البطريرك الراعي يدعو إلى «حكومة ثقة».. والنقاش يتخطى التأليف إلى الاستحقاق الرئاسي

المشنوق لـ«الشرق الأوسط»: قرار إيراني - سوري بتجميد إعلان التشكيل

TT

قطعت دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى تشكيل «حكومة ثقة»، الطريق أمام أي إمكانية لتأليف حكومة وفق صيغة «الأمر الواقع»، وهو الخيار الذي كان يعمل عليه رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، والرئيس اللبناني ميشال سليمان، بعدما باتت «الحكومة السياسية الجامعة» شبه مستحيلة.

ودعا الراعي، قبل مغادرته إلى الفاتيكان، قبل ظهر أمس، إلى «التركيز على انتخابات رئاسة الجمهورية، وتشكيل حكومة تهيئ لهذا الاستحقاق»، وعدّ أن «الوقت ليس مناسبا لتأليف حكومة قد تشكل أزمة، ولا تنال الثقة من مجلس النواب». ورأى الراعي أن «هذا الأمر يتعلق بكرامة الرئيس سليمان والرئيس المكلف»، قائلا: «أعتقد أن كرامتهما ستمس بالعمق كما تمس كرامة جميع اللبنانيين بذلك».

ويأتي كلام الراعي، الذي قالت مصادر قيادية في «14 آذار»، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «سيعقد الأمور أكثر»، بعد جمود واضح طرأ في الأيام الأخيرة على المباحثات الحكومية، في ظل تبادل الاتهامات بين فريقي «8 و14 آذار» بالتعطيل، وتريّث سلام وسليمان في تأليف حكومة «أمر واقع سياسية»، بعد رفض «القوات اللبنانية» المشاركة اعتراضا على قتال حزب الله في سوريا، وعدم قبول رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بمبدأ المداورة في الحقائب.

واستبعدت المصادر ذاتها، في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»، أن يحصل أي خرق في تأليف الحكومة في وقت قريب، مرجّحة أن لا يقدم الرئيس اللبناني على التوقيع على تشكيلة الحكومة إلا قبل أيام قليلة من انتهاء ولايته التي تبدأ مهلتها الدستورية في 25 مارس (آذار) المقبل، بينما ألقت مصادر متابعة للمباحثات الحكومية باللوم على الفريقين. وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «الاثنان لا يريدان حكومة، ولو أرادا العكس لتشكلت في دقائق، والدليل على ذلك الشروط والشروط المضادة التي يطلقها ويتمسك بها كل منهما، مما أدى إلى مرور نحو 11 شهرا، من دون تأليف الحكومة».

وفي حين كان الجدل الحكومي يدور في الأيام الأخيرة، حول توزيع الحصص، لا سيما وزارتي «الطاقة» التي يصر عون على التمسك بها، ووزارة الداخلية التي يرفض تيار المستقبل التنازل عنها، يعدّ فريق 14 آذار، لا سيما تيار المستقبل أنه قدم من جهته جميع التنازلات لتسهيل الحكومة، والعقدة اليوم في ملعب الفريق الآخر.

واكتفى النائب في كتلة المستقبل نهاد المشنوق، بعد عودته ورئيس كتلة المستقبل رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، من زيارة إلى السعودية، بالقول لـ«الشرق الأوسط» أمس: «هناك قرار إيراني - سوري بتجميد تأليف الحكومة».

وكان لافتا أمس تراجع الكلام عن تأليف الحكومة لصالح الاستحقاق الرئاسي، في إشارة واضحة إلى محاولة بعض الأفرقاء، ولا سيما النائب ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، قلب «صفحة الحكومة» وفتح صفحة الانتخابات الرئاسية، لقطع الطريق أمام أي نية لتأجيل هذا الاستحقاق.

وبدا هذا الأمر واضحا في تصريحات صادرة عن الطرفين، أمس، من خلال التركيز على «وثيقة بكركي» الوطنية الأخيرة، والانتخابات الرئاسية.

وعلى غير عادته، لم يدل عون، بتصريح بعد اجتماع كتلته الأسبوعي، وترك المهمة لأمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان، الذي كرّر ما سبق أن أعلنه عون، الأحد الماضي، خلال زيارته البطريرك الراعي، لجهة تأييده «وثيقة بكركي»، التي أكدت على «ضرورة حصر القوى العسكرية بيد الشرعية، والتوصل إلى اتفاق بشأن الاستراتيجية الدفاعية»، إضافة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، واستكمال تطبيق الطائف، والنظر بما يجب تفسيره أو تطويره، بما في ذلك صلاحيات رئيس الجمهورية. كما أكدت ما ورد في «إعلان بعبدا» لناحية تحييد لبنان عن أزمة سوريا.

وقال كنعان: «التكتل يؤيد الوثيقة التي تعيد الشراكة الوطنية الفعلية، مائة في المائة، لأنه منذ 20 عاما هناك ضرب للميثاقية». وسأل: «من عطّل السير بقانون عادل للانتخابات، ومن أوقف المهل الدستورية؟». وتابع: «هل تعطيل تشكيل الحكومة لمدة 11 شهرا كان بسبب حقيبة؟»، وعدّ أن «الحياد الإيجابي الذي ورد في مذكرة بكركي هدفه الحفاظ على المجتمع المتنوع، وليس له علاقة بالصراعات الإقليمية».

في المقابل، ردّ جعجع على تأييد عون (حليف حزب الله) للوثيقة، سائلا: «كيف يعلن بعضهم من بكركي تأييد المذكرة، ويتمسك بسلاح حزب الله؟»، لافتا إلى أن «الوثيقة تقول بوضوح إنه لا يجب أن يبقى أي سلاح خارج الشرعية».

وعد جعجع في مؤتمر صحافي له، أن «هناك مشروعين مطروحين في الوقت الراهن؛ مشروع دويلة حزب الله، ومشروع مذكرة بكركي، وما ورد في الوثيقة واضح وتأسيسي».

وشدد جعجع على أن «من يريد أن يؤيد المذكرة، فعليه أن يأخذ موقفا صريحا خصوصا من موقف الحياد»، سائلا: «كيف يؤيد البعض الوثيقة ويتوافق مع القول إن سلاح حزب الله يجب أن يبقى لحل أزمة الشرق الأوسط؟».