إيران: نشر المعلومات المتعلقة بمجلس الأمن القومي يستحق المساءلة القانونية

جدل حول التحذيرات الموجهة إلى وسائل الإعلام.. تدخل ضمن الرقابة أم عملية روتينية

TT

وجه كيوان خسروي الناطق باسم المجلس الأعلى للأمن القومي تحذيرا لوسائل الإعلام بشأن نشر القرارات التابعة لهذه المؤسسة لأنها تصنف على أنها وثائق سرية وبالتالي سيجري معاقبة الذين يقومون بنشر المعلومات.

وأضاف خسروي في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (إرنا) أن «اتخاذ أية تدابير تؤدي إلى نشر قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي يرتقى إلى مستوى الجريمة التي تستحق المساءلة القانونية». وتابع: «إن سكرتارية المجلس الأعلى للأمن القومي هي الجهة المخولة لنشر المعلومات التابعة للمجلس»، وبالتالي فإنه «لا يجوز لأي مسؤول أن يقوم بنشر الأخبار والمعلومات المتعلقة بالمجلس الأعلى للأمن القومي وسكرتاريته التي تتولى تقديم المعلومات الخاصة بالمجلس لوسائل الإعلام بهدف بثها».

وقال خسروي: «تداولت وسائل الإعلام بعض التصريحات المنسوبة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي خلال الأيام الماضية وهي عارية عن الصحة، مما أدى إلى حالة من سوء فهم لدى الرأي العام، كذلك استغل أعداء نظام الجمهورية الإسلامية هذه الفرصة لصالحهم». ولم يُشِر المسؤول الإيراني إلى تفاصيل التصريحات المنسوبة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي.

وكانت وسائل الإعلام أفادت قبل شهرين بأن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني فرض حظرا إعلاميا على نشر أخبار «غير رسمية» بشأن اتفاقية كرسنت النفطية.

وأجرت «الشرق الأوسط» حوارا هاتفيا مع الصحافي والخبير الإعلامي الإيراني في مدينة واشنطن أوميد معماريان، والخبير القانوني وسكرتير نقابة الصحافيين الإيرانيين في الشؤون القانونية في طهران كامبيز نوروزي، واستطلعت آراءهما بهذا الشأن.

وقال أوميد معماريان إن هذه القرارات تناقض سياسات رئيس الجمهورية، واعتبر الخبير معماريان أن أداء المجلس الأعلى للأمن القومي يؤدي إلى فرض قيود على الصحافيين، وعلى حرية التعبير. ويرى معماريان أن المجلس الأعلى للأمن القومي ليس جهة تشريعية، وأن قيامه بتحذير وسائل الإعلام بشأن عدم نشر قراراته لا يندرج ضمن صلاحياته، وأن السلطة القضائية هي التي تقوم بإصدار مثل هذه التشريعات الإلزامية.

وقال معماريان إن السياسات والتصريحات الصادرة عن الرئيس الإيراني حسن روحاني، مشيرا إلى أن ذلك «يناقض الموقف الذي اتخذه المجلس الأعلى للأمن القومي بشأن تحذير وسائل الإعلام، لأنه يناقض السياسات التي يعتمدها روحاني وأحدها قضية حقوق المواطنة»، وأضاف أن «التصريحات الصادرة عن المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي مثال على فرض الرقابة على وسائل الإعلام».

ورفض الصحافي الإيراني فكرة سرية القرارات التي يتخذها مجلس الأمن القومي، وزاد قائلا: «كان بإمكان المجلس أن يحرص على عدم تسريب الأخبار الخاصة به، ولكن إذا حاول صحافي ما أن يحصل على مادة خبرية بطرق قانونية فذلك لا يجعله مجرما. قامت وسائل الإعلام الأميركية على سبيل المثال بنشر المعلومات التي حصل عليها إدوارد سنودن».

وقال معماريان: «تكمن الإشكالية في التصريحات الصادرة عن المجلس الأعلى للأمن القومي الهادفة إلى تحديد طابع الجريمة، إذ يقول إنه يملك الحق القانوني لرفع شكوى ضد أية وسيلة إعلام تقوم بنشر معلومات خاصة به، ولكن هذا المجلس لا يستطيع أن يصدر قرارا عاما لفرض القيود على كل وسائل الإعلام».

من جهته يرى كامبيز نوروزي الخبير القانوني المقيم في طهران أن التصريحات التي أدلى بها الناطق باسم المجلس الأعلى للأمن القومي لا تحمل طابعا لفرض الرقابة على وسائل الإعلام.

وتابع نوروزي: «يقصد خسروي أن القرارات الصادرة عن المجلس تحظى بسرية وتعتبر وثائق سرية للغاية، وهذا ليس خبرا جديدا. وتحظر القوانين الإيرانية أساسا نشر أي نوع من الوثائق السرية». وأضاف الخبير القانوني الإيراني: «تتصدر قضية الأمن القومي قائمة الأولويات في كل الدول في العالم مع الاختلاف في حدة هذه القضية من دولة إلى أخرى».

وأشار نوروزي إلى أن الفقرة الثانية في المادة الخامسة من قانون الصحافة تمنح المجلس الأعلى للأمن القومي الصلاحية لفرض قيود على وسائل الإعلام في مواقف خاصة.

وأكد نوروزي أن قضية فرض القيود على وسائل الإعلام لا تقتصر على إيران، ويملك رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة الصلاحية لإصدار أمر بفرض القيود على وسائل الإعلام، فعلى سبيل المثال أصدر الرؤساء الأميركيون خلال حرب الخليج، وأحداث 11 سبتمبر (أيلول)، والغزو الأميركي للعراق ولأفغانستان، أوامر بفرض قيود على المواد الخبرية التي تداولتها وسائل الإعلام.