لبنان: أحد الانتحاريين في تفجير بئر حسن فلسطيني من الجنوب

سليمان دعا لاستكمال بحث استراتيجية الدفاع

TT

أكدت السلطات اللبنانية، أمس، هوية أحد الانتحاريين اللذين نفذا التفجير المزدوج أمام المستشارية الثقافية الإيرانية بمنطقة بئر حسن في الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد مطابقة نتائج فحوص الحمض النووي. وتبين أن الفلسطيني نضال المغير، المقيم ببلدة اليسارية، ذات الغالبية الشيعية في جنوب لبنان، هو أحد الانتحاريين.

وأعلن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، أمس، أن نتائج فحوص الحمض النووي التي أجريت لوالد نضال أظهرت أنها متطابقة مع أحد الانتحاريين، في وقت تواصل الأجهزة الأمنية تحقيقاتها للتوصل إلى كشف هوية الانتحاري الثاني، علما بأن عدد قتلى التفجير المزدوج ارتفع إلى عشرة، إضافة إلى الانتحاريين. وتبين أن الشاب عبد الله عز الدين، من بلدة عرسال، قضى في التفجير أثناء توجهه إلى جامعته، ولا علاقة له بتنفيذ التفجير، وفق ما جرى تداوله في بيروت أول من أمس.

وطلب صقر من الأجهزة الأمنية رفع السيارات المتضررة والمحترقة في مكان الانفجارين وفتح الطريق، والإبقاء على الحفرتين اللتين تسبب فيهما التفجيران، بعدما أنهت الأدلة الجنائية عملها في المكان. وكان صقر سلم أمس أربع جثث إلى ذويها من أصل عشر من دون الانتحاريين.

وأكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، الأنباء عن أنه كانت لدى الأجهزة الأمنية معطيات عن مخطط لتفجيرات انتحارية تستهدف المستشارية الإيرانية ومبنى «تلفزيون المنار» التابع لحزب الله، بعد استهداف السفارة الإيرانية في شهر نوفمبر (كانون الثاني) الماضي. وتأكدت هذه المعطيات بناء على اعترافات موقوفين اثنين لدى الأجهزة الأمنية، أحدهما نعيم عباس القيادي في «كتائب عبد الله عزام» التي تبنت كلا من تفجيري السفارة والمستشارية الإيرانية. لكن المصادر ذاتها قالت إنه رغم تكثيف الإجراءات الأمنية أمام مبنى المستشارية ونقاط أخرى، يبقى كشف الشبكات والسيارات المفخخة أمرا بالغ التعقيد، خصوصا أن المنفذين يعملون وفق أسلوب «الخلايا العنقودية»، بحيث لا تعرف كل خلية الأخرى، ولا يعرف أعضاء كل منها بعضهم بعضا.

وكانت قيادة الجيش اللبناني أوقفت أول من أمس، بعد ساعات على تفجير بئر حسن، لاعب كرة القدم اللبناني زهير مراد في محلة برج حمود «للاشتباه في مشاركته في أعمال إرهابية»، من دون أن توضح ماهيتها.

وغداة تعميم قيادة الجيش صورة الانتحاري المغير، أقدم مجهولون ليل الأربعاء/ الخميس على إحراق منزل وسيارتين يملكهما والده هشام المغير في بلدة البيسارية بعد تعميم الجيش صورة له. وأفادت معلومات أمنية في بيروت بأن نضال مفقود منذ فترة، مرجحة وجوده بسوريا، في حين ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، أن شقيقه تعرف على صورته بعد تعميمها من قيادة الجيش وهو من مناصري الشيخ المطلوب للعدالة أحمد الأسير.

وفي إطار استكمال التحقيقات مع موقوفين متورطين في التفجيرات، أكمل قاضي التحقيق العسكري عماد الزين استجواب الموقوف محمد العجوز في ملف الموقوف جمال دفتردار «بجرم الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح» (كتائب عبد الله عزام - سرايا زياد الجراح والقاعدة). ولم يحضر إلى جلسة التحقيق ثلاثة مدعى عليهم آخرون، فقرر جلبهم بالإحضار إلى يوم الأربعاء المقبل. وأصدر الزين تسع مذكرات توقيف غيابية في حق تسعة فارين من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية سندا إلى مواد الادعاء التي تصل عقوبتها إلى الإعدام بعدما عاد التبليغ بعدم العثور عليهم.

وتواصلت أمس الدعوات لدعم الأجهزة الأمنية في المهمات التي تقوم بها في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان. وأثنى الرئيس اللبناني على «عمل الأجهزة العسكرية والأمنية والقضاء في التعاطي مع ملفات الإرهاب وأعمال التفجير الإجرامي التي تضرب المناطق اللبنانية وتوقع الضحايا الأبرياء والخراب والدمار».

وأشار سليمان، الذي اطلع من المدعي العام للتمييز بالوكالة، القاضي سمير حمود، على «المعطيات والمعلومات المتوافرة عن الإرهابيين ومخططاتهم الإجرامية»، إلى أن «مواجهة الإرهاب بالخطوات الميدانية التي يقوم بها المعنيون الأمنيون والقضائيون تتكامل باستئناف البحث في تصور الاستراتيجية الدفاعية المقدم منه إلى هيئة الحوار الوطني، الذي يتضمن فقرة خاصة عن الإرهاب وسبل مجابهته». وقال إن «الحاجة الوطنية باتت ماسة تاليا إلى مناقشة هذا الموضوع للحد من خطر هذا الإجرام ومنع تفاقم الإرهاب وردعه نهائيا عن وطننا».

وفي الإطار ذاته، أكد قائد الجيش اللبناني، العماد جان قهوجي، أن «احتياجات الجيش الملحة تنبع من جسامة التحديات التي يواجهها لبنان، خصوصا الإرهاب الذي بات يشكل خطرا على العالم أجمع»، لافتا إلى أن «استقرار لبنان يخدم استقرار المنطقة، وقوة الجيش تخدم هذا الاستقرار».

وأشار قهوجي، خلال اجتماع خاص لدعم الخطة الخمسية المتعلقة بتطوير قدرات الجيش اللبناني، أمس، إلى أن «الأيام الأخيرة أثبتت أهمية رفع مستوى أداء الجيش عسكريا واستخباراتيا لكشف الشبكات الإرهابية وتوقيف أخطر المطلوبين، وإفشال ما يعد من عمليات انتحارية».