ليبرمان في باريس مركزا على الملف النووي الإيراني

السفير الفلسطيني: نريد من فرنسا إفهام إسرائيل أن استراتيجيتها تؤدي إلى طريق مسدود

TT

استبق وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان زيارته إلى العاصمة الفرنسية بتصريحات تفهم منها رغبته في حرف الأنظار عن الملف الفلسطيني، وتحديدا موضوع الاستيطان الذي يشكل العقبة الكأداء بوجه تقدم المفاوضات والتركيز على البرنامج النووي الإيراني والتنديد بتسارع الغربيين، وتحديدا الأوروبيين، لإعادة وصل خيوط التعاون والحوار مع طهران.

ويلتقي ليبرمان الذي لم يأتِ إلى باريس في زيارة رسمية منذ عام 2009 وزير الخارجية لوران فابيوس ووزير الداخلية مانويل فالس وعددا من أعضاء جمعية الصداقة الفرنسية - الإسرائيلية في البرلمان وممثلي المنظمات اليهودية في فرنسا، فضلا عن الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أنجيل غوريا.

وفي تصريح أدلى به أول من أمس، أعلن ليبرمان أن فرنسا «تلعب دورا مهما على المسرح الدولي لمنع استمرار البرنامج النووي الإيراني»، مضيفا أن التجارب الصاروخية التي أجرتها طهران أخيرا (الاثنين الماضي) «تظهر نواياه العدوانية». والخلاصة التي وصل إليها ليبرمان أن «التغير الوحيد الذي حصل في إيران هو أنها تهدد السلام الدولي وراء قناع من البسمات».

ولا يحظى ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» بعطف أو احترام فرنسيين بعكس ما كانت تحظى به مثلا تسيبي ليفني أو ما يحظى به شيمعون بيريس. فالطرف الرسمي الفرنسي كان يسعى باستمرار، ورغم الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، فإن العلاقات الثنائية يشوبها التوتر بسبب سياسة الاستيطان المتسارعة التي تنفذها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية ورغبتها في فرض أمر واقع جديد. وخرج التوتر إلى العلن الشهر الماضي عندما استدعت مجموعة عواصم أوروبية (باريس، لندن، روما ومدريد) سفراء إسرائيل فيها للاحتجاج رسميا على سياسة الاستيطان. ورد ليبرمان على ذلك بأن طلب من وزارته استدعاء سفراء البلدان الأربعة المعنية وإبلاغهم رسالة مفادها أن مواقف بلادهم «متحيزة للطرف الفلسطيني، غير مقبولة وبعيدة عن أرض الواقع، وهي تهدد بالتالي إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين». وتساءل ليبرمان: «هل تقوم أوروبا بكل ذلك من أجل عدة منازل قامت ببنائها؟».

وقال سفير فلسطين لدى فرنسا هايل الفاهوم لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على زيارة ليبرمان إنه «يأمل من فرنسا أن تنقل رسالة واضحة للجانب الإسرائيلي» وأن تتمسك بالموقف القائل إن «كل ما بني على أساس غير شرعي هو غير شرعي»، ما يعني الاستيطان وما يتعلق به من استثمارات أو بضائع أو مبادلات. وطالب الفاهوم باريس بأن تلعب دورا «فاعلا» إن بشكل مباشر أو غير مباشر؛ «لأن الأمن والاستقرار في المنطقة يمسان مصالحها المباشرة». ورغم دعمها للجهود الأميركية التي يقودها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فقد دعا السفير الفلسطيني باريس إلى القيام بدور «فاعل» على الصعيدين الفرنسي والأوروبي.

وبما أن علاقات فرنسا بإسرائيل «مميزة»، فقد رأى الفاهوم أن واجب باريس إفهام القادة الإسرائيليين أن الاستمرار في سياسة المماطلة ونسف المفاوضات «ليس استراتيجية مفيدة على المدى الطويل»؛ لأنها تؤدي إلى طريق مسدود، وبالتالي فإن «الأجدى ليس السعي للتفاوض على مرجعيات جديدة للسلام بل إيجاد الآلية المناسبة لتنفيذ المرجعيات المعروفة والمقبولة دوليا».

أما فيما خص النووي الإيراني، فإن التقارب الشديد الذي حصل بين الطرفين عندما عارض الوزير فابيوس الموافقة على اتفاق بين مجموعة الست (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) وإيران بحجة أنه «لا يوفر الضمانات الكافية» خفتت حدته بعد إبرام اتفاق جنيف المرحلي (ستة أشهر) بموافقة فرنسية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأعطت الشركات الفرنسية انطباع أنها «تستعجل» العودة إلى الأسواق الإيرانية بعد أن قام وفد رفيع المستوى من مائة شركة بزيارة إلى طهران الأسبوع الماضي، الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولم يكتم الأخير غيظه إبان المؤتمر الصحافي المشترك مع ضيفه الرئيس الفرنسي عندما هدد الشركات التي تتخطى العقوبات المفروضة على طهران بتدابير ردعية.