تأييد دولي لرؤية دبي حول إشراك المواطنين في تقديم الخدمات الحكومية عبر التكنولوجيا

في الجلسة الأولى للقمة الحكومية بحضور الشيخ محمد بن راشد وممثلين عن 50 دولة

الشيخ محمد بن راشد وعدد من المسؤولين خلال افتتاح أعمال اليوم من القمة الحكومية في دبي أمس (أ.ف.ب)
TT

ناقش تجمع عالمي، انطلق أمس في مدينة دبي الإماراتية، رؤية حكومات دولية حول ما ستقدمه في المستقبل من خدمات القطاع العام، حيث كشف عدد من ممثلي بلدان عالمية شاركت في القمة الحكومية عن رؤيتها في تقديم خدماتها من خلال أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا والتقنية.

وحضر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الجلسة الافتتاحية الرسمية للقمة الحكومية الثانية التي عقدت البارحة في مدينة جميرا بمدينة دبي، وذلك بحضور عدد من مسؤولي وممثلي 50 دولة شاركوا في اليوم الأول للقمة.

الجلسة الرئيسة في القمة الحكومية خصصت لاستعراض تجارب ثلاث مدن عالمية، تتضمن العاصمة الكورية سيول ومدينة برشلونة الإسبانية إضافة إلى العاصمة البريطانية لندن، وحملت عنوان «خدمات رائدة في مدن عالمية»، حيث شارك فيها كل من أكسيفير ترياس عمدة مدينة برشلونة من إسبانيا، وإيدوارد ليستر نائب عمدة لندن من المملكة المتحدة، وجانسو كيم نائب عمدة سيول من كوريا الجنوبية، وبحثوا بشكل معمق سمات مدن المستقبل والحكومة الذكية، وعلاقة تقديم الخدمات الحكومية بالقدرة التنافسية والتنمية والتطوير.

من جهته، قال الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، إن بلاده استطاعت تجاوز الأزمة المالية بكل اقتدار وإصرار حتى وصلت نسبة الزيادة في الاستثمارات الأجنبية بدولة الإمارات في عام 2012 - 2013 إلى 40 في المائة، بينما بلغت نسبة الزيادة في عدد المسافرين عبر مطارات الدولة إلى نحو 113 في المائة.

وتطرق في معرض حديثه حول مواصفات القائد الاستثنائي، وذلك أن يكون ذا عزيمة وإصرار وسباقا للمبادرة وواضحا دقيقا في أوامره وتوجيهاته، وذا رؤية ثاقبة وصادقا وأبا حنونا ومشاركا اجتماعيا، وأخيرا أن يعمل على غرس الولاء والمحبة والانتماء للوطن والقيادة والمجتمع.

وخلال الجلسة الرئيسة الأولى التي عقدت تحت عنوان «خدمات رائدة في مدن عالمية»، أشاد البروفسور كلاوس شواب، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، بتنظيم القمة الحكومية واتخاذ الإمارات هذه المبادرة المهمة التي تعزز دور الحكومات وجهودها في تحقيق السعادة لشعوبها التي أصبحت تشكل أولوية رئيسة للحكومات.

وأوضح شواب أن الجيل الثالث من الحكومات حان وقته حاليا، فهو يقوم على مشاركة المواطنين للحكومات في تقديم الخدمات. من خلال الثورة التكنولوجية التي تتيح للحكومات الفرصة للوصول الفوري للمعلومات وتلبية الاحتياجات الفردية للمواطنين، بالإضافة إلى التعاون والشراكة بين القطاع العام والخاص.

من جانب آخر، وفي جلسة بعنوان «فرص تطوير الخدمات الاجتماعية في العالم العربي»، أوضح الدكتور يوسف العثيمين، وزير الشؤون الاجتماعية السعودي، أن تطوير الخدمات المستقبلية في العالم العربي يرتبط بتطوير الخدمات الإلكترونية بحيث يستطيع الفرد الوصول إلى الخدمة الاجتماعية بسهولة ويسر يحفظان له ماء الوجه، حيث تلعب التقنية دور الوسيط الأساسي بين الجهة المقدمة للخدمة والمستفيد منها، مما يسمح بالقضاء على بعض الممارسات التي تنتج عن ذلك.

بينما أكدت مريم الرومي، وزيرة الشؤون الاجتماعية في الإمارات، حرص الدولة على أن تكون الأولوية للتنمية الاجتماعية، حيث تستأثر بنحو 51 في المائة من ميزانية الدولة البالغة 140 مليار درهم (38 مليار دولار)، وتذهب إلى التنمية بشكل مباشر بما في ذلك الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الأخرى، مشيرة إلى أن قطاع التنمية يشكل أهمية خاصة لدى القيادة، وتركز التشريعات بالدرجة الأولى على الحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية بحيث تختلف الخدمة المقدمة على سبيل المثال للمعاقين عن غيرها من الفئات الأخرى. وأوضحت أن الوزارة ابتكرت تقديم الأموال والمساعدات للمحتاجين من بطاقة الصراف الآلي بعد أن كانت تصرف نقدا من خلال المكاتب.

وفي إطار سعيها لتعزيز دور قطاع التعليم وتطويره بما يتلاءم والتطلعات المستقبلية، خصصت «القمة الحكومية» جلسة تفاعلية بعنوان «مواكبة العصر المعرفي: خدمات التعليم المستقبلية»، سلطت الضوء خلالها على أهمية بناء اقتصاد قائم على المعرفة بالتماشي مع التقدم الهائل في مجال تقنية المعلومات، مما يضع التعليم في أولوية توجهات وجداول أعمال الحكومات في جميع دول العالم.

واستعرضت الجلسة التفاعلية أهم التوجهات العالمية في استخدام التكنولوجيا لتطوير التعليم، بالإضافة إلى تحديد أهم الفرص والتحديات التي تواجه التعلم الذكي ليتماشى مع متطلبات العصر الحديث، وذلك لإعداد كوادر مؤهلة قادرة على تجسيد رؤية قياداتهم وترجمتها لواقع ملموس.

وشارك في الجلسة الدكتور مغـيـر خـمـيـس الخـييـلـي، المدير العام لمجلس أبوظبي للتعليم في الإمارات الذي قال: «نعمل على توفير أفضل التقنيات والوسائل في جميع مراحل التعليم، ودعم توجه المعلمين لاستخدام هذه التقنيات، بشرط أن يكون استخدام الوسائل التقنية عاملا محفزا للتطور وليس غاية بحد ذاته. ويمكننا على هذا الأساس تدعيم أن يكون التعليم الإلكتروني جزءا من الخطة المتكاملة لاستراتيجية التعليم الذكي، حيث إنه ينبغي للطلاب البحث عن المعلومات بأنفسهم لبناء مهاراتهم الشخصية مع الاعتماد على نظام التعليم التفاعلي».

ومن جانبه، تحدث أوليس بيتكالا، المدير العام لمجلس فنلندا الوطني للتعليم، عن التجربة الفنلندية في قطاع التعليم التي تعد من الأفضل في العالم نظرا لتفردها وتميزها بتركيزها على تعزيز تجربة تعلم الطالب والارتقاء بمستوى مهاراته. وقال: «ينظر الكثير من الناس من حول العالم إلى نظامنا التعليمي بشيء من الغرابة، باعتبار أننا قد لا نعتمد الأمور التقليدية والمعتادة، فنحن نولي أهمية كبيرة لتطوير مهمات المدارس ونطلب منهم التعاون مع المدرسين لتطوير المناهج بالاعتماد على الأساليب المحفزة على الإبداع والتفكير».

وأشار بيتكالا إلى الأهمية القصوى والضرورة الملحة لتطوير المناهج التعليمية بشكل دائم، والتركيز على مفهوم التعلم بدلا من مفهوم التعليم، بحيث يتحول المدرس إلى مرشد وموجه.

إلى ذلك، شدد ويليام دانفرز، نائب الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على أهمية أن تعيد الحكومات التفكير في الطريقة التي تقدم بها خدماتها وفقا لمتطلبات المواطنين المتغيرة، مشيرا إلى أنه من الضروري تقديم خدمات مناسبة تساعد على بناء علاقة ثقة متينة مع الشعوب.

ونوه دانفرز إلى أهمية قيام الحكومات بتأمين خدمات جيدة وأن تعهد إلى ابتكار واستحداث أحدث التقنيات التي من شأنها أن تساعدها على تحقيق هدفها المنشود، إلى جانب إطلاق رؤية تنموية واسعة وشاملة مثل «رؤية الإمارات 2021» واعتماد استراتيجيات وسياسات أفضل تتيح لهذه الحكومات العمل على جبهات مختلفة.

وأكد أن الحكومات لن تتمكن من رفع كفاءة خدماتها ما لم تقم باعتماد أحدث التكنولوجيات المتاحة في هذا المجال، مضيفا أن التحديات التي تواجهها الحكومات كبيرة جدا ولا يمكن لها تحقيق التنمية المستدامة بشكل منفرد دون إشراك جميع المؤسسات والأطراف المعنية في هذه العملية كالقطاع الخاص والقطاع المدني.

وأضاف دانفرز أن اعتماد التكنولوجيا في العمل الحكومي يوفر منصة تتيح للمواطنين والمتعاملين ميزة التواصل مع الحكومة بشكل مباشر، مشيرا إلى أن بعض الحكومات قد أخذت بعين الاعتبار تمكين مواطنيها من استخدام هذه التقنيات بالشكل الأمثل.

إلى ذلك، أطلقت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) خلال القمة الحكومية أمس مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والجوالة، الذي يقدم أداة دقيقة لقياس مستوى التقدم الإلكتروني (الذكي) والتطوير في تقديم الخدمات الحكومية للجمهور.

وتهدف المنظمة من خلال إطلاق هذا المؤشر إلى قياس مستوى نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والجوالة، من خلال التركيز على مدى تطور تقديم الخدمات وتطوير نوعيتها وجودة تقديمها وتحديد العوامل المؤثرة في رضا المتعاملين عند تقديم الخدمات الحكومية الذكية، كما يبرز الحاجة إلى مجموعة متكاملة من الخدمات الحكومية الإلكترونية والجوالة ويشجع على تطويرها.

ويستخدم المؤشر أدلة دقيقة لتقييم تقديم الخدمات الإلكترونية الحكومية (الذكية) للجمهور من خلال قياس 24 مؤشر أداء رئيسا تغطي 84 خدمة حكومية، 57 منها خدمات للأفراد و27 للمؤسسات، تتراوح بين الصحة والتعليم والأسرة ومباشرة الأعمال. ويسمح بقياس دقيق للخدمات الحكومية الرقمية، ومن المقرر أن يجري تعميم المؤشر في عدد من بلدان «الإسكوا» في عام 2015، على أن يشمل جميع دول المنطقة في 2016، وبعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2018.