بيرنز يؤكد التزام بلاده بأمن الخليج وتوفير أنظمة دفاع متقدمة لمواجهة تهديدات إيران

نائب وزير الخارجية الأميركي: التفاوض هو الطريق لحل الأزمة السورية.. وعلى مصر احترام التعددية السياسية

TT

أكد نائب وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز على العلاقة القوية التي تربط بلاده بدول الخليج، رغم التحديات الكثيرة التي فرضتها ديناميكيات الصحوة العربية من تغيير وعدم يقين، والخلافات حول حقيقة ما يعنيه هذا التغيير وكيف يمكن التعامل معه، مشددا أن التزام الولايات المتحدة بأمن الخليج يخدم المصالح المشتركة للجانبين. وقدم بيرنز أجندة حول التحديات والقضايا التي تهم الجانبين والتي تشمل قضايا التعاون الأمني والعسكري لمساعدة دول الخليج على مواجهة التهديدات خاصة تهديدات الصواريخ الباليستية، ومحاولات إيران زعزعة الاستقرار في المنطقة، وقضايا التحولات في مصر وتونس واليمن وطريقة تعامل بلاده في الأزمة السورية والتقارب مع إيران، وهي القضايا التي اعترف بيرنز بوجود شكوك لدى دول الخليج نحو سياسات الولايات المتحدة في التعامل مع الملف الإيراني النووي والحرب الأهلية في سوريا.

وقال بيرنز في كلمة بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الليلة قبل الماضية: «تحذيرنا من عدم استقرار الإقليم، وسعينا لتحقيق استقلال في إنتاج الطاقة، جعل شركاءنا يتشككون في أننا شركاء يمكن الاعتماد علينا، ويعتقدون أن دبلوماسيتنا مع إيران ساذجة، والأزمة في سوريا حيث يتخوف بعض الشركاء في الخليج من الوضع بعد سقوط الأسد والخطوات المطلوبة لتحقيق ذلك».

وأشار إلى أن زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية الشهر المقبل تؤكد أن التزام الولايات المتحدة بالشراكة مع دول الخليج كحجز زاوية لالتزاماتها في الشرق الأوسط. وقال: «الولايات المتحدة ودول الخليج لديهم مصلحة في تحقيق الاستقرار والازدهار في منطقة آسيا والمحيط الهادي». وأضاف: «علينا إيجاد أرضية مشتركة وبناء جدول أعمل لتشكيل مستقبلينا ولدينا مصلحة في إنهاء الصراعات وإثبات إمكانية تحقيق الإصلاح والاستقرار، ومتفائل أننا نستطيع أن نجد عزما ومثابرة للعمل معا في حل الكثير من المشاكل».

وأوضح بيرنز أن أجندة للتعاون الأميركي مع دول الخليج ترتكز على التعاون الأمني مشيرا إلى وجود عسكري أميركي يصل إلى 25 ألف جندي أميركي في أكثر من اثنتي عشرة قاعدة بمنطقة الخليج وقال: «نشرنا أكثر الأنظمة العسكرية المتقدمة لدينا في المنطقة والطائرات والذخائر الأكثر تقدما والاستخبارات وأجهزة المراقبة وأنظمة الدفاع الصاروخية الأكثر تقدما».

وأكد بيرنز اهتمام بلاده بتعميق العلاقات الأمنية الثنائية وبناء بنية أمنية إقليمية أكثر قدرة للتصدي للتهديدات الأمنية وبناء دفاعات إقليمية أكثر قدرة ضد تهديد الصواريخ الباليستية وتعزيز تبادل المعلومات بين الدول الخليجية. وقال: «بفضل تلك القدرات العسكرية وعقود من التدريب والمناورات المشتركة والعمليات والتخطيط أصبحت دول الخليج من الشركاء العسكريين الأكثر قدرة، وقد دعت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون وزراء دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض لإطلاق منتدى التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي، وأهم أولويات المنتدى هو بناء دفاعات إقليمية فعالة ضد تهديد الصواريخ الباليستية وتعزيز تبادل المعلومات بين الدول الخليجية وتوفير أفضل أنظمة الإنذار المبكر بما يجعل دول مجلس التعاون الخليجي أكثر قدرة على مواجهة التحديات في المنطقة» مشيرا إلى مساهمة الإمارات العربية المتحدة وقطر في إقامة منطقة حظر جوي في ليبيا ومشاركة دول مجلس التعاون الخليجي في مكافحة القرصنة في المنطقة العربية.

وقال بيرنز: «نحن نراقب سماء مناطق الصراع في الشرق الأوسط من خلال مركز العمليات الجوية المشتركة في قطر، ونعمل على تبادل المعلومات حول الأمن في مضيق هرمز من خلال مركز العمليات البحرية في دول مجلس التعاون الخليجي ونعمل على استراتيجية موحدة لمواجهة التطرف وتأمين الحدود ومكافحة تمويل الإرهاب وحماية البنية التحتية للطاقة من الهجمات التقليدية والقرصنة الإلكترونية».

واعترف بيرنز بأن الملف النووي الإيراني هو الأكثر وضوحا في مجال أمن الخليج وقال: «ليس لدينا أي أوهام حول نوايا إيران أو سلوكها ولدينا قلق من إيران ابعد من القضية النووية وهو السلوك الإيراني الخطير الذي يهدد مصالحنا ومصالح أصدقائنا في المنطقة ويهدد حقوق الإنسان للإيرانيين».

وشدد بيرنز على التزام الرئيس الأميركي بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي والسعي لحل قضية البرنامج النووي الإيراني عن طريق التفاوض وقال: «ندخل في مفاوضات دبلوماسية مع إيران وعيوننا مفتوحة، وندرك أن فرصة التوصل إلى اتفاق مع إيران هي بنسبة 50 في المائة لكننا للمرة الأولي منذ سنوات أمامنا فرصة حقيقية لاختبار نوايا إيران وسنسعى للتفاوض على اتفاق نووي شامل دون أن يغيب عن بالنا المخاوف الخليجية ولن نتوانى في مواجهة سلوك إيران الساعي لزعزعة الاستقرار في لبنان وسوريا والعراق وشبة الجزيرة العربية ولن نتوانى في تطبيق العقوبات وتكثيف المشاورات والتعاون مع شركائنا في الخليج».

وحول الأزمة السورية، أشار بيرنز إلى التحديات التي تواجه الشعب السوري والمنطقة وتزايد نفوذ المتطرفين، وقال: «لدينا جميعا مصلحة في دعم معارضة معتدلة قادرة على بناء سوريا جديدة ومواجهة تنظيم القاعدة، ودور مجلس التعاون الخليجي هام في تقديم المساعدة للمعارضة لكن الطريق الوحيد لإنهاء معاناة الشعب السوري هو التفاوض، ونحن نعمل بشكل وثيق مع أصدقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق هذا الهدف ومساعدة دول الجوار مثل الأردن ولبنان لتحمل ضغوط أزمة اللاجئين السوريين التي تشكل ضغطا هائلا على الحكومات المضيفة».

وحول الثورات والتحولات في دول الشرق الأوسط مثل تونس ومصر وليبيا واليمن، أكد بيرنز على ضرورة التعاون بين بلاده ودول الخليج لوضع استراتيجيات تسعى لتعزيز المعتدلين وتحديث اقتصاديات تلك البلاد وتشجيع التعددية والتسامح وتخفيف الشعور بالظلم الذي عده الشريان الذي يتغذى عليه المتطرفون ويكتسبون به شعبية.

وأشار بيرنز إلى الخلافات في رؤية الولايات المتحدة ودول الخليج حول الوضع في مصر وقال: «رغم خلافاتنا يمكننا العمل لدعم الإصلاحات في مصر لأن تحقيق الاستقرار في مصر لا يزال حاسما لتحقيق الاستقرار في المنطقة بأسرها لكن لا يمكن أن تنجح العملية الانتقالية في مصر دون احترام التعددية السياسية وتعزيز الشعور بالثقة في مستقبل اقتصادي أفضل وأكثر شمولا» وأشار وكيل وزير الخارجية الأميركي إلى المساعدات السخية التي قدمتها دول الخليج لمصر لكنه أشار إلى أن مليارات الدولارات من المساعدات لن يكون لها سوى تأثير ضئيل على تحقيق الاستقرار دون استراتيجية دقيقة أكثر شمولا.