الأوقاف تواصل سيطرتها على منابر التحريض

الأزهر يواجه جهل التكفيريين بخطبة عن العلم ومشروعية صناعة السياحة

TT

خاض الأزهر الشريف في مصر معركة جديدة أمس، لمواجهة الأفكار والدعاة التكفيريين الذين يدعون المصريين للعنف ضد السلطات الحاكمة في البلاد، واستهداف السائحين بدعوى الحفاظ على الإسلام. وبينما وحدت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة عن قيمة العلم وأنه يجب عدم الإنصات لحديث أشخاص غير مؤهلين علميا يتحدثون في أمور الدين، أفتت دار الإفتاء بمشروعية صناعة السياحة بعد فتوى متشددة بحرمة السياحة لارتباطها ببعض الأفعال المحرمة من قبل السائحين.

أتى هذا كرد قوي لمواجهة دعاة التطرف والعنف، وتهديد بعض الجماعات المتطرفة للسائحين، حال قدومهم لمصر. وقال مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر، إن «علماء الأزهر أمس وحدوا خطبة الجمعة عن العلم والعلماء الذين يتحدثون بالوسطية بعيدا عن اللغو والتطرف، وذلك بعدما رصد الأزهر خلال الفترة الماضية تحدث بعض من علمائه في أمور سياسية أحدثت جدلا في الشارع، فضلا عن تصعيد بعض الدعاة المتشددين ضد صناعة السياحة».

وأعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا نهاية العام الماضي، وحملتها مسؤولية عمليات إرهابية استهدفت أبرياء في قلب العاصمة المصرية والمحافظات وشبة جزيرة سيناء، خلال الأشهر الماضية.

وأضاف المصدر المسؤول لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزهر يريد أن يرسل صورة جيدة عن الأوضاع في مصر للخارج، بأن الدين الإسلامي ليس فيه تشدد ضد أحد»، لافتا إلى أن الدليل على ذلك زيارات خارجية قام بها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وعلماء آخرون، للتأكيد على السماحة ورفض العنف والفكر المتشدد».

ومن جهة ثانية أدى عدد كبير من علماء الأزهر والأوقاف خطب الجمعة بالمساجد الكبرى في القاهرة والمحافظات أمس، فيما أطلق الأزهر مع وزارة الأوقاف قافلة دعوية إلى محافظة مطروح (أقصي غرب القاهرة) في محاولة لمحاربة الفكر المتطرف، وبث خطب الدفع بالوطن إلى الأمام بأسلوب وسطي بعيدا عن اللغو والتشدد.

ودعا وكيل الأزهر الشريف، الدكتور عباس شومان، العلماء إلى التوحد والاهتمام بأحوال المصريين في جميع أنحاء العالم وفقا للمنهج المعتدل والوسطى والاهتمام بتحصيل العلم، والابتعاد عن السياسة وتركها للساسة. وحذر شومان، من منبر الجامع الأزهر بالقاهرة، من الخلافات بين العلماء وانقسامهم حول قضايا فرعية مما يتسبب في إحداث الفوضى في المجتمع.

وفرضت وزارة الأوقاف، إحدى مؤسسات الأزهر، سيطرتها على المساجد التابعة لتيار الإسلام السياسي، والتي أصبحت أرضا خصبة لدعاة التحريض منذ عزل مرسي، ووحدت موضوع خطبة الجمعة في جميع مساجد مصر.

من جانبه، أفتى الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، بأن الإسلام لا يمنع السياحة، ولا يعتبرها من المحرمات، لأن السير في الأرض للتجارة والصناعة وتبادل المنافع والتعرف على البلدان والشعوب أمر طيب ومحمود، وأن تنمية صناعة السياحة كمورد اقتصادي لمواجهة البطالة واجب ديني ووطني.

وأوضحت دار الإفتاء المصرية (إحدى المؤسسات التابعة للأزهر) في بيان لها أمس، ردا على إحدى الفتاوى المتشددة التي أطلقها بعض المواقع الإلكترونية التكفيرية وحرمت السياحة، أنه يجب حماية وتأمين السائحين لأن تأشيرة دخولهم البلاد تعتبر بمثابة عهد أمان لهم.. وعلى من يحرمون السياحة لارتباطها ببعض الأفعال المحرمة من قبل السائحين، قالت دار الإفتاء: «إن هذا لا يؤدي إلى تحريم أمر مباح لذاته، وإنما الأولى أن يقال إن السياحة في أصلها حلال». في سياق آخر، أبدى الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس اتحاد علماء المسلمين، خلال خطبة الجمعة أمس من العاصمة القطرية الدوحة، استعداده بأن يقف أمام أي محكمة لمحاسبته عما يقوله من آراء، في أول رد له على اتهامه بالتخطيط والتحريض على اقتحام السجون المصرية إبان ثورة 25 يناير عام 2011، مع 133 قياديا من جماعة الإخوان المسلمين، بينهم الرئيس السابق محمد مرسي.

وبعد غيابه عن خطبة الجمعة لمدة أسبوعين، شن القرضاوي هجوما على الرئيس الأسبق حسني مبارك».

وأضاف القرضاوي، أن «هناك خمسة بلدان عربية قام فيها ما يسمى بالربيع العربي، ولم يبق من هذه البلدان إلا البلد الأكبر مصر، الذي جاء رئيسها المنتخب شرعا - في إشارة منه لمرسى - لمدة سنة واحدة حتى أخذوه واختطفوه ووضعوه حيث يريدون».

كما وجه القرضاوي انتقادات كثيرة لمؤسسة الأزهر وشيخه، أسفرت عن إقالته من أكبر هيئتين بالأزهر الشريف، كان عضوا فيهما.

ويرفض القرضاوي قرارا مدعوما شعبيا لقادة الجيش والأزهر والكنيسة وسياسيين آخرين، بعزل الرئيس السابق في يوليو (تموز) الماضي، ويتهم السلطات الأمنية في البلاد باستخدام العنف المفرط في مواجهة المظاهرات المؤيدة للرئيس المعزول.