القنصل الياباني: زيارة ولي العهد السعودي ستنتج شراكات صناعية عملاقة

قدر حجم الاستثمارات اليابانية في السعودية بأكثر من 12 مليار دولار

TT

أكد ماتاهيرو يام أجوتشي، القنصل العام الياباني في السعودية، أن زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي لليابان سوف تحقق تطلعات قادة البلدين، مشيرا إلى أنها ستدخل مرحلة جديدة من العمل وتوسيع التعاون في كل المجالات خاصة في ما يتعلق بإقامة صناعات عملاقة في السعودية تسهم في التنمية الاقتصادية وتخلف آلاف الفرص للمواطنين في البلدين.

وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن عددا من المستثمرين اتخذوا خطوات عملية جادة بعد زيارة رئيس الوزراء الياباني للسعودية العام الماضي، وسوف تنتج عن ذلك مشاريع عملاقة سيتم الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات اليابانية في السعودية يتجاوز 12 مليار دولار، وأن واردات اليابان من النفط تتجاوز 48 مليار دولار، بينما تصل الصادرات اليابانية من السيارات والأدوات الكهربائية إلى السعودية ما يقارب 8.4 مليار دولار.

وأكد الدبلوماسي الياباني أن جهود اليابان تتضافر والسعودية مع جهود المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب والقرصنة على حد سواء. وتطرق الحوار معه لجوانب مختلفة عن علاقات البلدين.. وإليكم بقية التفاصيل:

* يقوم ولي العهد السعودي يرافقه وفد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال بزيارة اليابان حاليا، والعام الماضي قام شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني، بزيارة إلى السعودية، على ضوء الزيارتين.. هل سنشهد عصرا جديدا من التعاون السعودي الياباني؟

- لقد مثلت زيارة رئيس الوزراء إلى السعودية بداية توسيع آفاق العلاقات بين البلدين من انحصارها في الطاقة إلى آفاق عصرية جديدة تسهم في تبادل الخبرات وبناء شراكات استراتيجية، فقد أكد في خطابه التاريخي في جامعة الملك عبد العزيز أنه يعتبر زيارته إلى السعودية إحدى العلامات الفارقة، وأنه يريد تأسيس علاقات جديدة تماما ورابطة ذات أبعاد مختلفة عما كان عليه الأمر في السابق وحتى الآن، بين اليابان والسعودية وبين اليابان والشرق الأوسط بأسره. ونأمل أن تترقى وتتطور العلاقات بين الجانبين بشكل بارز إلى توسع لم نكن نتخيله، وزيارة الأمير سلمان تأكيد على جدية العمل عبر توسيع التعاون بين اليابان والسعودية في جميع المجالات كالاستثمار، الطاقة، التجارة، التعليم، وبرامج المنح الدراسية.

* الطاقة والمياه هي من القضايا المهمة جدا بالنسبة للسعودية، ماذا يمكن أن تقدم اليابان في هذين المجالين؟

- كما تعلم فإن اليابان ليست لديها موارد طبيعية كبيرة للحصول على الطاقة، لذلك اخترعت تقنيات عالية جدا في مجال ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، والآن فإن السعودية تتطلع نحو تنويع موارد الطاقة والمياه، واليابان بالتأكيد لديها ما يكفي من الخبرة والوسائل لمساعدة المملكة في هذه المجالات.

* هناك العديد من المشاريع الضخمة في المنطقة الغربية والمدينة المنورة مثل مشاريع النقل العام في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة ومشروع قطار الحرمين، واليابان لديها تكنولوجيا متقدمة جدا في مثل هذه المجالات.. هل الشركات اليابانية مهتمة.. وماذا يمكن أن تقدم القنصلية للشركات السعودية التي تطلب شريكا أو مساعدة يابانية في مثل هذه المشاريع؟

- الشركات اليابانية تفضل عادة الحصول على مثل هذه المشاريع كمشروع متكامل وليس كجزء من مشروع، لأنها تستطيع أن تقدم ضمانات فقط لنظامها الذي تقوم بتركيبه وليس لأنظمة الآخرين. بالمناسبة، بعض الناس يعتقدون أن تكلفة المشاريع والمنتجات اليابانية عالية، وهذه الفكرة خاطئة تماما، لأنك ولفترة طويلة لن يتوجب عليك إنفاق المزيد من الأموال للإصلاح أو الصيانة، ولن تواجه بمشاكل فنية تكلفك الكثير من الوقت والمال.. وبعملية حسابية بسيطة جدا فإن ما يبدو رخيصا جدا في البداية هو في الواقع مكلف جدا في النهاية، أما المنتج الياباني الذي يبدو عالي التكلفة في البداية فهو في الواقع رخيص جدا في النهاية، وذلك لشهرة المنتجات اليابانية بالجودة والمواصفات العالية، وأعتقد أن مترو دبي الذي جرى تنفيذه بالكامل منذ 6 سنوات من قبل شركة يابانية هو خير دليل على ذلك. وبالطبع فإن أبوابنا مفتوحة لكل السعوديين الذين يرغبون في إجراء اتصالات مع الشركات اليابانية، فعن طريق هيئة التجارة الخارجية اليابانية نستطيع أن نوفر لهم المعلومات المطلوبة.

* تحتفل السعودية واليابان العام المقبل بمرور 60 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.. إلى أين وصلت مستويات التعاون، في مجالات التجارة، والاستثمار، والصادرات والواردات، والسياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب والقرصنة، بين البلدين؟

- حجم الاستثمارات اليابانية في السعودية يتجاوز 12 مليار دولار، وواردات اليابان من النفط تتجاوز 48 مليار دولار، بينما تصل الصادرات اليابانية من السيارات والأدوات الكهربائية إلى السعودية ما يقارب 8.4 مليار دولار. وتتضافر جهود اليابان والسعودية مع جهود المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب والقرصنة على حد سواء. في العام الماضي جرت تدريبات مشتركة بين القوات البحرية للبلدين في البحر الأحمر، والأسبوع الماضي قام الأمير سلمان بلقاء الفريق أول بحري كاتسوتوشي كاوانو رئيس أركان قوة الدفاع الذاتي بالبحرية اليابانية، وبناء على توجيهات الملك عبد الله فقد قلده ولي العهد وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الممتازة تقديرا لجهوده المتميزة في توطيد أواصر الصداقة والتعاون بين المملكة واليابان.

* هل هناك أي توسع متوقع للاستثمار الياباني في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة خاصة في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة؟

- الآن وعلى ضوء معاهدة حماية الاستثمارات التي وقعت بين البلدين العام الماضي خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الياباني إلى جدة، فإن الشركات اليابانية تقوم باستكشاف سبل وفرص التعاون في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. وتم مؤخرا توقيع عقد أساسي بين شركة التصنيع الوطنية «تصنيع» وشركة «كريستال العالمية» من جهة، مع شركة «توهو» اليابانية المنتجة لمسحوق التيتانيوم الإسفنج من الجهة الأخرى، لتأسيس شركة مشتركة تقوم ببناء منشأة لإنتاج مسحوق التيتانيوم الإسفنج.

سوف يستثمر المشروع المشترك ما مجموعه 420 مليون دولار لبناء منشأة في مدينة ينبع الصناعية تنتج ما يقارب 15.600 طن متري سنويا. ومن المتوقع أن يبدأ المصنع الجديد إنتاجه التجاري في الربع الثاني من عام 2017 مع الانتهاء منه في الربع الأول من عام 2018. وقال مسؤول بشركة «التصنيع الوطنية» إنهم ومن خلال شراكتهم مع «توهو» وبناء على ما تملكه الشركة من تكنولوجيا الإنتاج المتقدمة فإنهم مقدمون على بناء منشأة لإنتاج التيتانيوم الإسفنج عالي الجودة بتكلفة تنافسية جدا.

* أي نوع من الخدمات القنصلية يقدم للسائح السعودي والطلاب الذين يرغبون في زيارة أو الدراسة في اليابان؟

- القنصلية العامة بالتعاون مع الجمعية السعودية لخريجي وأصدقاء اليابان تقوم بتوفير معلومات حول الجامعات اليابانية والمعاهد العليا للراغبين في الدراسة في اليابان، بالإضافة إلى مدهم بالتوجيهات والإرشادات، كما تقوم الجمعية كذلك بتقديم بعض دورات اللغة اليابانية. بالمناسبة يوجد أكثر من 400 طالب سعودي يدرسون في اليابان ضمن برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي، بالإضافة إلى ما يقارب المائة طالب آخر يدرسون على نفقتهم الخاصة. أما بالنسبة للسياح فتقوم القنصلية العامة بتوفير المعلومات السياحية بالإضافة إلى إصدار التأشيرات.

* المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات هو مثال بارز جدا للتعاون السعودي الياباني في تدريب الشباب، ونعرف أنك قد قمت بدور في تأسيس هذا المعهد، بعد 11 عاما من تأسيسه.. ماذا تريد أن تقول؟

- أنا فخور وسعيد جدا لرؤية نتائج الجهود الشاقة التي بذلناها في إنشاء هذا المعهد، كما يشرفني أيضا أن أعلم أن بعض الخريجين قد أصبحوا موجهين في المعهد. نحو 2000 من الشباب السعودي تخرجوا في المعهد بعد أن تم تدريبهم من قبل الخبراء اليابانيين واكتسبوا أخلاقيات العمل اليابانية. هذا إنجاز كبير حقا، ويعتبر إضافة كبيرة لقطاع صناعة السيارات في المملكة ودفعة قوية لسياسة السعودة. كما لا ينبغي أن ننسى الدور المهم من ولي العهد الأمير عبد الله (في ذلك الوقت) في تأسيس المعهد من خلال توفير الأرض الخاصة بالمعهد.