رئيس الحكومة المغربية يقر بأن الإصلاح صعب جدا ويتطلب وقتا

ابن كيران: أنا لا أتسول الأصوات بل أمارس السياسة خدمة لمصلحة البلاد

الملك محمد السادس لدى استقباله أمس محمد فاضل بنيعيش الذي عينه سفيرا لبلاده لدى إسبانيا (ماب)
TT

عاتب عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، المعارضة البرلمانية لكونها تنسب كل الأمور السلبية إلى حكومته، بينما الإيجابيات تنسب للحكومات السابقة، وقال إنه أصبح يعتقد أنه رئيس للحكومة منذ 1956 (تاريخ حصول المغرب على الاستقلال).

وأوضح ابن كيران، الذي كان يتحدث أمس في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) التي خصصت للحديث عن السياسة الحكومية في مجالي تحسين مناخ الأعمال والتشغيل، أن الشعب يتفهم جيدا القرارات الشجاعة التي اتخذتها الحكومة ويتقبلها لأنه يعي جيدا أنها تصب في مصلحته مهما بدت قرارات «لا شعبية» في نظر البعض.

وأضاف أنه إذا أراد الشعب أن يعاقبه بأن لا يصوت على حزبه في الانتخابات المقبلة، فهذا الأمر لا يهمه، فهو مستعد للذهاب إلى بيته ليرتاح، وزاد قائلا: «أنا لا أتسول الأصوات بل أمارس السياسة خدمة لمصلحة البلاد».

وأقر ابن كيران بأن الإصلاح صعب جدا ويتطلب وقتا، مشيرا إلى أنه إذا كانت المؤسسات الدولية لديها تقديرات إيجابية بشأن الاقتصاد المغربي، فهذا لا يعني أنه ليس لديها ملاحظات: «فنحن لا نخفي أي شيء عنها وننقل لها الحقيقة كما هي، وسنحاول معالجة السلبيات تدريجيا». وجاء حديث ابن كيران ردا على الاتهامات التي وجهها حكيم ابن شماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة المعارض في مجلس المستشارين، للحكومة، والتي قال عنها إنها تقوم بتضليل الرأي العام لأنها تتعامل بانتقائية مع تقارير المؤسسات الدولية ولا تذكر سوى الإيجابيات. كما انتقد ابن شماس تشكيك الحكومة في الأرقام التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط بشأن وضعية الاقتصاد المغربي، وقال إن التشكيك في المؤسسات الوطنية يؤثر على صورة البلد. وفي هذا السياق، قال ابن كيران إن ما حدث بين الحكومة والمندوبية السامية للتخطيط هو خلاف حول الأرقام وليس تشكيكا، لأن لكل طرف طريقة في احتساب هذه الأرقام، بيد أنه أكد في المقابل أن ما أثار استغرابه هو التقييم السياسي للحكومة الذي صدر عن المندوبية، وهو أمر غير مقبول. وتطرق ابن كيران لخلافه مع حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، والانتقادات اللاذعة التي وجهها إليه أخيرا، وقال إنها لم تكن سوى رد بسيط على ما قاله شباط في حقه من «بهتان وباطل وأشياء ساقطة»، مشيرا إلى أنه ليس لديه أي موقف من حزب الاستقلال الذي يحترمه، وهو مستعد لأن تعود العلاقة طبيعية بينهما.

واستعرض ابن كيران أهم النتائج التي جرى تحقيقها في مجال تحسين مناخ الأعمال، وقال إن الإصلاحات التي باشرتها الحكومة ساهمت في تزايد إقبال المستثمرين الأجانب على البلاد، وتحسين ترتيب المغرب في التقارير الدولية السنوية التي لها علاقة بمناخ الأعمال، والتي تعد مرجعية لاتخاذ القرار من طرف المستثمرين الخارجيين وهيئات التمويل الدولية والمؤسسات المانحة وكذا وكالات التنقيط الدولية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذه الاستثمارات ارتفعت بنسبة 24 في المائة مقارنة بـ2012، مما يجعلها الوجهة الثانية أفريقيا.

وقال ابن كيران إن الحكومة نجحت في توقيف المنحدر السلبي على مستوى المالية العمومية وعلى مستوى التوازن الخارجي. وأضاف: «استطعنا في ظرف سنة واحدة تقليص عجز الموازنة بما يقارب نقطتين من الناتج الداخلي الخام، أي من 7.3 في المائة سنة 2012 إلى 5.4 في المائة سنة 2013. وبنفس المستوى، استطعنا تقليص عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات من 9.7 في المائة سنة 2012 إلى 7.5 في المائة سنة 2013. وتحققت هذه النتائج، بفضل الإجراءات المسؤولة واللازمة التي اتخذتها الحكومة في الوقت المناسب». وفي مجال التشغيل، قال رئيس الحكومة المغربية إنه ما بين 2012 و2013، أحدث نحو 114 ألف منصب شغل، منها 101 ألفا بقطاع الخدمات و58 ألفا بقطاع الفلاحة والغابة والصيد، وخمسة آلاف بقطاع الصناعة والصناعة التقليدية، في حين فقد قطاع البناء والأشغال العمومية نحو 50 ألف منصب عمل. وفي ظل هذه الظروف، يضيف ابن كيران، عرف معدل البطالة ارتفاعا طفيفا على المستوى الوطني بـ0.2 نقطة، منتقلا بذلك من تسعة في المائة إلى 9.2 في المائة، بعد أن كان قد تراجع ما بين الفصل الثالث من 2012 والفترة نفسها من 2013 بـ0.3 نقطة، مشيرا إلى أن نسبة البطالة تبقى في حدود المتوسط مقارنة حتى بالدول المتقدمة خاصة في أوروبا. إلا أن هذه الأرقام لا تعبر، في رأيه، بدقة عن واقع التشغيل بالمغرب، لا سيما من حيث جودة الشغل، وخاصة في القرى، مما يحتم مقاربة وضعية التشغيل من الناحيتين الكمية والكيفية.

وقال ابن كيران إنه بصرف النظر عن كون مشكلة الحد من البطالة تبقى مرتبطة بتحقيق نسب نمو تسمح بخلق مناصب شغل إضافية، فهناك إكراهات وتحديات أخرى تعانيها سوق الشغل في المغرب، من بينها أنماط التكوين المعتمدة وعدم تأقلمها وتوجيهها حسب الحاجيات الاقتصادية المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى مشكلة المزاوجة بين كلفة الشغل في القطاع المنظم المرشحة للارتفاع والمحافظة على تنافسية المقاولة وجاذبية المغرب للاستثمار الأجنبي.

يذكر أن فرق المعارضة رفعت في بداية الجلسة لافتات تنتقد قرار ابن كيران القاضي بمنع بث الإحاطات على التلفزيون، تنفيذا لقرار المجلس الدستوري، وكتبت على بعضها عبارة «يا رئيس الحكومة كفى من التحكم والديكتاتورية».