تأجيل التصويت على القرار الدولي بشأن مساعدات سوريا لليوم

الوفد الروسي طلب الإرجاء للتشاور مع موسكو.. وواشنطن تبحث استخدام أصولها في تركيا والأردن لتوصيل المساعدات

صبي سوري يرفع علامة النصر وسط الغبار بعد استهداف أحد الاحياء بغارة جوية من قبل قوات النظام السوري في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

يعقد مجلس الأمن الدولي صباح اليوم السبت، جلسة خاصة للتصويت على مشروع قرار لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا وسط غموض حول موقف كل من روسيا والصين - اللتين تتمتعان بحق الـ«فيتو» - من مشروع القرار.

وبعد مفاوضات استمرت أسبوعين داخل أروقة مجلس الأمن نجح سفراء كل من الأردن وأستراليا ولوكسمبورج في وضع اللمسات النهائية لمشروع القرار بعد اعتراضات سابقة من روسيا، الدولة الداعمة للنظام السوري.

وقال السفير الأسترالي لدى الأمم المتحدة غاري كوبنلان في تصريحات للصحافيين مساء أول من أمس إن مشروع القرار ينص على مطالبة جميع الأطراف في سوريا بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للوكالات الإنسانية للأمم المتحدة وشركائها المنفذين دون عوائق وبسرعة إلى المناطق المأهولة بالسكان بما في ذلك المدن المحاصرة مثل حمص وحلب، وعبر خطوط النزاع وعبر الحدود، ووضع حد للقصف الجوي وإلقاء البراميل المتفجرة على الأحياء السورية ويطالب بإنشاء منطقة آمنة (برا) إلى المدن السورية المحاصرة، ويهدد مشروع القرار باتخاذ خطوات أخرى في حال عدم امتثال النظام السوري بتنفيذ مشروع القرار.

وأشار السفير الأسترالي إلى أن النقاط الخاصة بالتزام النظام السوري بالسماح بوصول المساعدات والتهديد بعقوبات في حال الإخفاق كانت من أبرز الخلافات التي سادت المفاوضات لأكثر من أسبوعين واستدعت إسقاط أي إشارة لإمكانية تبني عقوبات بموجب المادة (41)، مشيرا إلى أن المجلس كان من المفترض أن يجري تصويتا على مشروع القرار يوم الجمعة لكن تم تأجيل التصويت لصباح السبت.

وأوضح دبلوماسيون أن تأجيل التصويت على مشروع القرار جاء استجابة لطلب روسيا، التي أشارت إلى أنها بحاجة لمزيد من الوقت لدراسة مشروع القرار والتشاور حوله مع الحكومة في موسكو، بعد تلقيها مشروع القرار في وقت متأخر مساء الأربعاء. ويشير الدبلوماسيون إلى أن روسيا تحاول المماطلة ووضع العراقيل حتى تتجنب التصويت بالـ«فيتو» ضد إيصال مساعدات إنسانية للسوريين المنكوبين مما يضعها في موقف حرج أمام المجتمع الدولي.

ودون أن يذكر اسم البلد قال السفير الفرنسي جيرار أرو «أحد الوفود طلب بعض الوقت للحصول على تعليق دولته على القرار والحصول منها على تعليمات».

وقدمت كل من أستراليا ولوكسمبورغ والأردن مشروع القرار بدعم من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وقد أسقطت المسودة الأخيرة أي إشارة إلى «حزب الله» و«فيلق القدس» باعتبارهما من المنظمات الأجنبية المقاتلة في سوريا وتم التعديل لينص على دعوة المقاتلين الأجانب بمغادرة سوريا دون تحديد تنظيماتهم. وتضمنت المسودة الأخيرة تعديلا طلبته روسيا لإدانة الإرهاب والهجمات التي تشنها مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة.

ودعت رئيسة الشؤون الإنسانية فاليري آموس الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى استخدام نفوذها للتأكد من التزام كل الأطراف في سوريا بتسهيل توصيل المساعدات وتطبيق القوانين الإنسانية الدولية وأعربت عن إحباطها من التقدم المحدود والبطيء للمفاوضات بين الدول الغربية وروسيا لصياغة القرار.

كانت روسيا قد اتخذت موقفا متشددا من قيام مجلس الأمن بإصدار قرار حول توصيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وقالت موسكو إنها ستصوت بالـ«فيتو» على أي قرار يسمح لقوافل المساعدات بالوصول إلى سوريا دون موافقة النظام السوري. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في تصريحات خلال زيارته لبغداد الخميس «إن القرار الخاص بتوصيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود يجب أن يلتزم بالقانون الإنساني الدولي الذي يتطلب موافقة الحكومة السورية لمثل هذه الخطوة» وحذر لافروف من تهريب الأسلحة والمعدات للمقاتلين عبر الحدود تحت ستار توصيل المساعدات الإنسانية، متهما محاولات إصدار قرار بمجلس الأمن أنه ذريعة لدفع فكرة إنشاء ممرات إنسانية ومناطق حظر طيران. ويخشى «الكرملين» أن يكون خطوة إصدار قرار لضمان نفاذ المساعدات خطوة أولي تحو التدخل العسكري المباشر في سوريا.

أما الصين، فأعلنت الخارجية الصينية أن بكين تعتقد أن أي إجراء يقوم به مجلس الأمن يجب أن يقود إلى الضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية «إن أية إجراءات يجب أن تحترم المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن تقديم المساعدات الإنسانية ويجب إعلاء النزاهة والحيادية».

وقد عرقلت كل من روسيا والصين ثلاثة قرارات سابقة من مجلس الأمن تستهدف الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد بالتصويت بالـ«فيتو».

وقد استمرت المناقشات في الأمم المتحدة ومجلس الأمن حول أهمية وصول المساعدات الإنسانية لأكثر من عام، وبعد شهور من المحادثات وبضغوط من الدول الغربية في مجلس الأمن، أصدر المجلس في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قرارا «غير ملزم»، يحث على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين. وهو القرار الذي لم يجد صدى على أرض الواقع.

من جانبها، بدأت الإدارة الأميركية بحث خطة لاستخدام أصولها العسكرية البرية في تركيا والأردن كمناطق انطلاق لتسهيل تدفق المواد الغذائية والطبية للسوريين.

وشدد مسؤول بالإدارة الأميركية على التزام الولايات المتحدة بمساعدة الشعب السوري وتقديم المساعدات الإنسانية وقال: «سوف نبقي على الجانب الآخر» من الحدود نافيا إمكانية استخدام طائرات في توصيل المساعدات الإنسانية للسوريين، حيث لا يذكر مشروع القرار بمجلس الأمن أي صياغة تتعلق باستخدام الطائرات في حماية الطرق لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدن السورية المحاصرة.

وتشير مصادر إلى أن الإدارة الأميركية تريد الاعتماد على شركائها في تركيا والأردن للمساعدة في توفير المساعدات لكنها غير مستعدة للمخاطرة بوضع قوات أميركية على الأرض. وقد أشار الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة في تصريحات علنية أن فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا ستكون عملية محفوفة بالمخاطر ومعقدة ومكلفة للغاية، نظرا للدفاعات الجوية الحديثة لدى سوريا، وهو السبب في تركيز الإدارة الأميركية على المساعدة في توصيل المساعدات الإنسانية إلى سوريا من مناطق آمنة وأقل إثارة للجدل بالتنسيق مع حلفائها في ظل قرار يرعاه مجلس الأمن الدولي.

وتقول الأمم المتحدة في تقاريرها إن هناك ما يقرب من 9.3 مليون شخص داخل سوريا بحاجة إلى المساعدة. وتقوم شبكة من المنظمات الإنسانية بالفعل بتقديم المساعدات الإنسانية ومنها هيئات الأمم المتحدة المختلفة والصليب الأحمر والهلال الأحمر وبعض المتطوعين.