التيار الإسلامي يغيب عن انتخابات الرئاسة لأول مرة منذ دخول الجزائر التعددية

عبد الله جاب الله: الاستحقاق المقبل يفتح البلاد على مستقبل محفوف بالمخاطر

TT

أعلن زعيم التيار الإسلامي المتشدد في الجزائر عبد الله جاب الله، عن مقاطعة انتخابات الرئاسة التي ستجري في 17 أبريل (نيسان) المقبل، وقال إن المشاركة فيها «تكريس للرداءة وتشجيع للتزوير وتمكين للفساد».

ويشهد الاستحقاق الرئاسي المقبل غياب التيار الإسلامي لأول مرة، منذ أول انتخابات رئاسية تعددية جرت عام 1995.

وذكر جاب الله أمس، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الحزب الذي يرأسه «جبهة العدالة والتنمية» بالعاصمة، أن الانتخابات المقبلة «قد تفتح البلاد على مستقبل محفوف بكثير من المخاطر والفساد». وندد بـ«السياسات غير المسؤولة التي حكمت البلد منذ الاستقلال وأوصلته إلى أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة، من مظاهرها انتشار الاحتجاجات الشعبية في معظم الولايات والبلديات عبر الوطن، وخاصة في الجنوب الجزائري. وتتابع الإضرابات والحركات المطلبية المشروعة التي مست مختلف القطاعات».

وتحدث جاب الله عن «تفشي واستفحال النهب والفساد، وتوالي الكشف عن ملفاته مما أضحى يهدد الأمن والاستقرار في البلد، وخاصة في ظل احتدام الصراع على المصالح والمواقع بين أجنحة السلطة»، في إشارة إلى وجود خلاف حاد في أعلى هرم النظام، بين رئاسة الجمهورية وجهاز المخابرات. الأولى تسعى لفرض ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، والثاني رافض للفكرة. ولم يبد أي من الطرفين موقفه في العلن، لكن «وسائط» منهما تبادلت تهما خطيرة عبر وسائل الإعلام.

واستنكر جاب الله، الذي شارك في انتخابات الرئاسة 2004، «افتعال الأزمات وتغذيتها ومنها الأزمة في غرداية، وانتشار ظاهرة اختطاف وقتل الأطفال».

وتشهد غرداية (600 كلم جنوب العاصمة) منذ ثلاثة أشهر مواجهات عرقية بين اتباع المذهب الإباضي وأتباع المذهب السني، خلفت خمسة قتلى وخسائر في الممتلكات الخاصة.

وأشار جاب الله إلى «إصرار السلطة على الاستمرار في الإشراف على الانتخابات، ورفض مقترح جبهة العدالة والتنمية، الذي ساندته الكثير من القوى السياسية، بخصوص ضرورة إسناد مهمة الإشراف على الانتخابات في كل مراحلها إلى هيئة وطنية مستقلة ودائمة، وإبعاد وزارتي الداخلية والعدل عن هذه المهمة». ورفض وزير الداخلية الطيب بلعيز المقترح بشدة، وتعهد بـ«تنظيم انتخابات حرة ونزيهة».

ودعا جاب الله إلى «فتح حوار بين السلطة والمعارضة حول الشروط الدستورية والقانونية، التي تضمن احترام إرادة الشعب وتجعل الانتخابات حرة قانونية ونزيهة».

ويعتقد على نطاق واسع أن «مرشح النظام» هو من سيفوز بالانتخابات، كما جرت العادة منذ الاستقلال. ويقول مراقبون بأن «صناع الرؤساء» في البلاد، يسمحون بهوامش حرية للناخبين لاختيار المرشحين عندما يتعلق الأمر بانتخابات البرلمان والبلدية. أما رئيس البلاد فمقاييس ترشيحه واختياره يجري تحديدها في «المخبر السري»، كما يسميه قطاع من الصحافة.

وأعلنت «حركة مجتمع السلم»، الأسبوع الماضي وهي أكبر حزب إسلامي، مقاطعة الانتخابات بدعوى أن «اللعبة مغلقة». واتخذت «حركة النهضة الإسلامية» نفس الموقف. ويعد «الوعاء الانتخابي» الإسلامي هاما في كل استحقاق، بالنظر لحجمه الكبير.

وتعد مواقف قادة الأحزاب الإسلامية الثلاثة، سابقة في تاريخ انتخابات الرئاسة الجزائرية منذ نهاية نظام الحزب الواحد. وترشح زعيم حركة مجتمع السلم الشيخ محفوظ نحناح في استحقاق 1995 وخسر أمام مرشح الجيش آنذاك الجنرال اليمين زروال. ودعم نفس الحزب بوتفليقة في الاستحقاقات الثلاثة الماضية، وأعلن في 2012 طلاقه مع السلطة عائدا إلى صفوف المعارضة.