القضاء البريطاني يسقط واحدة من خمس تهم عن المتهمة الرئيسية في قضية القرصنة الهاتفية

مديرة «نيوز إنترناشيونال» تدلي بشهادتها لأول مرة.. وأنباء عن تلقيها نصائح من توني بلير

ريبيكا بروكس مع زوجها شارلي بروكس لدى وصولهما إلى محكمة الجنايات المركزية في وسط لندن أمس (أ.ب)
TT

بالأمس بدأ الدفاع في قضية القرصنة التليفونية في بريطانيا يقدم مرافعاته حول عدد من التهم التي تواجهها ريبيكا بروكس المديرة التنفيذية السابقة لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال» وعدد آخر من الصحافيين والتنفيذيين من الذين عملوا معها في المؤسسة وصحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» الشعبية. أغلقت الصحيفة بعد 165 سنة من النشر المتواصل على خلفية الفضيحة التي اندلعت في السابع من يوليو (تموز) 2011 بعد سلسلة من التحقيقات نشرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية اليومية، وبينت فيها التجاوزات التي قامت بها «نيوز أوف ذا وورلد» واختراقاتها لتليفونات آلاف من المشاهير وأبناء العائلة الملكية وسياسيين وحتى أشخاص من ضحايا الجرائم والتفجيرات الإرهابية. وقبل أن يبدأ الدفاع مرافعاته أمس قرر القاضي إسقاط إحدى التهم الخمس التي تواجهها بروكس وهي دفع الأموال من أجل الحصول على صور تبين الأمير ويليام وهو في ملابس سباحة ترتديها النساء.

وحسب سجلات الشرطة فإن خمسة آلاف شخص تم التنصت على تليفوناتهم، وتضمنت القائمة سياسيين ومشاهير وضحايا جرائم أخرى، وأبناء العائلة الملكية. هاتف الفتاة ميلي دوولر التي عثر عليها ميتة بعد اختفائها، كان موضع تنصت من الصحيفة، التي كانت بروكس رئيسة تحريرها عندما وقعت أحداث قضية القرصنة المزعومة.

وتم القبض على بروكس، 45 عاما، وهي رئيسة تحرير سابقة في صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» بعد مرور أسبوع على إغلاقها. أصبحت بروكس، 45 عاما، فيما بعد المديرة التنفيذية لـ«نيوز إنترناشيونال»، وهي الذراع البريطانية لـ«نيوز كوربوريشن» الأميركية المدرجة على بورصة نيويورك ويملكها روبرت ميردوخ إمبراطور الإعلام الأسترالي الأصل.

وتواجه بروكس، من بين ثمانية متهمين، بما في ذلك زوجها شارلي بروكس، مجموعة من التهم من بينها التنصت على هواتف والتآمر لعرقلة سير العدالة والتآمر لارتكاب سوء سلوك في مناصب عامة أي تقديم الرشاوى مقابل الحصول على معلومات، إلا أن جميعهم أنكروا التهم الموجهة إليهم.

وكان القاضي قد صرح قبل مرافعات الدفاع بأن بروكس بريئة من إحدى التهم الخمس الموجهة إليها وهي تقديم الأموال مقابل الحصول على صور للأمير ويليام، ابن ولي العهد وهو في ملابس السباحة التي ترتديها النساء. وقال القاضي للهيئة قبل أن يبدأ الدفاع بمرافعاته أن يسقطوا من التهم الموجهة إليها تهمة المدفوعات غير القانونية (6700 دولار) لأشخاص مقابل الحصول على صور دوق كمبردج الأمير ويليام وهو يرتدي البكيني وكأنه فتاة في فيلم لجيمس بوند الجاسوسي، وكان ذلك عام 2006 خلال تواجده في الكلية العسكرية.

«لقد قررت أنه لا يوجد أدلة كافية في هذه التهمة، والتي تخص صورا حصلت عليها صحيفة (الصن) الشعبية، وهذا لا يخص بروكس»، قال القاضي جون سوندرس في محكمة الجنايات المركزية في وسط لندن. لكنها ما زالت تواجه أربع تهم أخرى، وهي التآمر لاختراق تليفونات أشخاص آخرين وتقديم الأموال لأشخاص في مواقع رسمية من أجل الحصول على معلومات وعرقلة سير العدالة والتحقيقات القانونية التي يقوم بها جهاز الشرطة.

وفي بداية المرافعات طالب جوناثان ليدلو محامي بروكس من هيئة المحلفين أن عليهم أن يسلطوا الضوء على التهم الموجهة إليها وليس على نفوذها السياسي. وقال محامي الدفاع بأن بروكس لا تمثل هنا في المحكمة لنفوذها السياسي ولا لأنها كانت تعمل في مؤسسات روبرت ميردوخ «ولا لأنها بدأت حياتها الوظيفية من الصفر لتحقق أعلى المراكز في مؤسسة ميردوخ.. إنها لا تحاكم لآرائها السياسية ولا للاستراتيجية الإعلامية لمؤسسة ميردوخ التي عملت فيها حتى 2011».

ووقفت بروكس في قفص الاتهام لأول مرة منذ بداية المحكمة التي بدأت بعقد جلساتها في الخريف الماضي.

وقبل يوم من مرافعات الدفاع تبين أن توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق اتصل ببروكس في 11 يوليو أي بعد يوم من إغلاق الصحيفة وتكلم معها لمدة ساعة وقدم لها النصيحة بخصوص المشكلة التي تواجهها المؤسسة الإعلامية والاتهامات بالتنصت.

واستمعت المحكمة في لندن يوم أول من أمس الأربعاء إلى الرسائل الإلكترونية التي بعثت بها بروكس إلى جيمس ميردوخ، ابن روبرت ميردوخ الذي كان يعمل آنذاك رئيسا لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال». وقالت بروكس في رسائلها الإلكترونية التي قرئت أمام المحكمة بأن بلير طلب منها أن تقوم بتحقيق شبيه بتحقيق «هاتون» الذي قررته الحكومة البريطانية وترأسه اللورد هاتون وتناول فيه حيثيات انتحار الدكتور ديفيد كيلي خبير الأسلحة البيولوجية بعد أن أعطى تصريحات لهيئة البث البريطاني وقيل بأنه اتهم بها حكومة بلير بتزييف بعض الحقائق التي تخص ما يملكه العراق من أسلحة بيولوجية. وقال لها بلير بأن عليها من أجل احتواء المشكلة أن تنظم تحقيقا في الموضوع وأن تقبل بالانتقادات التي قد توجه لها.

وبعد اندلاع فضيحة القرصنة التي أثارت اشمئزاز الشارع والقوى السياسية قررت الحكومة إجراء تحقيق يتناول أخلاقيات الصحافة والعلاقات «غير الصحية» التي تربط الصحافة بالمؤسسة السياسية والأحزاب الرئيسية المتنفذة. وبعد أكثر من سنة من التحقيق الذي ترأسه اللورد ليفيسون ومثل أمامه المشاهير والسياسيون وكانت وقائعه اليومية مثل مسلسل تلفزيوني قدم ليفيسون توصياته بخصوص التجاوزات التي تقوم بها الصحف من أجل الحصول على قصصها المثيرة. إلا أن هناك شبه إجماع بخصوص عدم سن تشريع يحد من عمل الصحافة وحريتها.

وقد اتفقت الأحزاب على ميثاق ملكي يضبط عمل الصحافة وهذا ما رفضته معظم المؤسسات الإعلامية ولم يتم الاتفاق عليه بعد. وتعد الصحف الميثاق ضربة قاضية للصحافة في بريطانيا تضع حدا لحريتها التي دامت خلال الـ300 سنة الماضية. وتحاول حاليا تقديم التماس للقضاء لإيقاف أي مشروع قرار يفرض عليها الالتزام بما يفرض عليها من خلال الميثاق الملكي.

قضية التنصت كلفت مجموعة ميردوخ الإعلامية ملايين الجنيهات من التعويضات للضحايا وتم تسوية الكثير من القضايا مع المشاهير قبل أن تصل إلى المحاكم. ومنذ تلك الفضيحة قسم ميردوخ إمبراطوريته الإعلامية إلى قسمين واحد للصحف وآخر للإعلام السمعي البصري. ويملك ميردوخ في بريطانيا صحفا مثل «الصن» الشعبية الواسعة الانتشار وصحيفة «التايمز» الرصينة وعددها الأسبوعي «صنداي تايمز». ويواجه عدد من العاملين في صحيفة «الصن» تم اعتقالهم على ذمة التحقيق تهما بالتنصت وقد تبدأ محاكمتهم قريبا.