مسلحون يفجرون مبنى صحيفة عراقية بتهمة الإساءة إلى خامنئي

رئيس تحرير «الصباح الجديد»: جهات مرتبطة بإيران وراء استهدافنا

TT

فجر مسلحون مجهولون مساء أول من أمس الواجهة الأمامية لصحيفة «الصباح الجديد» العراقية الأهلية، فيما أعلن رئيس تحريرها عن إبطال مفعول مادة كانت كافية لو جرى تفجيرها لإحراق المبنى بكامله وذلك على خلفية نشر «بورتريه» لمرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي. وفي بغداد تظاهر أمس الاثنين المئات من المنتمين إلى عدد من الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في ساحة الفردوس احتجاجا على ما عدّوه إساءة مقصودة لخامنئي، في حين فرضت قوات الشرطة طوقا حول مبنى الصحيفة التي اضطرت للاحتجاب عن الصدور اليوم الثلاثاء.

وطالب المتظاهرون بإغلاق الصحيفة ودعوا وسائل الإعلام إلى شجب واستنكار إساءة الصحيفة، محذرين من أنهم قد لا يسيطرون على غضب الشارع العراقي تجاه الإساءة. وقال النائب السابق في البرلمان العراقي عن التحالف الوطني، جمعة العطواني، خلال المظاهرة إن «هذه الحشود الجماهيرية جاءت للتعبير عن استنكارها وشجبها للممارسات اللامسؤولة لبعض وسائل الإعلام المأجورة المدفوعة الثمن، وللتعبير عن حقيقة ما يجري في العراق وفي المنطقة». وأضاف العطواني أن «ما نشر في جريدة (الصباح الجديد) ليس سابقة خطيرة وحسب، وإنما يأتي ضمن مسلسل متكامل الحلقات، فيه بعد سياسي وإرهابي يحاول أن يشوه الإسلام السياسي، الذي أصبح يمثل مشروعا متكاملا وتحوله بقيادة إمام الأمة الراحل الإمام الخميني وقائد الثورة الإسلامية، إلى قطب يضاهي قطب الاستكبار العالمي».

من جهته، قال واثق العكيلي، مسؤول ممثلية حركة «عصائب أهل الحق»، خلال المظاهرة إن «هذه الحشود المتجمعة في هذا المكان تمثل رسالة إلى كل من يقف خلف هذه الصحيفة المقيتة»، وحذر من أن «أي مساس مستقبلا بالولي الفقيه قد يسبب أمورا لا تحمد عقباها». وأضاف العكيلي أن «هناك رجالا تستلذ بالموت فاحذروهم، هذه الرموز الدينية تمثل الامتداد الحقيقي لخط المعصوم عليه السلام».

وكانت صحيفة «الصباح الجديد» كتبت أمس مقالا افتتاحيا قالت فيه إنها «تتعرض منذ يومين لحملة تحريض واتهامات غير مسؤولة من طرف بعض الجماعات الدينية المتطرفة، على خلفية نشرها ما يعتقد أنه إساءة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي الخامنئي، وهو أمر يتعلق، في الواقع، برسمة بورتريه فنية (وليس كاريكاتيرا كما يتصور هؤلاء) نشر ضمن ملف كبير عن الثورة الإيرانية في ذكراها الخامسة والثلاثين». وأضاف المقال إن «(الصباح الجديد) اعتادت على نشر مثل هذه البورتريهات الفنية لكبار القادة السياسيين والدينيين العراقيين وغير العراقيين، ضمن ملحق (زاد) الذي تنشره الجريدة كل أسبوع»، مشيرا إلى أنه «على الرغم من ثقتنا بأن ما نشرناه لم يقصد منه توجيه أي إساءة للسيد الخامنئي، الذي نقدر ونحترم مكانته الإنسانية والدينية الكبيرة، فقد بادرت هيئة تحرير الجريدة إلى الاتصال بالسفارة الإيرانية في اليوم التالي لشرح الموقف وإزالة هذا اللبس، كما نشرت افتتاحية على صفحتها الأولى، تؤكد فيها موقفها القائم على المهنية والضوابط الأخلاقية التي تمنع الإساءة لأي فرد أو جماعة، ناهيكم عن المساس بالمرجعيات الدينية».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» اتهم إسماعيل زاير، رئيس تحرير «الصباح الجديد» «جهات وأحزابا مرتبطة بإيران بأنها هي التي قامت بهذا العمل الذي يراد من ورائه تكميم الأفواه وغلق كل المنافذ التي تعبر عن حرية الرأي والتعبير المكفولة في الدستور العراقي». وأضاف زاير: «إننا مجموعة ليبرالية متنورة نعمل على نشر قيم التسامح والحرية من دون أن نسيء لدين أو مذهب أو طائفة أو شخصية غير أن قوى الظلام لا يروق لها ذلك». وأضاف زاير أنه «يتعرض الآن وبعض العاملين في الجريدة ومنهم رسام الكاريكاتير أحمد الربيعي إلى هجوم شنيع»، مشيرا إلى أنه «التقى السفير الإيراني في بغداد وتفهم الموقف جيدا».

وبشأن موقف الجهات الرسمية، قال زاير إن «وزارة الداخلية اتخذت إجراءات لحماية الجريدة والعاملين، ونحن بدورنا صورنا المهاجمين والمواد التي استخدموها في تفجير واجهة المقر»، كاشفا عن إن «إحدى المواد التي استخدمت في التفجير كانت كافية لتحطيم المبنى بالكامل لو لم تفكك العبوة». وأوضح أن «عددا من كبريات الأحزاب الشيعية اتصلت به ونفت صلتها بمثل هذه الأعمال واستنكرتها، بمن في ذلك حركة (عصائب أهل الحق)».

من جهته، ندد رئيس مرصد الحريات الصحافية في العراق، زياد العجيلي، بما تعرضت له «الصباح الجديد». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تفجير مقر الجريدة والمظاهرات المنددة بها إنما تمثل ردة خطيرة على صعيد حرية الإعلام في العراق». وعبر العجيلي عن «الأسف الشديد لما وصلت إليه الأمور، حيث إننا نسعى لبناء إعلام حر وهو ما كفله الدستور، في حين هناك من يريد مصادرة كل شيء تحت مبررات واهية».