طرابلس تخشى «الانفجار الكبير» مع انتهاء مهلة جبل محسن لتسليم قاتلي مسؤول حزبي

رفعت عيد: لا نمانع تحويل قضية تفجير المسجدين إلى المجلس العدلي

TT

تعيش مدينة طرابلس في شمال لبنان حالة من الترقب اليوم، تزامنا مع انتهاء مهلة الـ48 ساعة التي أعطاها «الحزب العربي الديمقراطي» (العلوي) في جبل محسن، للقبض على المتهمين بقتل القيادي في الحزب عبد الرحمن دياب (والد يوسف دياب الموقوف في قضية تفجيري السلام والتقوى)، محذرا من انفجار كبير، بسبب غضب أهالي الجبل، نتيجة الاعتداءات المسلحة المتوالية التي يتعرضون لها.

وقال رفعت عيد، المسؤول السياسي في الحزب العربي الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس: «إن الاجتماعات كانت متواصلة لتحديد الإجراءات التي ستتخذ، والخطوات المنوي عملها». وأكد عيد «أننا لن نتردد في الذهاب وراء أي قرار يتم الاتفاق عليه من قبل المجتمعين. وهذه المرة أنا الذي سأسير وراء شعبي، وليسوا هم من سيلحقون بي».

لكن مصطفى علوش، القيادي في تيار المستقبل، عد «المهلة مضحكة» قائلا: «هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها رفعت عيد طرابلس». وسأل: «ما الذي يستطيع أن يفعله؟ أن يقصف المدنيين في المدينة، أو يروع الآمنين أو يغتال أحدهم؟ هذه «الدونكيشوتيه» لا تفيد أحدا، وكل واحد يعرف حدوده».

وكانت الأجواء توترت بشكل كبير أول من أمس، في ضاحية المدينة الشمالية بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة، بعد قتل القيادي في جبل محسن عبد الرحمن دياب، من قبل ملثمين في منطقة الميناء. وأسفرت الاشتباكات عن وقوع قتيل وتسعة جرحى. وأطلق رفعت عيد، بعد الاغتيال تهديده، محددا ثلاثة أسماء، اتهمهم بأنهم ارتكبوا الجريمة ويتوجب القبض عليهم، فيما تناقل الطرابلسيون رواية أخرى تتهم عيد بتصفية القيادي لديه.

وسخر رفعت عيد من هذه الرواية التي اعتبرها غير منطقية قائلا في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «لم يأت تهديدنا إلا بعد أن قتل لنا ثلاثة أشخاص، واستهدف أكثر من ستين شخصا من أهلنا في جبل محسن بالرصاص الحي في أرجلهم، ونحن نعلم أن الاغتيال لن يتوقف عند دياب. وعلى الدولة أن تقوم بواجباتها».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجهات المولجة بالتحقيق في قضية مقتل عبد الرحمن دياب، سحبت أشرطة الكاميرات الموجودة على مقربة من مكان وقوع الجريمة، كما بدأ العمل على تحليل «داتا» الاتصالات لتحديد هوية الجناة.

وإذ بقيت منطقتا جبل محسن وباب التبانة حذرتين أمس من انفجار التوتر، تواصلت بعض أعمال القنص المتقطعة، وأزال الجيش بعض الدشم والمتاريس وعمل على تدعيم مواقعه، تحسبا لعودة الاشتباكات في أي لحظة. كما شهد يوم أمس إطلاق اتهامات وتهديدات متبادلة بين المنطقتين، لا سيما بين المسلحين. وهدد مسلحون من باب التبانة بالدخول في المعركة في حال نفذ الحزب العربي تهديداته، من بينهم، مقاتلون قدامى من أيام الحرب الأهلية اللبنانية لم يشاركوا في المعارك، مثل المدعو «الرقيب ملص» الذي أكد في بيان له أنه «لن يبقى مكتوف الأيدي في حال تعرضت طرابلس للقصف».

وفتح إصرار الحزب العربي الديمقراطي على الاقتصاص السريع من الجناة في مقتل عبد الرحمن دياب، الباب واسعا بالأمس أمام مقاتلي باب التبانة وفعالياتها، للكلام عن ضرورة الاقتصاص أيضا من واضعي تفجيري التقوى والسلام في طرابلس، في أغسطس (آب) 2013 اللذين أوديا بحياة 52 قتيلا وإصابة نحو 500 جريح، في وقت لا يزال والد رفعت عيد، النائب العلوي السابق علي عيد يتخلف عن المثول أمام المحكمة لاستجوابه بتهمة نقل متورطين بالتفجيرين إلى سوريا.

وكان لافتا أمس تأكيد رفعت عيد لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس «إننا نحن من يطالب بالتسريع بالتحقيق، وباستدعاء من أعطينا أسماءهم واتهمناهم، ولا نمانع بتحويل القضية إلى المجلس العدلي كما يطالب البعض، ولن يزعجنا حتى تحويل قضية التفجيرين إلى المحكمة الدولية، إن أحبوا ذلك»، مشددا على أن «ما نريده هو إظهار الحقيقة، ونحن لم نقل إن سائقنا ليس متورطا أبدا لكننا أعطينا أسماء آخرين، ونريد التحقيق معهم بكل جدية».

ويعتقد الشيخ نبيل رحيم من هيئة العلماء المسلمين أن «بداية تفكيك التوتر في طرابلس، يبدأ من إظهار الحقيقة في قضية التفجيرين لأن من يعتدون على أبناء جبل محسن، يقولون إنهم يفعلون ذلك بسبب تراخي الدولة عن القيام بواجباتها في هذا الموضوع».

وفي حين يبقى السؤال الكبير حول إذا ما كانت حكومة الرئيس تمام سلام، ستتمكن من فعل ما عجزت عنه الحكومات السابقة كونها تضم كل الأطياف السياسية اللبنانية، يقول القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش: «علينا أن ننتظر ونرى. تبين أن حزب الله لا يسيطر على كل الفئات الشيعية من عشائر وعائلات وغيرها، كما أن معظم القوى السنية الممثلة في الحكومة لا تستطيع السيطرة على المسلحين في باب التبانة، فبعضهم له ارتباطات متطرفة، وهناك آخرون عبارة عن (بلطجية) يمتهنون السلاح». ويضيف علوش: «أما فيما يتعلق بمقتل دياب، فهو قيادي كبير في الحزب وما حصل جريمة، وهناك علامات استفهام كبيرة حول من قام بها، وهل الحزب نفسه متورط أم لا»، مشددا على أنه «لا بد من معاقبة الفاعل، سواء كان من الجبل أو من باب التبانة».

وأكد علوش لـ«الشرق الأوسط» أن «المسلحين في طرابلس مرفوع عنهم الغطاء قبل وصول الحكومة الجديدة، ويبقى أن نرى ماذا ستفعله الحكومة الحالية وكيف ستتصرف؟» ولم يتأخر وزير الشؤون الاجتماعية، المتحدر من طرابلس، رشيد درباس، في التأكيد على أن «الحكومة الحالية لن ترضى أن تقف عاجزة أمام المخطط الشيطاني الذي تعيشه طرابلس منذ ثلاثين سنة». وقال: «هناك قوى معينة تحرك قادة المحاور»، واصفا مقولة «رفع الغطاء السياسي عن المسلحين، بأنها شتيمة توحي بأن المسؤولين متواطئون مع المسلحين». واعتبر «أن الحكومة ورغم المدة القصيرة المعطاة لها إلا أنها يجب أن تترك أثرا عبر تكثيف الظروف وتضافرها».