة الناجمة عنها مع الاتحاد الأوروبي.

وتطال الخطوة السويسرية بالدرجة الأولى رعايا الاتحاد الأوروبي العاملين بشكل دائم أو موسمي في سويسرا ويقدر عددهم بمئات الآلاف من الأشخاص». ويمثل الأجانب في سويسرا 23 في المائة من العدد الإجمالي للسكان إلا أن مستوى البطالة يظل محدودًا مقارنة مع الدول الأوروبية الأخرى.

وقالت مفوضة شؤون العدل الأوروبية فيفيان ريدينغ في بروكسل «إن المؤسسات السويسرية ستعاني من عرقلة لأنشطتها داخل المجال الاقتصادي الأوروبي»، مشيرة إلى أن السوق الداخلية الأوروبية لا يمكن تجزئة التعامل معها. ورحبت القوى اليمنية في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا بالخطوة السويسرية وعدتها مؤشرًا على فشل سياسية الهجرة الأوروبية.

من جهته عبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز عن إحباطه، وقال إن الاتحاد قد يتعين عليه إعادة التفاوض على اتفاقه مع سويسرا.. لكن هذه هي الديمقراطية. ووقع الاتفاق المتعلق بحرية تنقل الأشخاص والذي دخل حيز التنفيذ قبل 12 عاما في إطار حزمة من الاتفاقات مع الاتحاد الأوروبي والتي أصبح بعضها الآن معرضا لخطر الانهيار فضلا عن التأثير على اقتصاد البلاد الذي يعتمد على اجتذاب أعداد كبيرة من المهنيين الأجانب. وتعكس النتيجة قلقا متزايدا بين الشعب السويسري من أن المهاجرين يقوضون ثقافة البلاد ويسهمون في ارتفاع الأجور وازدحام وسائل النقل وازدياد معدلات الجريمة. ويقدر متوسط عدد المهاجرين إلى سويسرا من دول الاتحاد الأوروبي بنحو 70 ألفا سنويا. وتفيد بيانات رسمية بأن الأجانب يمثلون حاليا ما نسبته 23 في المائة من إجمالي سكان سويسرا وعددهم ثمانية ملايين نسمة. وهذه أعلى نسبة في أوروبا بعد لوكسمبورغ.

من جهة أخرى، تتوقع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ينجم عن الاستفتاء الذي أيد فيه السويسريون الحد من الهجرة إلى بلادهم مشكلات كبيرة. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، أمس في برلين «الحكومة الألمانية علمت بنتيجة الاستفتاء وتحترمه، لكن يبدو بلا شك أن هذه النتيجة ستؤدي إلى مشكلات كبيرة من وجهة نظرنا». وذكر المتحدث أنه على سويسرا التواصل مع الاتحاد الأوروبي لتوضح له كيف ستتعامل مع هذه النتيجة.

وتوقع المتحدث أن تكون هناك محادثات صعبة حول هذا الأمر، وقال «لكن يتعين أن يكون اهتمامنا هو الحفاظ على علاقات وثيقة بقدر الإمكان بين الاتحاد الأوروبي وسويسرا».

ومن ناحية أخرى، أوضح المتحدث أن المستشارة ميركل لا ترى الاستفتاء الأخير في سويسرا مدعاة لإجراء استفتاءات مماثلة في ألمانيا. وقال المتحدث «هذا الموضوع ليس مطروحا بالنسبة للحكومة الحالية، الحكومة لا تهدف إلى إجراء تغييرات خلال الفترة التشريعية الحالية». وأشار المتحدث إلى أن اتفاقية الائتلاف الحاكم بين التحالف المسيحي المنتمية إليه ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي لا تتضمن مثل هذه الخطط، موضحا أن نظام جمهورية ألمانيا الاتحادية ديمقراطي برلماني أثبت كفاءته عبر عقود.