رئيس الحكومة المغربية: لم آت للدخول في صراع مع المؤسسة الملكية

ابن كيران يصف الفساد بأنه «متضامن ومتعاون».. ولا يمكنه محاربته وحده

عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، وخالد الناصري وزير الاعلام السابق قبيل اللقاء الذي نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للإدارة مساء اول من امس في الرباط (تصوير : مصطفى حبيس)
TT

نفى عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، تخليه عن صلاحياته الدستورية لفائدة الملك محمد السادس، لا سيما فيما يتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وقال إنه لم يأت إلى الحكومة للدخول في مشادة مع المؤسسة الملكية، فالعلاقة بينها وبين الحكومة والبرلمان علاقة تكامل وليس صراعا.

وقال ابن كيران، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس خلال لقاء حول «حكامة الأحزاب السياسية» نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للإدارة، في الرباط، إن الأسماء المقترحة لتولي المناصب العليا في المؤسسات العمومية تقترح أساسا من قبل الوزير المعني، فبعضها يتداول بشأنه في المجلس الحكومي وبعضها الآخر يتداول بشأنه في المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك. وزاد متسائلا وموجها كلامه للحاضرين في اللقاء: «هل لديكم مشكلة إذا اقترح الملك تعيين بعض الأشخاص في مناصب عليا؟».

وتطرق ابن كيران إلى قضايا عدة خارج الشأن الحزبي، ردا على أسئلة طلبة المعهد الذين حضروا بكثافة إلى اللقاء الذي لم يتخلَّ فيه ابن كيران عن تعليقاته الساخرة والمضحكة، رغم جدية المواضيع التي تناولها.

فبخصوص ما تردد عن غياب الانسجام داخل حكومته وتهديد أحزاب بالانسحاب منها، قال ابن كيران إن «الحكومة تتمتع بانسجام مطلق»، وحتى خلال النسخة الأولى منها ظل الانسجام مع وزراء حزب الاستقلال حتى آخر لحظة، لأن المشكلة كانت داخل الغالبية، وتحديدا مع حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال.

ونفى ابن كيران اعتزام أي من الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الانسحاب من الحكومة، وقال إن «هذا الأمر ليس لعبا، فإذا أراد حزب ما الخروج من الحكومة ينبغي أن يقول ذلك مباشرة، لكن لحد الآن لم يطلب أحد الخروج».

ورفض ابن كيران مقارنة الوضع في المغرب بالوضع في تونس ومصر، وقال: «مسارنا مختلف لأن لدينا نظاما ملكيا، والملك هو أمير المؤمنين». وأضاف أن الوضع في المغرب «جيد جدا ومحسود عليه» على مستوى المنطقة العربية، وأن الرهان اليوم يتمثل في تأمين ما تحقق من منجزات وتجنب الرجوع إلى الوراء، مشيرا إلى أن «احترام الديمقراطية والحكامة على مستوى الدولة والأحزاب سيؤدي إلى حل نزاع الصحراء».

وحول قدرة حكومته على محاربة الفساد، قال ابن كيران إن «الفساد متضامن ومتعاون» ولا يمكنه محاربته وحده، مشيرا إلى أنه عندما وصل إلى رئاسة الحكومة اكتشف أن كل القطاعات تعرف أزمة، وأن الإصلاح ليس بالسهولة التي كان يتصورها.

وأقر ابن كيران أنه راودته أكثر من مرة فكرة التخلي عن منصبه، لأنه كان يتساءل: هل سيطبق ما جاء من أجله؟ لكن مع مرور الوقت أيقن أن هناك دينامية للإصلاح برزت في المغرب وروحا جديدة سرت في المشهد السياسي، من تجلياتها المتابعة الإعلامية الواسعة للشأن السياسي من قبل المغاربة «فحتى الأطفال الصغار أصبحوا يعرفون ابن كيران».

وحول مدى التزام «العدالة والتنمية» بالحكامة، قال ابن كيران إن تشبث حزبه بالديمقراطية الداخلية في تسيير شؤونه يعود بالأساس إلى أن أعضاءه، أبناء الحركة الإسلامية، وكانوا آنذاك في العشرينات من العمر، تخلصوا مبكرا من «الشيوخ» الذين يفرضون هيمنتهم على أي تنظيم، مشيرا إلى أنه جرى انتخاب رئيس الجماعة الإسلامية التي كان ينتمي إليها عام 1981، والتي انفصلت عن تنظيم الشبيبة الإسلامية، عن طريق التصويت، قبل أن تتحول فيما بعد إلى حركة الإصلاح والتجديد.

واستعرض ابن كيران مختلف المراحل التي مر بها حزبه إلى حين انتخابه أمينا عاما له عام 2008 خلفا لسعد الدين العثماني، بطريقة ديمقراطية. وأكد ابن كيران أن حزبه لن يتخلى عن مرجعيته الإسلامية وإلا فلن يصبح له أي معنى، بيد أنه أضاف أن المرجعية الإسلامية التي يعتمدها الحزب تتماشى مع مستجدات العصر الحالي.

وأوضح ابن كيران أن الآليات الديمقراطية التي ترسخت داخل حزبه تفرض عليه حتى وهو أمين عام الرضوخ لها، إذ لا يملك الاعتراض على أي من القرارات التي تمخضت عنها، وأعطى مثالا على ذلك بعملية اختيار وزراء الحزب إبان تشكيل الحكومة التي جرت عن طريق التصويت أيضا، إذ لم يكن بإمكانه الاعتراض على أي من الأسماء التي رشحت حتى وإن لم يكن راضيا عن بعضها «لأن الديمقراطية جاءت بهم»، وأشار في السياق ذاته إلى أن اختيار المرشحين للانتخابات التشريعية يجري أيضا بطريقة ديمقراطية، فلو حاول التدخل لفرض زوجته وكيلة للائحة المخصصة للنساء في هذه الانتخابات «لانفجر الحزب، أو جرى طرده منه»، وذلك في انتقاد ضمني لما يحدث في أحزاب سياسية أخرى. وتساءل ابن كيران: «كيف يقوم بالإصلاح حزب لا يبدأ بنفسه؟».

وبخصوص «قضية الشوكولاته»، التي اتهم فيها عبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب المكلف التكوين المهني المنتمي لحزب الحركة الشعبية باقتنائها من المال العام، ومطالبة البعض بإقالته من منصبه بسبب ذلك، قال ابن كيران إن هذه القضية عندما أثيرت للمرة الأولى أزعجته كثيرا، فطلب من محمد مبديع وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة المنتمي للحزب نفسه التحقيق بشأنها، فأكد له أن فاتورة الشوكولاته لم تؤدها الوزارة. وأضاف أن من يملك دليلا على تورط الكروج فليقدمه، وحينها سيتخذ في حقه القرار المناسب، لكن في غياب هذا الدليل لا يمكنه تعريض الحكومة للزعزعة بسبب هذه القضية.