طرابلس اللبنانية تلتقط أنفاسها بعد انقضاء مهلة جبل محسن «على خير»

رفعت عيد: من يعول على أننا سنضرب المدينة واهم

TT

تنفست مدينة طرابلس، شمال لبنان، الصعداء، ظهر أمس. إذ انتهت مهلة 48 ساعة حددها «الحزب العربي الديمقراطي» في منطقة جبل محسن للقبض على قتلة القيادي البارز عبد الرحمن دياب، بمؤتمر صحافي هادئ للمسؤول السياسي في الحزب، رفعت عيد، بعد توعده بانفجار أمني في المدينة.وكانت أخبار بدأت تسري منذ مساء ليل الجمعة أفادت بأن اتصالات سياسية مكثفة أدت إلى تبريد الأجواء. وأكدت أن طرابلس ذاهبة إلى التهدئة، وما كان يظن بأنه بداية الجولة الـ20 من المعارك ستطفئ نارها.

وظهرت صحة هذه الأنباء بعد مؤتمر صحافي عقده المسؤول السياسي في الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد، وأعلن خلاله أن «مهلة الـ48 ساعة التي أعطيناها كانت لتهدئة الشارع العلوي، وإطفاء غضب الناس». وقال إن «أحدا لم يفهم القصد الذي كنا نرمي إليه»، وعدّ أن «من يعول على أننا سنضرب طرابلس هو واهم بالتأكيد، فهذا لن يحدث».

وشدد عيد على أن «الحزب العربي الديمقراطي هو حزب لبناني، ونحن بالتالي تحت سقف القانون، وأهالي جبل محسن عقلاء ولا يفجرون المساجد»، محملا تيار المستقبل وفرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي «مسؤولية الحفاظ على الأمن في طرابلس».

وأعلن عيد خلال المؤتمر الصحافي موافقته على إحالة قضية تفجير مسجدي السلام والتقوى، التي تشير أصابع الاتهام إلى تورط عناصر من الحزب فيها، أحدهم يوسف دياب، نجل القيادي الذي اغتيل قبل أيام، إلى المجلس العدلي، كما يطالب البعض، مشترطا في الوقت ذاته أن «تحال أيضا إلى هذا المجلس قضية قتل ثلاثة أبرياء من جبل محسن بينهم القيادي عبد الرحمن دياب، واستهداف أكثر من 60 شخصا من جبل محسن بالرصاص».

واستبق كلام عيد موقف لما يسمى بـ«أولياء الدم» في جبل محسن، أعلنه أحمد عاصي، وجاء فيه أنه «إفساحا للمجال أمام الحكومة الجديدة طلبنا من الحزب العربي الديمقراطي عدم الانجرار إلى الفتنة». وقال إنه «من الفضائل حفظ السلم الأهلي في طرابلس وتكريس منطق العيش المشترك وعدم سفك دماء الأبرياء».

وعلى الرغم من اللغة التطمينية لعيد في مؤتمره الصحافي، فإن ذلك لا ينفي بقاء طرابلس تحت رحمة المسلحين، وهو ما لمح إليه عيد بقوله، أمس، إن «مشكلة طرابلس لم تحل ولتتحمل الحكومة مسؤولياتها»، داعيا من يعملون على «إشعال الفتنة» إلى الانتباه إلى أن «الوضع الإقليمي يذهب إلى مصالحات، وليس من المقبول أن يتفق الجميع ويبقى أهالي جبل محسن والتبانة يتقاتلون».

وجاء رد تيار المستقبل سريعا على لسان النائب أحمد فتفت، الذي عدّ أن ما قاله رفعت عيد «يدينه شخصيا، لأنه يعلم جيدا أن أمن مدينة طرابلس بيد الجيش اللبناني ومخابراته، ولا يعتقدن أحد أن للجيش اللبناني تبعية معينة وتحديدا لتيار المستقبل، فيما يتربص رفعت عيد في جبل محسن فارضا هيمنته على الطائفة العلوية الكريمة بحماية هذه الأجهزة».

ورأى فتفت، في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أن «المطالبة اليوم بتوقيف جميع المجرمين المعتدين، ابتداء من مفجري مسجدي السلام والتقوى والمعتدين على المواطنين العلويين وغير العلويين الآمنين في طرابلس».

وكانت مناطق التوترات شمال المدينة، تحولت خلال الأيام الثلاثة الأخيرة إلى أماكن شبه مهجورة، مخافة اندلاع اشتباكات عنيفة في أي لحظة. كما كان من انعكاسات هذه الأزمة الأمنية، التي تسبب بها اغتيال القيادي من جبل محسن، شلل المدينة وتعليق الامتحانات في الجامعة اللبنانية التي تقع قريبا من مناطق الاشتباكات، وهو ما عطل عشرة آلاف طالب عن استكمال امتحاناتهم، وأربك المديرين الذين كانوا يصدرون قراراتهم للطلاب، ويوزعونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على وقع تصعيد البيانات الحربية، من هذه الفئة المسلحة في الجبل أو تلك في باب التبانة.

واتخذ الجيش اللبناني إجراءات خاصة، ليل أول من أمس، تحسبا لأي طارئ، تزامنا مع أنباء عن نيته عدم السماح بانفلات الوضع الأمني مجددا في طرابلس، وتوجهه لوضع حد للمخلين مهما كان الثمن.