مباحثات سعودية ـ باكستانية مستفيضة حول الاستثمار في خمسة أنشطة اقتصادية

قطاع الأعمال في المملكة يتطلع إلى دفع العلاقات التجارية بتفعيل العودة إلى المجلس المشترك

جانب من اجتماع الوفد التجاري السعودي في إسلام آباد أمس («الشرق الأوسط»)
TT

بدأ قطاع الأعمال السعودي عبر وفد تجاري في العاصمة الباكستانية إسلام آباد مباحثات مستفيضة مشتركة مع نظرائهم الباكستانيين حول الفرص الاستثمارية في خمس قطاعات اقتصادية، تشمل الأغذية الزراعية والأرز واللحوم الحمراء والتمر والبتروكيماويات والتدريب والبلاستيك ومشاريع الطاقة، بما في ذلك الطاقة الشمسية.

يأتي ذلك وسط مطالب رجال أعمال سعوديين بضرورة أن تشمل المباحثات تفعيل العودة المحتملة لمجلس الأعمال المشتركة، وأن تتضمن برامج وخطط للقطاع الخاص في البلدين، الأمر الذي من شأنه أن يسجل قفزة في العلاقات التجارية والاستثمارية المشتركة بين السعودية وباكستان.

ولفت رجال أعمال سعوديون بضرورة تفعيل القدرات الباكستانية والاستفادة منها عبر الشراكات والاستثمار بين الجانبين، موضحين أن هناك عدة مجالات أخرى بجانب الاستثمار الزراعي، يكمن في استغلال التطور الصناعي والتقدم الحاصل لدى باكستان، لا سيما في صناعات المعدات، حيث تكتنز الكثير من الخبرات في هذا الصدد.

ويتزامن حراك قطاع الأعمال السعودي في أعقاب الزيارة الرسمية التي يجريها الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي لباكستان.

في غضون ذلك، نظم مجلس الغرف السعودية زيارة وفد من رجال الأعمال لباكستان، وذلك في إطار جهود المجلس لدفع علاقات التعاون الاقتصادي مع شركاء المملكة في مختلف دول العالم.

وعقد الوفد التجاري السعودي سلسلة لقاءات موسعة مع عدد من الفعاليات الاقتصادية في الجانب الباكستاني ورجال الأعمال والشركات الباكستانية والمؤسسات والهيئات الاقتصادية هناك لبحث سبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة بالبلدين.

وفي هذا السياق، أكد محمد الحمادي عضو مجلس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لـ«الشرق الأوسط» أن باكستان دولة مهمة بالنسبة للسعودية، وتتمتعان بعلاقات متينة على مر التاريخ، فضلا عن الأهمية الاقتصادية، متوقعا في خضم هذه العلاقة أن تنعكس زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد إيجابا على مباحثات الوفد التجاري بزيادة نمو حركة التبادل التجاري وحجم الاستثمارات المشتركة.

ولفت إلى أن زيارة ولي العهد سترفع مستوى العلاقة التجارية والاستثمارية بين البلدين، والوصول إلى مستوى من الشراكة الاستراتيجية التكاملية في المشاريع المنتظرة في شتى المجالات والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية في مختلف المجالات عامة والمجالات الخمسة التي ذكرت آنفا خاصة.

وتوقع الحمادي أن تفعل العودة المحتملة لمجلس الأعمال المشترك برامج وخطط القطاع الخاص في كلا البلدين، وبالتالي زيادة التبادل التجاري الذي يبلغ أربعة مليارات دولار فضلا عن زيادة حجم الاستثمارات وفتح منافذ وفرص جديدة في مختلف المجالات.

يشار إلى أن الوفد التجاري السعودي ضم 15 رجل أعمال يمثلون مختلف قطاعات الأعمال بالمملكة، للالتقاء بنظرائهم الباكستانيين لمناقشة الفرص الاستثمارية المتاحة والشراكات التجارية المحتملة بين الجانبين، حيث تجري مباحثات مستفيضة في مجلس الاستثمار الباكستاني بين الجانبين حول التعاون في هذه القطاعات.

وقدم الوفد السعودي عرضا عن مقومات الاقتصاد السعودي والفرص الاستثمارية بالسعودية في عدد من القطاعات بينما قدمت هيئة تنمية التجارة الباكستانية عرضا عن الاقتصاد في باكستان، وأبرز الفرص التي يمكن لرجال الأعمال السعوديين الدخول فيها.

ويعول مجلس الغرف على هذه الزيارة كثيرا في تنمية وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين السعودية وباكستان وفتح مجالات جديدة للتعاون بين البلدين في ظل توافر الكثير من الفرص الاستثمارية في كلا البلدين.

ووفق البيانات الإحصائية الصادرة عن السفارة الباكستانية بالرياض، تعد السعودية أحد أكبر عشرة مصدرين لباكستان، حيث بلغ حجم التبادل التجاري خلال الفترة من منتصف عام 2012 وحتى منتصف عام 2013 ما قوامه 18.7 مليار ريال (خمسة مليارات دولار) حيث يميل الميزان التجاري لصالح السعودية نتيجة صادرات النفط الخام.

وتفيد البيانات بأن صادرات باكستان تسجل تحسنا ملحوظا من حيث القيمة، إذ بحسب إحصاءات عام 2012 ارتفعت بنسبة سبعة في المائة حينما سجلت 455.8 مليون دولار، ارتفعت في عام 2013 إلى 12 في المائة لتصل إلى 509.3 مليون دولار.

وتكشف آخر إحصائية حديثة عن السفارة أن قيمة التبادل التجاري بين البلدين بلغت 14.6 مليار ريال (3.9 مليار دولار) خلال عام 2013، كما أن قيمة الصادرات السعودية شكلت قرابة 3.4 مليار دولار.

من جانبه، أكد عبد الله المليحي رئيس مجلس الأعمال السعودي السنغافوري بأن الآمال معلقة على عدد من الأمور التي يمكن أن تضيف للتبادل التجاري والتعامل الاستثماري بين الطرفين، مركزا حديثه على أن باكستان بجانب تركيزها على الصعيد الغذائي المختص بالاستثمار في مجال الزراعة التي تسجل فيها باكستان حضورا مميزا على أكثر من صعيد فيها، إلا أن الجانب الصناعي يحتاج إلى مزيد من التفعيل بين الجانبين.

ويوضح المليحي، وهو صاحب الخبرة في مجالس أعمال آسيوية، أن باكستان تشهد تطورا صناعيا وتقدما ملموسا في بعض المجالات، لا سيما ما يخص جانب صناعات المعدات والحديد لما تكتنزه من خبرات طويلة في بعض المجالات التصنيعية، وهو ما يتطلب من الجانب السعودي البحث عن تلك الفرص وتطويرها عبر الشراكة والاستثمار وكذلك دعمها بالتبادل التجاري.

وبيّن المليحي أن نشاط المقاولات يعد أحد أبرز المجالات التي ينتظر فيها مزيدا من التفعيل، مشددا على أهمية إيجاد آلية تعاون في نشاط المقاولات بكل مجالاتها لزيادة حجم التعاون بين الطرفين.

ويضيف رجل الأعمال المليحي أن فكرة الاستثمار في باكستان ماثلة أمام كثير من قطاع الأعمال السعودي، وسط القناعة بوجود سوق كبيرة في شتى القطاعات منها البنية التحتية، مشيرا على وجه التحديد إلى أن قطاع الاتصالات أحد تلك المجالات التي يمكن للسعوديين تشكيل مجموعات استثمار كبيرة وشراكات ضخمة للاستفادة من هذه الفرصة.

وعد المليحي قطاع البنية التحتية وحده بأنه فرصة سانحة للراغبين في الاستثمار لما يحتاج إليه من عمل كبير جدا في دولة كباكستان، لافتا إلى أن العلاقة المتينة بين الحكومتين يمكنها أن تعزز من تقارب قطاع الأعمال في الجانبين وتفتح الباب لمجالات استثمارية وتقديم تسهيلات لدخول المستثمر السعودي واستقطاب التقنية وتطوير صناعة شتى المجالات الزراعية.

تأتي هذه التطورات وسط ما كشف عنه الجانب الباكستاني عبر سفير باكستان محمد نعيم خان من أن اللجنة السعودية المشتركة بدأت في التشكل مجددا، وسيجري الإعلان عنها، دون أن يحدد وقتا معينا، إلا أنه أكد أن رجال الأعمال في الجانبين أبدوا رغبة في التواصل والاتصال مجددا لفتح منافذ التبادل التجاري وبحث فرص الاستثمار المشترك بين البلدين.

ويمثل الجانب التجاري والاستثماري والاقتصادي أولوية وأهمية قصوى للسعودية وباكستان، إذ وفقا للسفير الباكستاني، فالتطلع الحالي قائم لشراكة على كل الأصعدة.