عائلات كورية فرقتها الحرب تلتقي في أجواء مشحونة بالعواطف

أول اجتماع من نوعه منذ أربع سنوات في منطقة حدودية

بارك يانغ - كون المقيم في كوريا الجنوبية (وسط) يودع شقيقه بارك يانغ - سو المقيم في الشمال بعد اجتماعهما في إطار برنامج جمع العائلات المفرقة بسبب الحرب في منطقة حدودية أمس (أ.ف.ب)
TT

تحولت الفرحة باللقاء لأول مرة منذ عقود بين عائلات من الكوريتين إلى مشاعر من الحزن أمس بعد انتهاء زيارة نادرة عبر الحدود وسط احتمالات أن لا يرى بعضهم بعضا مرة أخرى. وفي أكثر اللحظات تأثيرا في اللقاء المشحون بالعواطف، اضطر كوريون جنوبيون في الثمانينات من أعمارهم إلى وداع 174 من أقاربهم الشماليين، حيث رفض الكثير منهم في البداية الانفصال عن أحبائهم. وجرى منح هذه المجموعة من العائلات، التي ستليها مجموعة ثانية سمح لها باللقاء بعد 60 سنة من الانفصال بسبب الحرب الكورية التي استمرت من 1950 إلى 1953، ساعة للوداع في فندق في منتجع جبلي في كوريا الشمالية.

في بداية اللقاء الذي جرى أمس، انهمرت الدموع من عيون كثيرين، بينما أجبر آخرون أنفسهم على الابتسام لإخفاء مشاعرهم. والتقط بعضهم الصور وتبادلوا صورا قديمة وكتبوا عنوانيهم لأقاربهم رغم أن تبادل الرسائل مباشرة أو إجراء المكالمات الهاتفية ممنوع بين الكوريتين. ومع اقتراب لحظة الوداع، هيمنت المشاعر على الموقف وبدأ كثيرون بالبكاء.

وعقب الصعود إلى الحافلات لوح الكوريون الجنوبيون بأيديهم عبر النوافذ لأحبائهم الذين تركوهم خلفهم في كوريا الشمالية.

وقال الكوري الجنوبي لي ميونغ - هو (82 سنة) لشقيقه لي شول - هو (77 سنة) من كوريا الشمالية وهو يشد على يده: «لقد حاولت جهدي أن لا أبكي. أشكرك على السماح لي برؤيتك حيا وبصحة جيدة. حافظ على صحتك». أما بارك يانغ - غون (53 سنة) فركع على الأرض في الفندق وانحنى أمام شقيقه الأكبر يانغ - سو الصياد الكوري الجنوبي الذي خطف ونقل إلى الشمال أثناء قيامه بالصيد قبالة الساحل الشمالي الغربي في 1972. وقال يانغ - غون: «سنلتقي مرة أخرى إذا بقيت بصحة جيدة». ورد عليه شقيقه يانغ - سو بالقول: «سنلتقي عند توحيد الكوريتين. كن مؤمنا بذلك».

وأمضت العائلات 11 ساعة في إطار ستة لقاءات منذ الخميس تخللتها لقاءات جماعية لتناول الطعام ولقاءات خاصة في غياب كاميرات الإعلام. واضطر اثنان من كوريا الجنوبية إلى قطع اللقاءات بسبب مشكلات صحية وعادا إلى وطنهما في عربات إسعاف، بحسب وسائل الإعلام.

يذكر أن هذا أول اجتماع لعائلات كورية فرقتها الحرب (1950 - 1953) منذ عام 2010. ووافقت كوريا الشمالية في نهاية الأمر على الاجتماع في حين كانت تشترط من قبل إلغاء التدريبات العسكرية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة التي ستبدأ الاثنين المقبل. ويجري اختيار هؤلاء الأشخاص بالقرعة، وقد حملوا معهم بين أغراضهم الخاصة الهدايا والأدوية والصور التي تعود إلى ما قبل تقسيم شبه الجزيرة وكذلك صورا لعائلاتهم التي تقيم على جانبي الحدود.

واليوم الأحد، سيجتمع 88 كوريًّا شماليا مع 361 شخصا من ذويهم قدموا من الجنوب خلال اجتماع ثان سيستمر حتى الثلاثاء. ومن بين الـ125 ألف كوري جنوبي الذين طلبوا المشاركة في اللقاءات منذ 1988، توفي 57 ألفا منهم منذ ذلك الحين بينهم 3800 السنة الماضية والذين لا يزالون على قيد الحياة غير قادرين على تحمل مشقة السفر.

ونظمت أولى لقاءات العائلات في 1985 إثر تحسن في العلاقات بين الكوريتين قبل أن تعلق على مدى 15 سنة. ثم أتاحت قمة تاريخية بين الكوريتين في عام 2000 استئنافها والتقى نحو 21700 شخص لفترة قصيرة منذ ذلك الحين. وتوقف هذا البرنامج مجددا في 2010 بعد قصف كوريا الشمالية جزيرة كورية جنوبية تقع على حدودها البحرية التي تحتج عليها بيونغ يانغ. وتحت وطأة الضغط المتزايد من الولايات المتحدة التي تطالب بوقف البرنامج النووي الكوري الشمالي، أشادت الصين الحليف الرئيسي للنظام الكوري الشمالي بعقد هذه الاجتماعات التي تعد، كما قالت، «مهمة جدا». ووافقت سيول أول من أمس على قيام منظمتين غير حكوميتين بإرسال أدوية لمعالجة السل وحليب مجفف إلى كوريا الشمالية. ولا تزال الكوريتان عمليا في حالة حرب ولم توقعا معاهدة سلام بعد هدنة 1953.