إجراءات استثنائية في مصر لوقف ظاهرة استهداف رجال الشرطة

المتحدث باسم الداخلية: الحكومة منعت استيراد الدراجات النارية

الدراجات النارية منتشرة بشكل واسع في أرجاء مصر (أ.ف.ب)
TT

أعلنت الحكومة المصرية عن إجراءات استثنائية لوقف استهداف رجال الشرطة، وقررت أمس منع استيراد الدراجات النارية كاملة الصنع لمدة عام، ومنع استيراد مكوناتها الإنتاجية لمدة ثلاثة أشهر. كما قررت وضع ضوابط صارمة من قبل وزارة الداخلية تطبق عند شراء وترخيص أي دراجات نارية جديدة، مع السماح بمهلة مؤقتة لمدة أسبوعين للمالكين الحاليين للدراجات النارية و«التوك توك» (سيارات أجرة صغيرة) لتوفيق أوضاعهم فيما يتعلق بالترخيص. وقال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة استجابت لطلب وزارة الداخلية وأصدرت قرارا بمنع استيراد الدراجات النارية».

وأكد خبراء أمنيون تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أن الحكومة لجأت إلى هذه الإجراءات للحد من استهداف رجال الشرطة عن طريق «الدراجات النارية»، لافتين إلى أن الحكومة سوف تفرض قيودا كبيرة على الدراجات التي تسير في الشوارع من دون لوحات معدنية، في مقدمتها منع ركوب أكثر من شخص على ذات الدراجة النارية. وقالت مصادر أمنية مسؤولة في إدارة المرور بوزارة الداخلية، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك توجيهات بضبط جميع الدراجات النارية التي تسير من دون لوحات معدنية، والتي تظهر في شوارع مصر وتقوم بالأعمال الإرهابية»، موضحة أن هذا الأمر خطير جدا خلال هذه الفترة ويجب إعادة النظر فيه.

وتشهد مصر منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة رسميا كجماعة «إرهابية»، أعمال عنف مسلحة ضد الشرطة والجيش، وخلال الأشهر الماضية وقعت عشرات الحوادث التي استخدم فيها الجناة «دراجات نارية»، أسفرت عن مقتل اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفني بوزارة الداخلية في منطقة «الطالبية» بالهرم في يناير (كانون الثاني) الماضي، فيما تعرض كمين أمني بقرية «صفط الشرقية» بمركز الواسطى بمحافظة بني سويف لهجوم مسلح نفذه ملثمون يستقلون دراجتين ناريتين أدى إلى مقتل خمسة من رجال الشرطة وإصابة آخرين. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قام مسلحان يستقلان دراجة نارية بفتح النيران على عشرات المسيحيين أثناء حضورهم حفل زفاف بكنيسة العذراء بمنطقة الوراق بمحافظة الجيزة، أسفر عن مقتل خمسة بينهم طفلة صغيرة وإصابة 18 آخرين، وفي ذات الشهر تعرض كمين طلخا الأمني لهجوم، مما أدى لمقتل ثلاثة أفراد شرطة وإصابة آخرين.

وأعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا نهاية العام الماضي، وحملتها مسؤولية عمليات إرهابية استهدفت مقرات للجيش والشرطة في شبه جزيرة سيناء وفي قلب العاصمة المصرية، خلال الشهور الماضية. ويقول مراقبون إن «أغلب الأعمال الإرهابية يجري تنفيذها من خلال الدراجات النارية لسهولة الهرب بها في الأماكن الضيقة، إضافة إلى وجود الآلاف منها من دون لوحات معدنية، ما يعني صعوبة تتبعها».

من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي، اللواء حسام سويلم، المدير الأسبق لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الداخلية اتخذت إجراءات أمنية مهمة بوضع قيود على جميع أنواع الدراجات النارية، في مقدمتها منع ركوب اثنين على دراجة واحدة».

وتابع سويلم أنه «لا بد من تفتيش كل الدراجات النارية التي تحتوي على صناديق، وكذلك التي يركبها فردان»، مشددا أن تلك الطريقة في استهداف و«تصفية» رجال الشرطة هي «لعبة جماعة الإخوان»، مؤكدا أن الحكومة فعلا منعت استيراد الموتوسيكلات بناء على طلب من وزارة الداخلية.

وقال اللواء مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية السابق، إن «حجم الدراجات النارية التي تدخل إلى مصر سنويا غير مسبوق. وجرى التحذير من استخدامها في عمليات الاغتيالات والتصفية السياسية».

ويؤكد مصدر مسؤول في الغرفة التجارية بالقاهرة، أن «الأعوام الثلاثة الأخيرة شهدت دخول 250 ألف موتوسيكل (دراجة نارية) مجهول لم يسجل منها بإدارات المرور سوى 22 ألفا، أي أن أكثر من 90 في المائة منها يجري تسييرها من دون لوحات معدنية ولا يعرف أحد شيئا عن بياناتها، ويستطيع الشخص أن يرتكب أي جريمة بمنتهى الأمان والحرية الكاملة».

وقال المصدر المسؤول، الذي تحفظ على ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطر الحقيقي هو فتح باب الاستيراد العشوائي للدراجات النارية دون ضوابط حقيقية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن مصر استوردت خلال العام ما يزيد عن مائة ألف دراجة نارية من ماركات صينية»، لافتا إلى أن «الكثير من هذه الدراجات لا يحمل أرقاما مرورية، ويقودها أطفال وشباب دون الثامنة عشرة من عمرهم يسيرون دون الالتزام بنظام الشارع مما يعرض حياة المواطن للخطر».

بينما قالت المصادر الأمنية نفسها في إدارة المرور بوزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط»، إن «السبب في أن الكثير من تلك الدراجات النارية غير مرخص يعود للمواطن الذي لا يرغب في دفع رسوم التراخيص والمخالفات وغيرها من الإجراءات الإدارية لترخيص دراجته النارية، حيث إن أغلب قائدي تلك الدراجات من الطبقة أقل من المتوسطة». وأضافت المصادر الأمنية أن «الدراجات النارية تحولت إلى وسيلة لارتكاب الكثير من الجرائم سواء القتل أو الإرهاب، أو السرقة.. ويستطيع راكبها مفاجأة الضحية، ثم الهرب وسط الزحام».