جبهة الإنقاذ الجزائرية المحظورة: الانسداد السياسي في البلاد ينذر بانفجار اجتماعي وشيك

عباسي مدني يندد بمنع قادتها من ممارسة السياسة

عباسي مدني
TT

حذرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية المحظورة، من «خطر محدق على مستقبل البلاد والعباد»، في إشارة إلى صراع حاد بين رئاسة الجمهورية وجهاز المخابرات الذي يبدي رفضا لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، بمناسبة انتخابات الرئاسة التي ستجري في 17 أبريل (نيسان) المقبل.

وقال عباسي مدني، رئيس الجبهة، في بيان نشره الحزب المحظور بموقعه الإلكتروني، أمس، إن «الانسداد السياسي في البلاد بلغ حدا لا يطاق، ما ينذر بانفجار اجتماعي وشيك لا يعلم حجمه ولا نتائجه إلا الله».

وأوضح مدني، المقيم بقطر منذ خروجه من السجن العسكري عام 2003، أن «احتدام الصراع بين الأجنحة في أعلى هرم السلطة من أجل الاستفراد بالحكم، أضحى يهدد أمن الجزائر القومي والإقليمي».

وتعيش البلاد منذ 20 يوما على وقع تطاحن قوي بين من تسميهما الصحافة «المعسكرين المسيطرين على السلطة»، وهما الرئاسة بقيادة بوتفليقة ومقربين منه، وجهاز المخابرات ورئيسه النافذ الجنرال محمد الأمين مدين الشهير باسم «توفيق». وانفجر الصراع بعد أن صرح عمار سعداني أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني (غالبية برلمانية) بأن الجنرال توفيق «مطالب بالاستقالة» بذريعة أنه يتحمل مسؤولية عدة أحداث أمنية، أبرزها محاولة اغتيال بوتفليقة في خريف 2007، والهجوم على المصنع الغازي في عين أميناس مطلع 2013. وخلف مقتل 39 أجنبيا، بعد أن تدخلت وحدة خاصة من الجيش الجزائري لحسم الموقف مع جماعة إرهابية احتجزت مئات العاملين في المصنع الذي يقع في صحراء الجزائر.

وتحدث مدني (77 سنة) في بيانه عن «تدهور أمني لافت، انتقل من منطقة إلى أخرى، أخرها أحداث غرداية الدامية الأليمة في ظل غياب السلطة غيابا تاما، واكتفائها بالمعالجة الأمنية العرجاء التي فشلت فشلا ذريعا». ويشير البيان هنا إلى مواجهات طائفية تجري في غرداية (600 كلم جنوب العاصمة) منذ ثلاثة أشهر، وتجمع بين أتباع المذهب الإباضي الناطقين بالأمازيغية، وأتباع المذهب السني المتحدثين بالعربية.

ويشتم قطاع من الطبقة السياسية رائحة «توظيف سياسي» من جانب السلطة في هذه الأحداث، ويستغرب مراقبون «تهاونها» في البحث عن حل للاقتتال الدائر بين الطرفين والذي خلف خمسة قتلى وخسائر مادية كبيرة في الممتلكات الخاصة.

وأشار عباسي إلى «غياب الرئيس بشكل كامل مما يطرح السؤال حول من يسير البلاد في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها».

ويعاني بوتفليقة من تبعات إصابة بجلطة في الدماغ أفقدته التحكم في بعض وظائفه الحسية، لذلك تحوم شكوك قوية بخصوص قدرته على الترشح لولاية رابعة، رغم أن المقربين منه يؤكدون أنه سيترشح. ويسدل الستار عن قضية الترشح للرئاسة، قانونا، في الرابع من الشهر المقبل.

وندد عباسي بـ«الانتهاكات الصارخة لحقوق الجزائريين وحرياتهم، وخصوصا قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحرومين من حقوقهم السياسية والمدنية».

وأصدر بوتفليقة قانونا في 2006 سماه «السلم والمصالحة الوطنية» أهم ما فيه أنه يحمل قادة «الإنقاذ» مسؤولية الدماء التي سالت في عقد التسعينات من القرن الماضي، وعلى هذا الأساس منعهم من تأسيس أحزب والترشح للانتخابات.

يشار إلى أن بوتفليقة «نفض يديه» من هجوم سعداني على توفيق، في رسالة بعثها إلى الجيش على إثر تحطم طائرة عسكرية الثلاثاء الماضي، خلف مقتل 77 شخصا معظمهم عساكر. فقد ذكر بأنه «لا يحق لأي كان مهما علا منصبه تعريض الجيش للانقسام». ورغم موقف الرئيس من «القنبلة» التي فجرها سعداني، فإن المراقبين يرون أن هذا الأخير ما كان ليجرؤ على مهاجمة المخابرات العسكرية بتلك الحدة، لو لم يكن بوتفليقة هو رئيس جبهة التحرير ولم يكن سعداني محسوبا على جماعة الرئيس.

وذكر عباسي أن «الحالة الكارثية التي وصلت إليها الجزائر، تفاقمت بعد اغتصاب الإرادة الشعبية سنة 1992». وفاز جبهة الإنقاذ في تلك السنة بأول انتخابات برلمانية تعددية، غير أن الجيش تدخل فألغى نتائجها بحجة أن الجزائر «ستصبح أفغانستان» لو وصل الإسلاميون إلى سدة الحكم.