حركة مجتمع السلم الجزائرية قلقة من تعيين الرؤساء بالتوافقات والصفقات غير الشفافة

قالت إن الانتخابات لا تشكل رهانا للإصلاح والتغيير بل تهددهما

TT

أعرب أكبر حزب إسلامي في الجزائر عن «ألم وقلق بالغين، حيال ما آلت إليه الأوضاع في بلادنا خاصة ما تعلق بالتراشق الإعلامي بين أطراف في السلطة، وما يسببه من إرباك للساحة السياسية»، في إشارة إلى معارك قوية جارية عبر الإعلام، بين أشخاص نافذين في هرم النظام تدور حول رغبة مفترضة لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الترشح لولاية رابعة.

وذكرت «حركة مجتمع السلم»، في بيان، أصدره رئيسها عبد الرزاق مقري عقب اجتماع مكتبها التنفيذي مساء أول من أمس بالعاصمة، أن الصراع الجاري في السلطة «يضعف المؤسسات مما قد يؤثر على استقرار بلادنا وضياع المكتسبات، ويعطي للأجنبي فرصة التدخل، ويهدد الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي لمكونات الشعب الجزائري».

وعد الحزب الذي طلق السلطة في 2012، معلنا الخروج إلى المعارضة الراديكالية، رسالة للرئيس بوتفليقة جرى نشرها الثلاثاء الماضي بخصوص نفس الصراع «متأخرة وغير كافية. كما أن الرئيس لم يعط أي جديد سوى دعوة من هم تحت وصايته للتوقف عن الصراع، والتقاذف الإعلامي عوض اتخاذ إجراءات هي من صلاحياته».

وشجب بوتفليقة في رسالته «قوات خبيثة تستهدف زرع البلبلة وشل نشاط الدفاع والأمن في البلاد»، ونفى ضمنيا وجود صراع بين «أعمدة الدولة» وهي رئاسة الجمهورية وقيادة أركان الجيش وجهاز المخابرات العسكرية.

وأثارت رسالة بوتفليقة مخاوف قطاع واسع من المتتبعين، بسبب «ألفاظ الحرب» التي تضمنتها. واللافت فيها أنها تشير إلى مؤامرة ضد البلاد تحاك في الخارج، وهي عادة النظام عندما يواجه أزمة بين مختلف أجنحته والمجموعات التي تسيطر عليه.

وقالت حركة مجتمع السلم إن الشعب الجزائري «ينتظر التغيير المنشود الذي يؤسس لنظام جديد تسوده الحريات والديمقراطية والانتخابات الشفافة والحرة، التي يختار من خلالها الشعب حكامه ويؤسس فيه لاقتصاد وطني قوي، لا من خلال تعيين الرؤساء بالتوافقات أو بالصفقات في غياب الشفافية». وأضافت «تعد الحركة ما يحدث من تدافع على من يتحكم في لعبة انتخابات الرئاسة المقبلة (17 أبريل/ نيسان المقبل)، تشويها للفعل الديمقراطي، وتعطيلا للدستور الذي يعطي السيادة للشعب في اختيار النظام والحاكم، وإضعافا للعملية السياسية برمتها من خلال تدخل أطراف غير سياسية بالتحالف مع المال الفاسد، لصناعة واقع سياسي يخدم أجندات مجهولة».

ويشاع على نطاق واسع أن قائد المخابرات الجنرال محمد الأمين مدين، المعروف حركيا بـ«توفيق»، يعارض استمرار بوتفليقة في الحكم. أما الموالون للرئيس وهم الوزراء ورجال أعمال استفادوا من مشاريع ضخمة أثناء فترة حكمه، فيمارسون ضغطا كبيرا ليبقى في الرئاسة. وخرج هذا التصادم إلى العلن مطلع الشهر الحالي، عندما صرح عمار سعداني أمين عام حزب الرئيس «جبهة التحرير الوطني»، بأن «توفيق» يقف حائلا دون ترشح بوتفليقة للرئاسة، واتهمه بالفشل في أداء مهامه الأمنية، ودعاه إلى التنحي من المنصب الذي يوجد فيه منذ 1992.

وأوضح الحزب الإسلامي، الذي أعلن الأسبوع الماضي مقاطعة الانتخابات، أن الحرب التي تجري بين عصب النظام «تعزز مقاربة الحركة للوضع العام الوطني والدولي، وتؤكد صحة خيار مقاطعة انتخابات أبريل 2014. فقد أصبح من المؤكد لدى العام والخاص، أن هذه الانتخابات لا تشكل رهانا للإصلاح والتغيير، بل أصبحت تمثل تهديدا، وجب على الجميع المساهمة في تجنيب البلاد ويلاته. وندعو بالمناسبة كافة المناضلين والقيادات المحلية إلى تفعيل قرار المقاطعة، بتنظيم حملة لشرح موقف الحركة وتوعية الشعب».

يشار إلى أن وزارة الداخلية أعلنت أنها لن تسمح لدعاة مقاطعة الانتخاب، بإطلاق حملة لثني الناخبين عن التوجه إلى صناديق الاقتراع.

وطالبت «مجتمع السلم» بـ«فتح حوار وطني للطبقة السياسية التمثيلية والشخصيات الوطنية، لتحصين الوحدة الوطنية ودعم الاستقرار حفاظا على وطننا في ظل استحقاقات مستقبلية مهمة، تتداخل فيها المكونات المحلية والتأثيرات الخارجية».